الرئيس بوتفليقة يرقص على أنغام الانتصار نسفت أرقام الرئاسيات عدة تخمينات وتوقعات، فكانت نسبة المشاركة "مفاجأة" لم يدرجها لا المشاركون ولا المقاطعون ضمن أجندة تنبؤاتهم الإنتخابية، وصنعت قائمة النتائج، "مفاجأة" أخرى، سواء بالنسبة للترتيب أو الأرقام التي تحصل عليها كل مترشح، وهي "الكوطات" التي عبّر عنها الصندوق بطريقة كاريكاتورية * تقرأ المسافة الكيلومترية الفاصلة بين المترشح الفائز والمترشحين الخمسة الذين تحصلوا على "فتات" الأصوات المعبر عنها إستنادا إلى نسبة المشاركة القياسية والنسبة المائوية التي تحصل عليها الرئيس المنتخب لعهدة ثالثة. * الأغلبية الساحقة التي طلبها المترشح المستقل عبد العزيز بوتفليقة، خلال الحملة الإنتخابية، تحولت من "الشرط" إلى واقع سياسي قرأته نسبة ال 74.54 بالمائة التي حصدها في ثالث إنتخابات رئاسية يترشح لها، وقد تحصل الرئيس المنتخب لولاية جديدة، على قرابة ال 13 مليون صوت، في وقت توزع المليوني صوت "المتبقية" على "المنافسين" الخمسة بنسبة "هزلية" لا ترقى وهي مجتمعة لتمثيل جزئية بسيطة من "حصة الأسد" التي كانت من نصيب بوتفليقة. * * بوتفليقة.. أغلبية ساحقة تصنع "حق الفيطو" * النسبة التي تحصّل عليها "الرئيس المترشح" ستكون برأي مراقبين "حقّ فيطو" سيستخدمه خلال الخمس سنوات المقبلة لإستكمال برنامجه الإنتخابي، على رأسها ميثاق السلم والمصالحة، ضمان التوازنات الإقتصادية، الأجور والقدرة الشرائية، التشغيل والسكن، محاربة الفساد و"المافيا"، وسيعمل رئيس الجمهورية "الجديد" خلال العهدة المقبلة بإسم "الشعب الجزائري" أو بإسم "الأغلبية الساحقة" على توظيف هذه المفاتيح لغلق الملفات المفتوحة وفتح الملفات التي مازالت مغلقة. * النسبة القياسية التي فاز بها بوتفليقة (90.24 بالمائة) بوسعها حسب ملاحظين أن تعزز صلاحياته بما يمكنه من تجميع مختلف "القرارات" الحاسمة والمصيرية، وقد أثقلت رئاسيات 9 أفريل 2009 رصيد بوتفليقة مقارنة برئاسيات 1999 و2004، حيث لم تبلغ لا نسبة المشاركة ولا نسبة فوزه، النسبة التي حصدها في ظل نداءات وتحريضات المقاطعة. * * إنتصار للحلفاء والشركاء في إنتظار تقسيم "التركة" * لكن هذا الإنتصار الكاسح، سيعطي بالمقابل، الكلمة لاحقا لأحزاب التحالف الرئاسي والتنظيمات والجمعيات، ومختلف "الشركاء والحلفاء" للحديث عن "كفاءتهم" في تجنيد الناخبين وراء مرشحهم، كما سيوظف هؤلاء نسبة المشاركة القوية لإثبات نجاعتهم في الإستدراج وإغراء الأغلبية المطلقة من الجزائريين وإنجاح مهمة كسر شوكة المشكّكين والمشوّشين. * وهذا "التبنّي" سيفتح الأبواب على مصراعيها لإعادة النظر في توزيع المكاسب والحقائب، سواء خلال التعديلات الحكومية، أو أثناء التغييرات المرتبطة بمناصب المسؤوليات على مستوى سلكي الولاة ورؤساء الدوائر والسلك الديبلوماسي وغيرها من الوظائف التي عادة ما تتم بالتعيين و"الوساطة" والإنتقاء من وسط الجديرين ب "المكافأة" و"رد الجميل"، وهنا يتذكر المراقبون ما قاله الرئيس بوتفليقة خلال عهدته الأولى، بأنه واجه "صعوبات" عند لجوئه إلى إعادة النظر في التركيبة الحكومية، وذلك بسبب "القوائم" المتعددة التي كان يستقبلها من عند قيادات الأحزاب التي دعمته، لكنه أكد بالمقابل، أن الإئتلاف الحكومي هو الذي جاء إليه وليس العكس، غير أن متابعين يعتقدون أن الرئيس لن يخذل مسانديه "الحقيقيين" بإجراءات نابعة من "جزاء سنمار"، في وقت لا يستبعد إندلاع حرب داحس والغبراء بين هؤلاء على "إقتسام الجوائز"!. * * لويزة حنون.. نسبة ضعيفة لا تعكس "قوة" حزب العمال * فشلت لويزة حنون في "فرض" نفسها كبديل للجزائريين مثلما كانت تنادي به خلال 19 يوما من الحملة، وتأتي النسبة التي تحصلت عليها مرشحة حزب العمال (4.22 بالمائة) لتقرأ بعد السماء عن الأرض الذي يفصلها عن الفائز بالمرتبة الأولى، ورغم أن "المرأة الحديدية" إستفادت من المرتبة الثانية (604258 صوت)، إلاّ أن الضربة كانت موجعة إنتخابيا، ستضطر حنون على مراجعة حساباتها وترتيب أوراقها مستقبلا، خاصة عند إقتراب الإنتخابات المحلية والتشريعية القادمة، وإن كان لا يمكن المقارنة لا شكلا ولا مضمونا بين إستحقاق إنتخاب رئيس الجمهورية وإقتراع إختيار النواب والأميار. * * موسى تواتي.. مرتبة ثالثة لا تسمح بالدور الثاني * تبخرت "رؤية" موسى تواتي، مرشح الجبهة الوطنية الجزائرية، الذي رأى فيه أنه سينافس بوتفليقة في دور ثان، وماعدا ذلك فإن ""التزوير" برأيه طبع الإنتخابات طولا وعرضا، لكن "حصة" تواتي توقفت عند المرتبة الثالثة بنسبة 2.31 بالمائة بعدد أصوات بلغ 330570 صوت، وهي الكيلومترات التي تجعله بعيدا كل البعد عن محطة الدور الثاني أو حتى العاشر، وفي قراءة سطحية، فشل تواتي في حفظ "كرامة" الأفانا أمام حزب العمال الذي نجحت مرشحته في إختطاف المرتبة الثانية، وهو ما سيعرض تواتي مستقبلا حسب مراقبين، إلى عملية جلد بالأرقام من طرف حزبه ومناضليه قد يطلبونه إلى "بيت الطاعة" والحساب والعقاب بعد النتيجة التي خرج بها من أول تجربة وسباق رئاسي له في تاريخه الحزبي. * * جهيد يونسي.. نسبة لا تمثل الإسلاميين * لم يفلح جهيد يونسي، مرشح حركة الإصلاح الوطني، في مهمة ترسيخ فكرة أنه "مرشح الإسلاميين"، فالنسبة التي تحصل عليها (1.37 بالمائة ما يقابله 196674 صوت) تضع يونسي في مأزق وزاوية حادة، خاصة بالنسبة لحركته وأنصاره الذين راهنوا عليه كبديل لعبد الله جاب الله الذي سيجد في "هزيمة" يونسي مشجبا لتعليق إنكسار وإنتحار الحركة التي أسسها وغادرها "مطرودا". وقد تنبّأ يونسي على غرار تواتي بدور ثان، وهي التوقعات الإنتخابية التي تحولت إلى معجزة سياسية أو مهمة مستحيلة غير قابلة للتحقيق، وقد أضعفت الإنتخابات الرئاسية "حظوظ" يونسي في قدرته لاحقا على إقناع قيادات الحركة وقواعدها بأنه صوت مسموع ونافذ خلال العمليات الإنتخابية. * * فوزي رباعين.. المرتبة الخامسة ب"الإنقاذ" * لم تصدق "نبوءة" فوزي رباعين، مرشح حزب عهد 54، والتي مفادها أن "السلطة حسمت في الترتيب وأدرجته في القائمة الأخيرة"، لكن نتيجة الإقتراع بدّدت ذلك، حيث فاز رباعين بالمرتبة الخامسة بعدد أصوات بلغت 133129 صوت بنسبة 0.93 بالمائة، وهي الأرقام التي نجت طبيب العيون من ذيل قائمة الترتيب، لكنها ستفتح عليه أيضا أبواب جهنم داخل حزبه على إعتبار أن رئاسيات 2009 هي ثاني تجربة له في الماراطونات نحو قصر المرادية. * * محمد السعيد.. مرتبة أخيرة تهدّد إعتماد حزب جديد * أحالت الأرقام المترشح الحر، محمد السعيد، على ذيل قائمة ترتيب المترشحين للرئاسيات، بعدد أصوات قدرت ب 132242 صوت بنسبة 0.92 بالمائة، أي بفارق بسيط مقارنة مع سابقه في الترتيب، فوزي رباعين، وهي النسبة التي سيعتبرها متابعون "تراجع لشعبية" حركة "الوفاء والعدل" غير المعتمدة لمؤسسها أحمد طالب الإبراهيمي، على إعتبار أن السعيد كان أحد قيادات هذه الحركة بعد رئاسيات 1999، وسيرّكز هذا الأخير، إهتماماته وأولوياته بعد إنتهاء التنافس الرئاسي، على إفتكاك إعتماد حزبه الجديد من مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية، التي قد تستخدم حسب ملاحظين النسبة التي فاز بها السعيد، للنظر في قرار توقيع الإعتماد من عدمه!.