مازالت قضية رفع أسعار تذاكر الدخول إلى ملعب "5 جويلية" تثير الجدل بين مؤيد ومعارض، لكن إدارة الملعب مازالت متمسكة بقرارها، مبررة ذلك بدوافع اقتصادية وتنظيمية تهدف إلى الحفاظ على اكبر منشأة رياضية كلفت خزينة الدولة أموالا طائلة من أجل تجديدها، وبالمقابل يندد الأنصار برفع سعر التذكرة ويعتبرونه مفرطا وغير مدروس. * * 500 دج سعر غير مسبوق.. والإقبال الجماهيري يتراجع * لما قررت إدارة المركب الأولمبي في أوت الماضي رفع سعر التذاكر إلى 500 دج، كانت تتوقع ردة فعل قوية من الجمهور الرياضي الذي لم يدفع قبل اليوم مثل هذه القيمة لمشاهدة مباراة في كرة القدم حتى لما يتعلق الأمر بالمنتخب الوطني. وكان رفع سعر التذكرة إلى 200 دج من طرف الإدارة السابقة لملعب "5 جويلية" قد أثار نفس الضجة. * ويقول أنصار الأندية العاصمية المعنية بهذه المسألة أن السعر غير ملائم وحجتهم في ذلك أن السواد الأعظم من المتفرجين من الشبان ومنهم العاطلين عن العمل ولا يمكنهم دفع مبلغ 500دج. وزيادة عن هذا، يطرح المتفرجون قضية أخرى تتعلق بظروف الإستقبال داخل الملعب وتوفره على وسائل الراحة الضرورية، فيما يذهب البعض إلى أن العروض الفنية التي يشاهدونها لا تستحق المبلغ الطلوب. * * ثلاث مقابلات أكدت موقف المتفرجين * منذ أن أعاد ملعب "5 جويليةّ" فتح أبوابه في الثاني عشر أوت الماضي بمناسبة اللقاء الودي بين "الخضر" ومنتخب الأورغواي، وقررت إدارة المركب الأولمبي رفع سعر التذاكر إلى 1000دج لأسباب تخصها، تبين أن المشجعين المعتادين على الملعب قد تلقوا صدمة أثرت عليهم بالغ التأثير. وكان واضحا أن "الخضر" في تلك المباراة بالذات لم يجلبوا جمهورهم الغفير الذي ناصرهم بقوة في ملعب البليدة في تصفيات كأس العالم وكأس الأمم الإفريقية. * وبالرغم من أن مباراة الأورغواي قد كانت بمثابة دليل واضح على وجود مشكل يتعلق بسعر التذاكر، إلا أننا لم نسجل أي رد فعل من إدارة المركب. وفي نفس السياق، أثبتت المقابلات المحلية الثلاث التي لعبت في "5 جويلية" (نصر حسين داي - اتحاد الحراش، مولودية الجزائر - نصر حسين داي، وأخيرا شباب بلوزداد - اتحاد الجزائر) أن الجمهور تغيب بفعل إرتفاع سعر التذكرة إلى 500دج. وكانت مباراة المولودية والنصرية خير دليل على إحجام الأنصار عن دخول الملعب، خاصة إذا علمنا بأن العميد قد استعاد أنصاره بعد تقدمه في البطولة عن بقية الفرق. أما مباراة شباب بلوزداد واتحاد العاصمة، فقد كانت كارثة حقيقية إذا أخذنا بعين الإعتبار العامل المالي البحت. * * إدارة "5 جويلية" متمسكة بموقفها.. ولا حل في الأجل المسمى * بالرغم مما أثارته قضية رفع سعر التذاكر، مازالت إدارة المركب الأولمبي متمسكة بموقفها. وقد عبرت عن ذلك على لسان مديرها العام السيد بلميهوب في أزيد من مناسبة الذي قال بأن الزيادة في السعر أملتها اعتبارات عديدة. ومن بين المبررات التي تحدث عنها المسؤول الأول في المركب الأولمبي، الجانب التنظيمي والمقصود به الإبتعاد عن مظاهر العنف التي ميزت بعض المقابلات وانتهت بتخريب مرافق الملعب ولا سيما الكراسي. وأمام هذا الوضع، فضلت إدارة المركب أن يحضر الجمهور بقلة ويلتزم الانضباط، أفضل من أن تحضر عشرات الآلاف وتخرب المرافق في لحظة غضب. وحتى وإن كان هذا المبدأ لم يقنع الغالبية العظمى من المتابعين لهذا الموضوع، إلا أن القائمين على الملعب فضلوا هذه الصيغة، غير آبهين بالجانب المالي. ويضيف المعارضون للتسعيرة الجديدة بالقول أن إدارة الملعب تريد استرجاع ما أنفقته على تجديد الملعب وهذا من حقها بطبيعة الحال. * * الأندية العاصمية في حرج.. وتأمل في التخفيض * الخمسة أندية المعنية بالأمر (م.