حرب صامتة بين رجلين في الدولة فجرت مغانم تولي المسؤوليات بهياكل الغرفة السفلى حمى من الاستقطابات والتجاذبات داخل الكتلة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، تحسبا لانتخابات تجديد الهياكل، حيث باشر المتسابقون حملة انتخابية جوارية لاستمالة الأصوات المترددة قبل أقل من أسبوعين عن هذا الموعد المرتقب نهاية الشهر الجاري. * ومما زاد من حمى هذه المعركة، ارتفاع قيمة الامتيازات المالية التي يدرها تولي المسؤوليات بهياكل المجلس على أصحابها، بحيث ارتفعت إلى ما يقارب 4 ملايين سنتيم بالنسبة لنواب الرئيس ورؤساء اللجان، وما يقارب 3 ملايين سنتيم بالنسبة لنواب رؤساء اللجان والمقررين، والتي تشكل 20 بالمائة من التعويضة الأساسية في أجر النائب. * فباستثناء منصب رئيس المجموعة البرلمانية، الذي يعتبر من صلاحيات الأمين العام للحزب، على اعتبار أن هذا المنصب سياسي (بحسب المبررات المقدمة)، تبقى أبواب الاحتمالات مفتوحة على مصراعيها بالنسبة لعضوية مكتب المجلس، الذي يحوز فيه الحزب على ثلاثة مناصب، يشغلها في الطبعة الحالية، كل من مسعود شيهوب نائب الرئيس المكلف بالتشريع، ومحمد الصغير قارة نائب الرئيس المكلف بالإعلام، وكذا محمد ضيف نائب الرئيس مكلف بالإدارة. * وتنتظر الأسماء الثقيلة في الحزب الواحد سابقا، فرصة تجديد هياكل الغرفة السفلى، كي تتموقع من جديد عبر بوابة استرجاع المسؤوليات التي فقدوها في انتخابات تجديد الهياكل العام المنصرم، وفي مقدمة هؤلاء كل من النائب محمد عليوي، رئيس اتحاد الفلاحين، الذي خسر عضوية مكتب المجلس في التجديد الأخير، ونائب ولاية المدية، عمر وزاني، اللذان كانا قد توليا منصبيهما خارج الصندوق، بعد أن كانا من بين المحظوظين بتعيينهما من طرف الأمين العام للحزب، عبد العزيز بلخادم، في هياكل المجلس، بحجة عدم معرفة النواب لبعضهم البعض لحداثة عضويتهم بالهيئة التشريعية مطلع العهدة البرلمانية الحالية. * ويوجد من بين اشد الطامحين للعودة إلى تولي المسؤوليات بمبنى زيغود يوسف، عضو الأمانة التنفيذية للحزب عبد الحميد سي عفيف، الذي خسر في آخر انتخابات تجديد الهياكل رئاسة لجنة الشؤون الخارجية والجالية، لصالح غريمه رقيق بن ثابت، الذي شرع في تسويق اسمه في اطار حملة انتخابية، الغاية منها حرصه على الاستمرار في منصبه، شأنه شأن طيفور بن موسى الذي يبحث بدوره عن بقائه على رأس لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات. * وتبدو حاجة الغرفة السفلى ملحة لجهود النائب مسعود شيهوب، الضليع في الشؤون التشريعية، وهو ما يرجح بقاءه عضوا بمكتب المجلس، لاسيما وأنه يعتبر الرجل الثاني في الغرفة السفلى، بحيث سرعان ما يتحول إلى الرقم الأول، عندما يكون زياري في عطلة أو في مهمة خارج البلاد، بفضل الثقة التي يحظى بها لدى المسؤول الأول بمبنى زيغود يوسف. * وعلى عكس حالة منصب نائب الرئيس المكلف بالتشريع التي تبدو محسومة مسبقا لصالح شاغله الحالي، وكذلك الشأن بالنسبة لرئاسة المجموعة البرلمانية، العياشي دعدوعة الذي يوجد في وضعية مريحة، بعد أن تبددت الزوبعة التي أثيرت حول أهليته لمنصبه في آخر تجديد للهياكل، تبقى بقية المناصب، وفي مقدمتها منصب رئيس لجنة المالية والميزانية، الذي يشغله حاليا، الطيب نواري، محكومة بمدى قدرة أي من المرشحين على حشد الأصوات الداعمة، مع مراعاة عامل التوازن الجهوي، الذي يعتبر أحد أهم محدد لهوية الفائز، في الوقت الذي أصبح هامش تدخل كل من الأمين العام للحزب، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، من أجل توجيه النواب الناخبين، محدودا جدا، بسبب نمط الاقتراع السري، الذي يصعب مراقبته. * وتقول مصادر برلمانية، إن معركة تجديد الهياكل ستكون حربا بالوكالة بين الرجل الأول في الجبهة، وزياري الباحث عن تموقع في الحزب، على غرار سلفه عمار سعيداني، الذي كان ولازال يشغل عضوية الأمانة الوطنية مكلف بالمنتخبين، وهو ما يعني أن زياري سيعمل جهده لفرض النواب الموالين له كي يشكل بهم وسيلة ضغط على بلخادم للنزول عند مطالبه.