إطار في الشؤون الدينية رفض الترخيص للشيخ بالتدريس في مسجد قاريدي كل شيء كان مهيئا لاستقبال الشيخ أبي إسحاق الحويني، فالتذاكر قُطعت والتأشيرة مُنحت، ولم يعترض الأمن المصري على زيارته كما فعل في المرة السابقة.. وبدت كل الظروف مواتية، في الظاهر، لاستقبال أحد أكبر المرجعيات السلفية في العصر الحاضر، لكن أشياء كثيرة تضافرت، بعضها حيك في الخفاء، وبعضها في العلن، ليقرر الشيخ الحويني ساعات قبل موعد سفره إلغاء هذه الزيارة. * وتمت دعوة الشيخ أبي إسحاق بالتنسيق مع ممثل جمعية البشائر في الخليج، ورئيس قسم الدعوة بمؤسسة الشيخ عيد آل ثاني الخيرية بقطر نسيم ربيكة، حيث اتصل بالشيخ وهو في مصر يوم السابع من شهر رمضان ليُبلغه بالدعوة إلى الجزائر، وهي الدعوة التي رد عليها الشيخ الحويني بالإيجاب يوما بعد ذلك، على أن يتم تحديد الزيارة يوم الجمعة 14 رمضان، أي يوم أمس، وفور هذا التأكيد، بدأت "جمعية البشائر" في إعداد برنامج الزيارة وحجز القاعة البيضاوية والسعي للحصول على ترخيص من وزارة الشؤون الدينية يمكّن الشيخ من إلقاء محاضرات في المساجد، لكن المشكلة كانت على مستوى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، حيث أبدى إطار بها تحفظه من منح ترخيص للشيخ للتدريس في مسجد قاريدي بالعاصمة، محتجا بحجج لَبِقة، رغم أن الحويني من أبرز المراجع العلمية المشهورة عالميا، وهو يحظى بصوت مسموع لدى كل الأطياف بما فيها التيارات السلفية التي تتبنى العمل المسلح، حيث يؤكد الشيخ حرمة حمل السلاح وإزهاق الأنفس وإراقة الدماء، واستمر الوضع على هذه الحال إلى حين ساعات من زيارة الشيخ، حيث تدخل بعض الغيورين لدى وزير الشؤون الدينية الذي أصدر تعليماته بمنح الترخيص لواحد من أبرز المرجعيات العلمية السلفية. * وفي الأثناء ذاتها، وردت إلى الشيخ حوالي 50 رسالة عبر البريد الإلكتروني، وكذا عشرات المكالمات الهاتفية التي حذّرته من السفر إلى الجزائر، تحت ذرائع مختلفة، من بينها أن الجمعية التي استضافته ليست على المنهج السلفي بزعمهم وأن التظاهرة التي سيحضرها الشيخ، وهي فعاليات ملتقى القرآن الكريم، سيشارك فيها الصوفيون وغيرهم، فاتصل الشيخ بأحد الدعاة الجزائريين الذين تربطه بهم علاقات جيدة واستفسر عن الموضوع، ففند الداعية الجزائري ما نُقل للشيخ عن جمعية البشائر وأثنى عليها وحثّ الشيخ على زيارة الجزائر، معتبرا أن هذه الزيارة ستكون خيرا كبيرا بالنسبة للجزائريين، فتحمس الشيخ للزيارة وزالت بعض شكوكه. * وفي اتصال هاتفي مع منسق الزيارة نسيم ربيكة من الدوحة، أفاد بأن الشيخ الحويني كان يطلب في كل مرة تفاصيل برنامج زيارته إلى الجزائر، ولكن بسبب تأخر منح ترخيص وزارة الشؤون الدينية تعذر الإعداد لبرنامج محدد، مما أدى إلى استياء الشيخ الذي كان يقول له: "كيف سأسافر للجزائر بعد ساعات وأنا لا أعرف البرنامج المحدد، وهذا يعني أن الإعلانات لم تنشر بعد وفيها كل تفاصيل الرحلة وهذا ما يجعلني أتخوف من هذه الزيارة غير واضحة الملامح"، ونظرا لكل هذا، قرر الشيخ الحويني الاستخارة يقول محدّثنا ثم أعلن إلغاء هذه الزيارة. * وبحسب منسّق الزيارة دائما، فإن الرسائل والمكالمات التي وردت إلى الشيخ، أصحابها معروفون بانتمائهم إلى "جماعات التصنيف" وهي جماعات سلفية تنتسب إلى محمد أمان الجامي وربيع المدخلي وهم لذلك على حد قوله دائما "همّهم هو جرح الناس وسب العلماء وتبديع الناس وهؤلاء أعداء الدعوة في الجزائر، فهم يهدموا كل ما هو خير وأصبحوا يؤثّرون في مسيرة المصالحة والصلح التي كلنا نسعى للمحافظة عليها وترسيخها بين أوساط جميع الجزائريين". * وفي اتصال هاتفي مع رئيس "جمعية البشائر" لخضر بومرزوق، أعرب محدّثنا عن أسفه وتفاجئه من قرار الشيخ بإلغاء الزيارة، معتبرا أن من سعى لإلغائها "لا يُريد مصلحة البلاد"، معتبرا في السياق ذاته أنه سيبقى دائما مستعدا لاستضافة كل من يساهم في خدمة الجزائر والدعوة الإسلامية القائمة على الوسطية والاعتدال.