الجزائر، اتحاد الجزائر ،شباب بلوزداد، نصر حسين داي، اتحاد الحراش) لم تهضم ما أقدمت عنه إدارة المركب الأولمبي، وتحدثت بدورها عن الجانب المالي بالذات. مسؤول نادي عاصمي قال للشروق بأن الاندية المذكورة تعاني أصلا من شح الخزينة وغياب الجمهور عن المباريات المحلية، يعني نقص الأموال وبالتالي تحل الأزمة التي قد تخنق الأندية. ومن المتوقع أن تقوم الأندية المعنية بهذه المسألة بتحرك جدي باتجاه السلطات الرياضية لإيجاد حل يرضي الجانبين. وكشفت بعض المعلومات من محيط ناد عاصمي أن إدارة هذا الأخير ستحاول الاتفاق مع إدارة المركب الأولبي حول صيغة تتمثل في الإحتفاظ بالتسعيرة في بعض المباريات فقط دون غيرها، والمقصود هنا هو المباريات المحلية التي تجلب اكبر عدد من الجماهير وبالتالي تدر الأموال التي تحتاج لها كل الأندية. * * التخريب وارد في كل المباريات.. ورفع الأسعار لن يحل المشكل * ولا يتردد ممثلو بعض الأندية العاصمية في انتقاد موقف إدارة المركب الأولمبي وتمسكها بموقفها من التسعيرة. ويرى هؤلاء بأنه كان على مسؤولي الملعب الجنوح إلى الليونة والتفكير بجد في الموضوع. وهناك من يضيف بأنه من الناحية الإقتصادية البحتة، كان على الإدارة تخفيض السعر الذي سيسمح برفع عدد المتفرجين وهو ما سيسمح لها بتسجيل مبيعات قياسية في كل المباريات المحلية، خاصة "الداربي" الكبير يبين المولودية واتحاد العاصمة. * أما بالنسبة للحجج التي طرحتها إدارة الملعب وفي مقدمتها التخريب الذي قد يلحق بالملعب كما حدث في عدة مناسبات سابقة، فإن المعارضين لسعر التذكرة يقولون بأنها حجة واهية لا يمكن هضمها، لأن كل المباريات قد أصبحت ذات مخاطر، ولا يستبعدون حدوث الشغب حتى في مباريات المنتخب الوطني، ويضيفون بالقول أن الذين يحدثون الشغب في الملعب ويهشمون الكراسي لا يعدون بالآلاف ولكنهم في الغالب مجموعات صغيرة تتظاهر لإثبات نفسها وتفعل ذلك في كل ملاعب الوطن. * * ٍالعايب (رئيس اتحاد الحراش): "لا أريد الحديث في هذا الموضوع" * رفض محمد العايب رئيس اتحاد الحراش التعليق على موضوع سعر تذاكر ملعب "5 جويلية"، مكتفيا بالقول: "هذا الأمر لا يهمني، و"ملعب 5 جويلية" ليس ملكا لي وبالتالي لا أريد الخوض في هذا الموضوع، لأن إدارة المركب الأولمبي حددت السعر ب 500دج وهي حرة في تصرفها. والمسؤولون الذين حددوا هذا السعر يتحملون مسؤولياتهم، فنحن لم يستشرنا أحد عند اتخاذ مثل هذا القرار، وعلى هذا الأساس نحن نرفض أي تعليق". * رفيق بلمان (مولودية الجزائر): "سنقترح على إدارة المركب الأولمبي صيغة جديدة" * قال رفيق بلمان، الناطق الرسمي باسم فريق مولودية الجزائر أنه غير موافق على التسعيرة الجديدة لتذاكر ملعب "5 جويلية" التي حددت ب 500دج: "لسنا موافقين على هذا السعر بطبيعة الحال، لكننا نرحب بكل الإقتراحات، ونفكر بجدية في تقديم عرض على إدارة المركب الأولمبي يتمثل في إعادة النظر في السعر، وسنتقدم باقتراح مفاده أننا موافقون على 500دج للتذكرة في المباريات الكبيرة مثل لقاء إتحاد العاصمة على سبيل المثال، لكننا لن نقبل بهذا السعر لما يتعلق الأمر بالمباريات الأخرى، خاصة ونحن سنستقبل طوال الموسم بهذا الملعب". وعن إمكانية لجوء