تشهد الحملة الانتخابية لرئاسيات 17 أفريل المقبل "حربا كلامية" بين مترشحين طغى عليها التلاسن على حساب التنافس بالبرامج الانتخابية المقترحة من قبل المرشحين. لم يجد رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، حرجا في أن يصف المترشحة للانتخابات الرئاسية المقبلة، لويزة حنون بالقبح، الرداءة، ضعف النفس...الخ، بعد تهجمها عليه واتهامها له بأنه يقود مؤسسة تابعة للمخابرات الأمريكية ويطمع في منصب وزير وفقا لما تناقلته وسائل الإعلام بعد الرسالة المطولة التي نشرها رئيس هذا الحزب على صفحته الخاصة في الفيسبوك، التي وصل فيها التنابز حدا لم يسجل من قبل، وإذا الهدف من الحملة الانتخابية هو التقرب من المواطنين لتمكين المترشح شرح برنامجه الانتخابي، إلا أن التنابز بالألقاب والتلاسن هو أساس حملة رئاسيات 17 أفريل المقبل. وفي الوقت الذي كان يفترض فيه أن تركز مرشحة حزب العمال للرئاسيات المقبلة، لويزة حنون، على عرض برنامجها الانتخابي والمرافعة من أجل تأسيس الجمهورية الثانية في أول تجمع لها بولاية عنابة، "قصفت" المرشح الحر للانتخابات الرئاسية علي بن فليس، الذي وصفته ب الامبريالي" الذي يسعى لخدمة مصالح أجنبية وحمّلته مسؤولية غلق العديد من المؤسسات وتشريد العمال، ومنح ضمانات للغرب للاستثمار في الجزائر عن طريق السعي لإلغاء قاعدة 49/51، يأتي هذا بعد أن أكدت أن أنصاره ومناضليه عرضوا عليها مقترح التحالف معه في اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات، بغية سد الطريق أمام المرشح عبد العزيز بوتفليقة، ليأتي بعد ذلك تفنيد ما أكدته أثناء التحضير لانطلاق الحملة الانتخابية. وانتقدت لويزة حنون التي اعتبرت بأن التداول الحقيقي على السلطة لا يشمل من كانوا في هرمها القطبية التي شكلها أمام المترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة، من باب اعتراضها على التركيز على هذين المرشحين دون البقية. علي بن فليس الذي استهل حملته الانتخابية من ولاية معسكر بالحديث عن فضائل الأخلاق وعن التعليمات التي وجهها للطاقم المكلف بإدارة حملته الانتخابية، حمل خطابه رسائل ضمنية فهمت على أساس أنها رد على عبد المالك سلال مدير الحملة الانتخابية للمترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة، بعد زلة لسانه التي كانت سببا في إشعال فتيل الاحتجاج بمنطقة الشاوية عندما قال "إن الدولة لا تسير بالمزاح والسباب والشتائم". سارة.ب 3 أسئلة إلى: عمر جفال مدير مخبر العلوم السياسية بجامعة الجزائر 03 طغى التنابز بين المترشحين في الحملة الانتخابية على حساب البرامج في ظل بروز ما يشبه "الحرب الكلامية" بين المترشحين. ما تقييكم لخطاب المترشحين السائد في هذه الحملة؟ في الحقيقة يمكن القول إنه لا وجود لحملة انتخابية بالمعنى المتعارف في إطار النظم الديمقراطية، ولابد من الاشارة إلى أن العهدة الرابعة نسفت العملية الانتخابية برمتها أخلاقيا وسياسيا لأن نتائجها محسومة مسبقا، والجزائر معروفة بعدم توفرها على نظام حزبي جمعوي فعال قادر على دفع الإدارة إلى التغيير. لقد كان بإمكان الرئيس المترشح أن يقدم إنجازا سياسيا من خلال تخليه عن المنصب بعد العهدة الثانية ويحفظ لنا هذا التميز الذي نفتخر به، لكنه فضل أن يكون مثل بقية الحكام العرب ويريد العهدة الرابعة. أما بالنسبة للخطاب السائد في الحملة الانتخابية فيعود أساسا إلى ضعف تجربة التعديدية السياسية، لأن البلد عاش على امتداد سنوات "تجريف سياسي"، وأقصد بذلك أننا عشنا فترة الحزب الواحد الذي قام بافقار الحياة السياسية والجمعوية ولم يسمح بقيام حراك سياسي، وعمقت سنوات المأساة الوطنية هذا التجريف لذلك ليس لدينا نظام حزبي بامكانه أن يعدل ميزان القوى، لذلك فإن الحملة الانتخابية تدور بين أشخاص مبتدئين لا يحسنون التفريق بين الدفاع عن برامجهم الانتخابية والشتائم، وتدور حول نقطتين أساسيتين هما الشتائم والعهدة الرابعة بدلا من أن ترتكز على مسائل جوهرية. قلتم بأن الحملة تدور بين أشخاص مبتدئين لا يفرقون بين الدفاع عن برامجهم والشتائم، كيف تفسرون ذلك وهذه الانتخابات تعد خامس انتخابات تجرى في كنف التعددية؟ التعديدية الحقة تتحق لما تسمح السلطة بممارسة حرية التعبير كما يجب وكل أشكال التعبير وممارسة كل الحقوق، ما يجري حاليا هو نوع من التقطير المرتبطة بمسألة الحريات وبالتالي لا يمكن الحديث عن التعديدية بمعناها الحقيقي، وبالنظر إلى بلدان أخرى مارست التعديدة الحزبية منذ 50 سنة نجد أنها تملك طبقة سياسية متمرسة، عكس ما يحدث في الجزائر لأن الوضع السياسي بها مشوه لا يمكن الحكم عليه بما هو متعارف في الدول الأخرى لاسيما أن سمات المسار السياسي منذ الاستقلال إلى غاية يومنا هذا لم يسمح ببروز طبقة سياسية ذات مستوى وكفاءة قادرة على تقديم برامجها بالنهج المفروض. تتضمن خطابات المترشحين لرئاسيات أفريل المقبل وعودا وصلت إلى حد جعل الجزائر "يابان افريقيا"، ما تقييكم لذلك؟ الحملات الانتخابية بصفة عامة معروفة بالوعود التي يحاول كل مرشح أن يستميل من خلالها المواطنين، قد تكون معقولة لكن تنفيذها يتوقف على عاملين أساسين هما القدرات المتاحة ومدى قدرة المرشح على بناء توافقات سياسية ووطنية حول سياسة تسمح له بالدفع بطموحاته نحو التجسيد. سألته: سارة. ب الإعلامي والكاتب عابد شارف ل "الجزائر نيوز": العزوف الشعبي عن الحملة الانتخابية مؤشر لغياب الجدية في الانتخابات المقبلة أرجع الإعلامي والكاتب عابد شارف عزوف المواطنين عن تجمعات الحملة الانتخابية إلى "غياب أو عدم توفر القناعة في جدية هذه العملية الانتخابية"، معتبرا أن رئاسيات 17 أفريل المقبلة هي "محاولة لإبراز الشرعية قبل تعيين رئيس جمهورية". دخلت أمس الحملة الانتخابية للرئاسيات يومها الرابع، ما تقييمكم لمجرياتها من زاوية التفاعل الشعبي؟ أولا، عدم إقبال المواطنين على تجمعات الحملة الإنتخابية يشير إلى غياب أو لنقل عدم توفر القناعة في جدية العملية الانتخابية، والمواطنون حتى ولو يفتقدون في بعض الأحيان للتحاليل السياسية العميقة، لكن بفطرتهم العفوية لديهم شكوك حول جدية العملية الانتخابية، أما من ناحية تقييم الحملة الانتخابية، هناك زاويتان، الزاوية الأولى تتعلق بالجانب التقني، بحيث نشاهد مترشحين ينظمون نشاطا سياسيا من خلال التجمعات، والزاوية الثانية تتعلق بمشاركة مترشحين في عملية تزوير شاملة وعجزهم حتى عن إعطاء حد من المصداقية لها، يوجد مترشحون يتكلمون عن التزوير أكثر مما يتكلمون عن البرامج، إذن لماذا المشاركة في عملية يقتصر فيها الخطاب السياسي إلا على الحديث عن التزوير؟!. كيف تقيّمون مستوى الخطاب السياسي خاصة مع اندلاع ما يوصف ب "حرب التصريحات" بين المترشحين؟ هذه "الحرب" القائمة اليوم تتعلق بجدال حول من هو الأقوى، هبل أم اللات والعزى؟!، بمعنى أنهم يجادلون بعضهم البعض حول قضايا لا معنى لها، العملية الانتخابية أصلا مزورة، وهي عملية مغالطة ضد المواطن والوطن ولا جدوى منها، لكن الإنسان الذي يترشح للإنتخابات، ممكن يخسر وممكن يربح شيئا آخر، ومن الواضح أن خمسة مترشحين من أصل ستة هدفهم الحقيقي، ليس الدخول في الإنتخابات للفوز بها، وإنما لهدف آخر، لا نعرفه. هل من الإمكان القول إن "المقاطعين" للإنتخابات سيستفيدون من هذا الوضع؟ نحن نناقش عملية انتخابية مع العلم أنها مزيفة أصلا، المشكل ليس في هذا الأمر، وإنما في التعاطي والتعامل معها، وهي في حقيقة الأمر ليست في صالح أحد. يطبع الإنتخابات الرئاسية المقبلة حراك سياسي في الشارع الجزائري، كيف تنظرون للأمر؟ الشارع الجزائري مرغم على التعامل مع أحداث سياسية لا فائدة له منها، وإذا عدنا إلى تصريحات الوزير الأول حول الشاوية نعتبر هذا الأمر محاولة لتحويل الشارع عن قضاياه الأساسية، ما يحدث حاليا هو "نشاط صاخب" لحراك لكنه لا يشكل عملا سياسيا، وهذا لإيحاء بأن الشارع الجزائري حر والمجتمع حر، وهذا خطأ.