صورة الشروق كلاب ومواش داخل أقسام مدرسة الشهيد "رقاد" "من رأى ليس كمن سمع" مقولة استحضرتها الشروق وهي تشق أحد المسالك الترابية المؤدية إلى دوار "بني زيتن" التابع إقليميا لبلدية لرجام بتيسمسيلت وليس بالبعيد عن مدينة برج بونعامة "مسيرة 20 دقيقة على الأكثر" وعبر نظرة متبصرة تراءى لنا مشهد بناية مغروسة بين أحضان شريط غابي فيه من الجمال والرونق ما يسر ويسحر ناظره، قبل نحو كيلومترين من ولوجنا للدوار وعند اقترابنا من الهيكل كانت دهشتنا كبيرة ونحن نكتشف أن هذا المجسم ما هو إلا مدرسة ابتدائية لم يبق منها سوى ظلال ذكريات تبكي ماضيها بفعل ما ألحقته أيادي العبث ومعاول الهدم بقدسيتها بعد أن حولتها من صرح تربوي إلى "زريبة" تحتضن ما شاء من دواب الأرض كما تبينه الصور الفوتوغرافية التي تؤكد بوضوح أننا في زمن الردة أو في زمن "من يحاسب من"؟!! هذه المشاهد السوداوية دفعتنا إلى النبش أو التفتيش عن بطاقة هوية المؤسسة التي ابتلعها ركام النسيان ودفن حاضرها الإهمال، فلم نجد غير إجابة جاءت على لسان أحد سكان الدوار، أوضح فيها بأن أبواب الابتدائية أغلقت مع بداية اندلاع شرارة ما اصطلح عليه بالعشرية الحمراء نتيجة هجرة الأهالي وتقلص عدد المتمدرسين، وبعد انقشاع ضباب الفزع والهلع، بقيت المدرسة على تلك الحال إلى أن وجدت نفسها أسيرة لدى أحد الخواص الذي حولها إلى ملكية خاصة، مستغلا في ذلك سريان قانون صمت أصحاب القرار المسلحين بتلك الحكمة البائسة التي تقول "لا أرى لا اسمع لا أتكلم أيضا"، بعد أن فقدت من كانت تسمى مدرسة طهارتها وسكنها بدلا من مدرسين ومتمدرسين، قطعان من الماشية اتخذت من فنائها وأقسامها أماكن مريحة تسهر على حمايتها وتأمينها، كلاب تم نشرها عبر مختلف زوايا هذه المدرسة التي تحمل اسم الشهيد "رقاد" الذي ضحى بروحه الطاهرة أمس في سبيل استقلال جزائر العزة والكرامة اليوم هذه التي كرمته بإسطبل بدلا من مرفق علم وتعلم.. فماذا سيقول هذا الشهيد لو استيقظ ووجد اسمه منحوتا بدمائه الزكية الطاهرة على جدران زريبة تحوي مختلف الحيوانات "اللاحمة منها والعاشبة"؟؟... حتما سيفضل القفز إلى قبره من جديد على إذلاله واهانته بهكذا طريقة، ضربت مصداقية الدولة في مقتل، ومعها عرت عورة شعارات حماة الشهداء والتابعين لهم ومن يسبح في فلكهم... هكذا جاءت إجابة مجيب "من جيل الاستقلال" على سؤالنا هذا وتتراكم الأسئلة ثانية عن سر هذه الإبادة أو "المذبحة التربوية" التي تتم في صمت دون أن تنتفض لها الضمائر التي اغتصبها انعدام روح المسؤولية بعد أن طمست البصائر وأخرست الألسنة؟ وقبل حصولنا على الإجابة على هذه الاستفهامات غادرنا الموقع على وقع "موسيقى جنائزية" استرسلت من بين أحضان مدرسة تتأوه وتتوسل عبر صرخات قوية لإنقاذها من العبث والتشويه ورفع اللبس عن مثل هذه "التصرفات غير الحضارية".