العميد إلى القيام بتحرك جماعي مع بقية الاندية العاصمية، قال بلمان: "لم نتصل بعد ببقية الأندية، لكن الأكيد أن البقية موافقة على إعادة النظر في سعر التذكرة الذي نعتبره باهظا". * محفوظ كرباج (رئيس شباب بلوزداد): "500 دج للتذكرة سعر مبالغ فيه" * قال السيد محفوظ كرباج رئيس شباب بلوزداد أنه غير موافق على سعر التذاكر الذي حددته إدارة ملعب "5 جويلية": "السعر المحدد ب 500 دج ليس معقولا أبدا، وأنا أفضل في هذه الحالة اللعب في "20 أوت"، حيث أضمن حضور عدد كبير من الأنصار. وأعتقد أن السعر الذي حدد لا يسمح للأنصار بدخول الملعب بكثرة وهذا ما يؤثر بطبيعة الحال على العائدات المالية للنادي". * وعن إمكانية القيام بتحرك مع الأندية العاصمية الأربع الأخرى باتجاه إعادة النظر في التسعيرة، قال كرباج: "لم نقرر بعد، لكنني تحدثت رفقة الرئيس عليق يوم السبت الماضي مع مدير المركب الاولمبي، وفهمنا منه بأنه يعمل وفق ما تمليه مصلحة مؤسسته ذات الطابع التجاري وبالتالي فليس بإمكانه التراجع عن سعر التذاكر". * وعن الحجج التي تقدمت بها إدارة الملعب لرفع سعر التذاكر، قال المسؤول الأول في فريق شباب بلوزداد: "لست مقتنعا بما يقال عن الأسباب التي دفعت إلى رفع سعر التذكرة، لكنني أقول بكل صراحة أن السعر المنخفض سيسمح بدخول اكبر عدد من المتفرجين وبالتالي يزيد في عائدات الملعب وهذه عملية حسابية بسيطة، لكن القائمين على الملعب من حقهم أن يدافعوا عن مصالحهم". وبنبرة من خيبة الأمل، أضاف السيد كرباج: "لم أفهم لماذا يطلب من الأنصار دفع 500 دج لمشاهدة المباراة، في حين تسلم مئات الدعاوى توزع مجانا، وهذا معناه أننا نقلب الصورة، فنطلب من الشبان دفع مبلغ باهظ ونوجه الدعوات لأناس قادرين على دفع أكثر من المبلغ المطلوب". * كمال سعودي (نصر حسين داي): "500 أو 1000 دج... هذا لا يهمنا" * قال السيد كمال سعودي رئيس فرع كرة القدم لنصر حسين داي أن مسألة أسعار الملعب الأولمبي لا تهم فريقه، مؤكدا: "لا يمكنني الحديث في هذا الموضوع حتى وإن كنت مقتنعا بأن سعر 500 دج غير معقول بالنسبة للمتفرجين. وأما كمسير في فريق نصر حسين داي، أتمنى أن يأتي الأنصار لتشجيع فريقهم، لكن يبدو أن الوضع لا يشجع على ذلك. وزيادة عن هذا، ما الفائدة إذا كان السعر بمائة أو خمسمائة دينار إذا كانت هذه الأموال لا تدخل خزينة النادي. وصدقوني أننا مازلنا ننتظر حقوقنا المالية من إدارة ملعب "20 أوت" بعد أن لعبنا ضد مولودية الجزائر في الموسم الماضي". * * نور الدين بلميهوب (مدير المركب الاأولمبي): "سعر 500دج معقول ولن نعيد فيه النظر" * من جهته، قال السيد نور الدين بلميهوب ،مدير المركب الأولمبي للشروق أن السعر الذي حددته إدارته معقول وغير قابل للتخفيض: "اعتقد بأن سعر 500 دج سعر معقول للغاية وهو يعادل تقريبا خمسة أورو وهو سعر منخفض مقارنة بالأسعار التي تباع بها التذاكر في بلدان أخرى". ويرى المسؤول الأول عن المركب الأولمبي أن إدارته تهدف من رفع سعر التذكرة إلى إلى تجنب العنف و التخريب: "استراتيجيتنا تهدف إلى جعل مباريات كرة القدم فرجة تختفي فيها مظاهر العنف والتخريب، ونأمل في المباريات المحلية القادمة أن تتنقل العائلات إلى الملعب". أما عن إمكانية فتح حوار مع الأندية العاصمية المعنية بقضية التسعيرة، رد السيد بلميهوب: "المسألة واضحة ولسنا بحاجة إلى إعادة فتح هذا الملف لا مع الأندية و لا مع الرابطة الوطنية لكرة القدم".