صنف نواب وخبراء، البرلمان بغرفتيه، من أكثر المؤسسات الجزائرية استهلاكا للورق المستخدم في طباعة مشاريع القوانين، ومختلف التقارير والمطبوعات، التي يصدر منها ما لا يقل عن 20 ألف مطبوعة في السنة، واستهلاكه ما لا يقل عن 500 علبة الورق، كلها كميات وثائق لم يعد من الممكن للنواب والصحفيين والمهتمين قرائتها، واستخراج المعلومة المطلوبة منها. وأضحت أكوام الورق الملقاة على طاولات المجلس وأدراجه مصدر إزعاج لأغلبية النواب الذين طالبوا رئيس المجلس الشعبي الوطني العربي ولد خليفة، باعتماد تقنيات التوثيق الإلكتروني، بدلا من قناطير الورق.
نواب "الأفلان" يجهضون مشروع "التوثيق الإلكتروني" في إحدى الجلسات العلنية لدورة المجلس الشعبي الوطني الحالية، قال رئيس المجلس العربي ولد خليفة، إجابة عن مقترح تقدم به نواب المعارضة، أنه عرض على نواب حزبه"الأفلان" فكرة "التعامل الرقمي" في العمل البرلماني لكنهم رفضوا هذه الطريقة، وتمسكوا بالطريقة الكلاسيكية المتمثلة في المطبوعات الورقية، بذلا من "الدعامات الإكترونية" ومحركات البحث المتاحة على شبكات "الإنترانات" الداخلية، بدعوى أن معظم النواب لا يجيدون استخدام التكنولوجيات الحديثة. وحسب مصادر نيابية تحدثت إليها ا"لشروق أون لاين" لقي تصريح ولد خليفة هذا، انتقاد المعارضة التي ردت بأنها تثمن التوجه نحو طرق العمل العصرية داخل البرلمان بما في ذلك التصويت الإلكتروني. المعارضة تتهم كتلة نواب الحزب العتيد وتتمسك ب"عصرنة" البرلمان قال نائب تكتل الجزائر الخضراء وعضو لجنة المالية والميزانية الهاني بوشاش ل"الشروق أون لاين"، أن رئيس المجلس الشعبي الوطني ألقى بالمسؤولية على عاتق نواب حزبه (جبهة التحرير الوطني) وحملهم مسؤولية رفضهم في جلسة علنية مقترح نواب المعارضة، المتضمن استبدال الكم الهائل من المطبوعات الورقية التي تثقل كاهل البرلمانيين، والمنشغلين بالمجال التشريعي، وتعويضها ب"دعامات إلكترونية"، تقليصا للميزانية من جهة، ومن جهة أخرى تسهيل الوصول للمعلومة المطلوبة، كما من شأن عصرنة التوثيق البرلماني-يضيف- تسهيل مهمة المشرع الذي يكون في مهمة في الخارج، حيث الطرق المعتمدة حاليا لا تسمح له بالاطلاع على أية وثيقة عن بعد. وتساءل بوشاش، كيف أن برلمانيا لا يملك حسابا الكترونيا، ولا يستطيع التعامل مع "الأقراص المضغوطة" ومختلف "الدعامات الإلكترونية"، وكيف ترفض الأغلبية النيباية الموالية لحزب جبهة التحرير الوطني، مشروع رقمنة الوثائق، بدعوى أن الكثير من النواب لا يجيدون التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة. تقرير "مجلس المحاسبة" أول وثيقة رقمية تنزل إلى برلمان وأضاف النائب في تكتل الجزائر الخضراء أن رئيس المجلس صرح في جلسة علنية، بعد احتجاجات المعارضة، بأنه عرض على نواب "الأفلان" طريقة التعامل الرقمي لكنهم رفضوها، وهو ما رد عليه نواب المعارضة بالاحتجاج والتمسك بالمطلب. ويذكر النائب أن قانون المالية وحده يتطلب 4 مجلدات في كل مجلد ما لا يقل عن 500 صفحة، والتقرير الوحيد الذي نزل إلى المجلس الشعبي الوطني مرفقا بقرص مضغوط هو تقرير "مجلس المحاسبة" الأخير وبقية مشاريع القوانين والتقارير تأتي في شكل قناطير أوراق، ملقاة في مكتب المبادرات البرلمانية. ورافع نائب التكتل الأخضر لأجل تطبيق نظام "التصويت الإلكتروني"، مبررا ذلك بكون التصويت بالأيدي لا يعكس الحقائق، "فبعض النواب يصوتون تحت الضغط، من جهة، ومن جهة أخرى حصل وأن أعلنت الجهات التقنية المكلفة بعد الأصوات عن نتائج تصويت غير حقيقية". الخبير مبارك بوكعبة..التعامل الرقمي أمنية "رابح بيطاط" المؤجلة من جانب المختصين، قال الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال والنائب البرلماني السابق(1987-1992) مبارك بوكعبة ل"الشروق أون لاين"، أن مشروع رقمنة وثائق المجلس الشعبي الوطني، كان مطروحا منذ سنوات، وبالضبط في فترة المرحوم رابح بيطاط الذي كان أول رئيس للمجلس، يقترح تجسيد نظام معلوماتي داخلي، بهدف تسهيل الوصول للمعلومات المطلوبة، والتقليل من استعمال الورق، "لكن الفكرة التي اقترحها قبل استقالته من رئاسة المجلس سنة 1990، لاقت عراقيل وصعوبات ولم يكتب لها التجسيد". وأكد بوكعبة حتمية العمل ب"الدعامات الإلكترونية" لما توفره من جهد وسهولة في الوصول للمعلومات المطلوبة، ومعالجتها، معتبرا المشروع قابل للتجسيد من الناحية التقنية ومن دون أية مشاكل. وتساءل كيف لا نرى النواب يستعملون في عملهم لوحات إلكترونية، ونراهم محملين بكومات من الورق. إن هذا الوضع –يضيف- يحد من مردودية المشرع الذي يجد نفسه مضطرا لقراءة مئات الصفحات حتى يصل للمعلومة المطلوبة. وأضاف "إننا مقبلون على برلمان يتعامل نوابه بين بعضهم البعض عن بعد، ولذلك وجب ادخال إصلاحات على طريقة تقديم الوثائق والمقترحات، وهذا لا يتسنى إلا من خلال محرك بحث يربط البرلمان بالمصالح الحكومية وهو نظام يعرف تقنيا باسم "التصفيف الإلكتروني" ويكون بشكل ملائم للقراءة وسحب الوثائق الضرورية".