سيستغرب الذين يعرفونني مباشرة أو عن طريق كتاباتي وأحاديثي عندما أنصحهم نصيحة طيبة، لأنهم يعلمون أن معرفتي للطب كمعرفة "ابن غبريط" في اللغة العربية.. وأسرع فأبرئ نفسي من هذا الادعاء، وأؤكد على أنني ناقل لهذه النصيحة، ولست منشئا لها، لكي لا أتهم بانتحال شخصية طبيب.. أصبت بما يصاب به كل إنسان، فترددت على جملة من الأطباء، امتثالا لأمر رسول الله –عليه الصلاة والسلام- القائل بأن الله –عز وجل- أنزل لكل داء دواء، إلا الموت، فتداووا عباد الله.. وأنا أشكر جميع الأطباء الذين اهتموا بأمري، واجتهدوا في وصف الأدوية التي تعيدني سيرتي الأولى.. وقد أعجبني طبيبان، فقد نصحاني نصيحتين لم تكلفاني "شروي نقير"، وكان الطبيبان ظريفين، لطيفين، يعالجان بلسانيهما قبل أن يعالجا بأيديهما... ويا ليت أطبائنا بهذا الظرف واللطف.. أما أحدهما فقد قال لي بعد فحصي وسؤلي عما أشكوه، قال لي وهو يرسم على شفتيه ابتسامة لطيفة: يا "أستاذ" سأعيد إليك ما سمعناه منك ومن أمثالك من توجيهات نبوية شريفة في هذا الشأن وهي عدم الأكل إلا عند الجوع، وألا نشبع عند الأكل، وأن نطبق قاعدة "الثلث" أو ثلث للطعام، وثلث للشراب، وثلث للنفس...لأن "المعدة بيت الداء".. وأما الآخر فبعدما فحصني على طريقة المطرب السوري "فهد بلان" : "جسّ الطبيب لي نبضي.." وتبسم قائلا: دواؤك في هذه "المعادلة" وهي (0 + 5 + 30). تأملني من تحت نظارته السميكة ليستشف من ملامح وجهي وقع كلامه عليّ، وازدادت ابتسامته اتساعا، ثم قال منهيا حيرتي: أما الصفر فيرمز إلى "المحرمات" ؟؟؟ من ملح، وسكر، وشحوم، وكحول –حاشاكم- وتدخين... وأما الخمسة فترمز إلى ضرورة تناول الخضر والفواكه ما استطعت إلى ذلك سبيلا وأقلها "5". وأما الثلاثون فترمز إلى "وجوب" المشي يوميا لمدة ثلاثين دقيقة ... ثم أذكرك، والذكرى تنفع المؤمنين بقول أبينا إبراهيم –عليه السلام- القائل: "وإذا مرضت فهو يشفيني". لقد أحسست بانشراح في صدري، واطمئنان في قلبي لكلام الطبيبين اللذين ينطبق عليهما لفظ "الحكيم" الذي كان يطلقه قدماؤنا على الطبيب.. وأذكر كل من ابتلاه الله –عز وجل- بأي داء أن يقول مع الأستاذة فاطمة لحلو من المغرب الشقيق، التي ابتلاها الله بمرض.. فسعت، واتخذت الأسباب.. وبعد آلام شديدة كادت "تيأس" من الشفاء منّ الله –عز وجل- وأبرأ سقمها، فكتبت كتيبا قصّت فيه قصتها، وكان عنوان الكتيب هو: "فلا تنس الله".