عجز المرشحون الستة للانتخابات الرئاسية المقبلة، وممثلوهم في الحملة الانتخابية التي انقضى أسبوع من عمرها عن استمالة الناخبين، وكشفت تظاهراتهم عن المستوى الذي وصل إليه ضعف التجنيد لديهم، ما بات يهدد حجم الإقبال على صناديق الاقتراع في موعد 17 أفريل المقبل. وأظهرت الصور والفيديوهات التي بثتها القنوات الفضائية العمومية والخاصة التي رافقت الحدث، مدى محدودية الإقبال الجماهيري على التجمعات الانتخابية للمترشحين وممثليهم، ووصل الأمر في بعض الولايات إلى حدوث مشادة بين الحرس الشخصي لبعض المرشحين وأبناء المنطقة، كتعبير عن حجم الرفض للبضاعة السياسية التي يسوقها المترشحون. الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية بيّن أن الذين استجابوا لدعوات حضور تجمعات المترشحين، هم القلّة القليلة التي اختارت مرشحيها مسبقا، في حين أن "الفئة المترددة" وهي التي لم تحسم أمرها بعد، والتي يفترض أن تدور عليها الحملة الانتخابية، كما تؤكد دراسات علم الاجتماع السياسي، لا تزال بعيدة عن الانخراط في العملية الانتخابية. ويوعز المتخصصون في تحليل الظاهرة السوسيو سياسية، التعاطي السلبي للناخب مع الحملة الانتخابية، إلى جملة من الاعتبارات، من بينها أن الحملة الانتخابية عادة ما تكون باهتة وخافتة في أيامها الأولى، فضلا عن تشابه البرامج السياسية للمترشحين، وتغيّب شخصيات بارزة كان يفترض أن تكون حاضرة في السابق، وانطلاق الحملة قبل موعدها، في إشارة إلى الجدل السياسي الذي سبّبه مرض بوتفليقة وكذا ترشحه. ويعلق عبد الرزاق صاغور، وهو أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، على الظاهرة بقوله: "للوهلة الأولى، تكشف القراءة السطحية لمشهد الحملة الانتخابية، أن برامج كل من المترشحين: عبد العزيز بوتفليقة وعلي بن فليس وموسى تواتي وعلي فوزي رباعين وعبد العزيز بلعيد، تكاد تكون نفسها، وربما يعود ذلك لانتماء المترشحين الخمسة إلى نفس العائلة السياسية"، في إشارة إلى التيار الوطني الذي ينحدر منه هؤلاء المترشحين. وفضلا عن ذلك، يعتقد أستاذ العلوم السياسية، أن برامج المترشحين الخمسة لم تكن عملية بالشكل الذي يمكن المواطن من لمس التجاوب مع انشغالاته ومشاكله اليومية، مثل السبل التي من شأنها حل مشاكل البطالة والسكن، كما لم تعالج هذه البرامج المشاكل المتعلقة بالنمو الاقتصادي والاستثمار والتضخم. ومن بين المسائل التي قد تكون لها علاقة بفتور الحملة الانتخابية في أيامها الأولى أيضا، بحسب عبد الرزاق صاغور، عدم ترشح بعض الشخصيات من الأوزان الثقيلة، التي كان يعتقد أنها ستخوض سباق الرئاسيات المقبلة، على غرار الرئيس السابق، اليامين زروال ورئيس حكومة الإصلاحات، مولود حمروش، الأمر جعل من سباق رئاسيات 2014، وكأنه مستنسخ عن استحقاقات سابقة مثل رئاسيات 2004 و2009، التي شارك فيها كل المترشحين الحاليين، وكانت نتائجها محسومة مسبقا لصالح مرشح "العهدة الرابعة". ورفض الأستاذ بجامعة الجزائر، في اتصال مع "الشروق" أمس، الانطلاق من الأحداث التي شهدتها بعض التجمّعات التي نشّطها مترشحون أو ممثلون عنهم في بعض ولايات الوطن، للحكم على حظوظ هذا المترشح أو ذاك، واعتبر ذلك جزء من الشحن السياسي الذي عادة ما يسبق أي استحقاق انتخابي في مختلف بلدان العالم، وقال: "لا يجب اعتبار حوادث من هذا القبيل معيارا عند الحديث عن الحظوظ، طالما أنها يمكن أن تكون مدبّرة"، وبالمقابل، تساءل المتحدث حول ما إذا كان المترشحون سينجحون فيما تبقى من أيام الحملة الانتخابية، في تجنيد الجزائريين ودفعهم للمشاركة بقوة في الاستحقاق المقبل.