أفتى المستشار بالديوان الملكي السعودي الشيخ عبد المحسن العبيكان بجواز إفطار المتضررين من الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي إذا شق عليهم الصوم؟! * * هذه الفتوى تأتي، بحسب مصادر إعلامية، متزامنة مع شكاوى أطلقها المواطنون في عدد من مدن المملكة، نظرا لاحتياجهم الشديد للكهرباء لتسيير أعمالهم، فضلا عن أن المرضى بحاجة كاملة لها لتلقي العلاج... السؤال هنا، ماذا لو جاء الشيخ العبيكان إلى الجزائر واطلع على تلك الظروف التي برر بها فتواه؟! * بشكل آخر، تخيّل لو أن العالم السعودي الشيخ العبيكان طبّق فتواه على الجزائريين ولاقى اجتهاده صدى إيجابي في بلدنا، ماذا سيكون حينها الحال والأحوال؟، لاشك أن نصف الشعب إن لم نقل جميعه سيفطرون برخصة شرعية، خصوصا عندما نعلم أن الشعب في رمضان "يتدين أكثر" كما يتحوّل نصفه إلى عالم ونصفه الثاني إلى فقيه وتصبح برامج الفتاوى على الهواء، تذاع في الشوارع والمقاهي والأرصفة، وكأنها "ملاعب العالم"، أي أنها تتحوّل إلى فتاوى على الهوى، وكما تعلمون.. من اتبع هواه فقد ضلّ؟! * لكن الفتوى التي قدمها الشيخ العبيكان، يُتخيّل لنا وكأنها تنطلق من واقع التعذيب اليومي والمتواصل الذي يعيشه الجزائريون البسطاء عبر أكثر من قرية وبلدية، أين تغيب الكهرباء أكثر مما تحضر وتصبح الشموع سيدة الموقف، وكأن الحكومة تسعى لخلق شعب رومانسي حالم، يتمدد حلمه حتى السقف، لكنه يتبخر بمجرد وصول فواتير الكهرباء التي لا يعلم سوى الله عز وجل، ثم عمال سونلغاز كيف يتم تحريرها وحسابها وقياسها؟! * لماذا تحوّلت الكهرباء إلى حلم في بلد الطاقة والغاز؟، ولماذا يرد الجزائريون على هذا التقصير الحكومي الفادح بالبحث عن آخر صيحات الاحتيال على الفواتير؟ والأهم من هذا وذاك، هو لماذا يستغرب البعض لجوء عدد كبير من المواطنين للربط غير الشرعي بشبكة الكهرباء؟، فإذا كان وجودهم كمواطنين ناقص الشرعية، وهجرتهم لا شرعية، وإنجابهم للأطفال في كثير من الحالات لا شرعي، وتجارتهم الأكثر نشاطا لا شرعية، ونظامهم الانتخابي في غالبية حالاته لا شرعي، فهل ستقف الدنيا، وتتوقف الحياة، لو كان ارتباطهم بالكهرباء غير شرعي أيضا؟. * نحن شعب نعيش بالكهرباء والطاقة في كل مراحل حياتنا حتى أصبحنا شعبا مكهربا، كما أن استعمالات المازوت في حياتنا توّسعت إلى حد استعماله في تحضير الزلابية بدلا من الزيت، مثلما وقع في ولاية الأغواط مؤخرا؟!، وبعد كل هذا، ألا يبدو واقعيا القول أن الشيخ العبيكان أصدر فتواه المضيئة تلك انطلاقا من واقع الجزائريين المظلم؟!.