ارتفعت في الآونة الأخيرة العديد من الأصوات المطالبة بإنشاء أحزاب سياسية، سواء قبل الرئاسيات أو بعدها، لا بل إن البعض سجل حضوره في موعد التاسع أفريل * سواء بالترشح أو بمساندة الرئيس، فقط من أجل الاقتراب من وزارة الداخلية مراهنا على فسحة من الشرعية تمنحها إياه للتواجد سياسيا وحزبيا، والأمر هنا يتعلق بثلاثة أحزاب على الأقل، ما تزال أفكارها رهن الإعداد والتأسيس والتمحيص، وهي حركة الوفاء لمحمد السعيد، و"الدعوة والتغيير" لعبد المجيد مناصرة، أو الحركة الديمقراطية الاجتماعية التي وُلدت في وهران وتراهن على إنعاش المعسكر الديمقراطي الذي تحول إلى جثة هامدة؟! * مزيد من الأحزاب، وقليل من النضال، ذلك هو المشهد السياسي الراهن، والقابض على اللحظة المجتمعية السائدة، لا بل إن التحالف الرئاسي، تغيرت مواقع رؤوسه داخل الحكومة، سواء بتزعم أويحيى المشهد بعد بلخادم، أو بانسحاب سلطاني، أو لنقل إعفاءه مثلما يريد وصف عزلته الحكومية المؤقتة بعيدا عن الوزارة، إلا أنّ المشهد الحزبي لم يتغير وكأنه "ستاتيكو سلطوي" قوامه برنامج الرئيس، ومضمونه مساندة الرئيس، وأصل الاتفاق فيه والاختلاف هو الرئيس ولا شيء غير الرئيس؟! * هل نحن بحاجة لمزيد من الأحزاب السياسية؟ وهل يمكن لحزب جديد ترضى عنه وزارة الداخلية أن يمنح متنفسا جديدا للتغيير أو للتفكير أو للتدبير؟! أم أن الأمر سيكون شبيها بحلقة جديدة من مسلسل "موسى الحاج والحاج موسى"، أو كما يقول أهل الشام في أمثالهم.. "تيتي تيتي مثلما رحتي جيتي"؟! * المشهد الحزبي في البلاد، ومعه نقصد عموما المجتمع المدني المفقود، يبدو بحاجة إلى أكثر من أجهزة تنفس اصطناعية، لأنه تجاوز مرحلة الإنعاش التي تحدثنا عنها أكثر من مرة إلى الدخول في موت سريري مع تضاؤل الأمل بالنجاة أو الشفاء؟! * سرطان التبعية للسلطة، وفقدان مبادئ النضال، وحالة التيه الإيديولوجي والسياسي، كلها أمور لا تشجع على الترحيب بأحزاب جديدة، ولا بأفكار محكوم عليها مسبقا بالدخول في تيار ظاهره التعددية وباطنه التزلف والتقرب أو التباهي والتفاخر، كما أن أحزابا تنخرط قبل التأسيس ضمن أجندة محددة سلفا لا يمكنها أن تنتج تغييرا ولا تأثيرا، بل ستكون مجرد أرقام جديدة، تتسابق على الريع في نادي المنتفعين السياسيين والمتحزبين القدامى والجدد؟!