لجأت حكومات الدول الغربية إلى دعم موقفها الرافض للتدابير الحمائية التي تضمنها قانون المالية التكميلي 2009 لصالح الاقتصاد الوطني، بتوصية من صندوق النقد الدولي، تنتقد هذه التدابير، في محاولة يائسة لإلغائها، بعد فشل الضغوط التي قامت بها هذه الدول في وقت سابق. الانتقادات التي تضمنتها توصية صندوق الدولي، والتي جاءت بعد المشاورات التي قام بها وفد المؤسسة المالية الدولية مع المسؤولين الجزائريين، لا يخدم سوى مصالح الدول الغربية، التي لازالت لم تهضم بعد الإجراءات والتدابير الحمائية، سيما تلك المتعلقة بوضع سقف لحصص المستثمرين الأجانب لا يتعدى 49 بالمائة، وكذا منع القروض الاستهلاكية الموجهة لشراء السيارات . ومعلوم أن تدابير قانون المالية التكميلي قوبلت بانتقادات لاذعة من طرف الدول الأوربية، وفي مقدمتها فرنسا، التي أقامت الدنيا ولم تقعدها، بعد تراجع نشاط ميناء مرسيليا إلى ما يعادل 40 بالمائة، ما أدى إلى إغلاق العديد من الورشات، ودفع بالنقابات العمالية إلى الدخول في إضرابات احتجاجية، لم توقفها غير الزيارات الرسمية التي قام بها منتخبون محليون بجنوب فرنسا للجزائر من أجل إيجاد حلول للمشاكل التي خلفتها هذه التدابير . وكما تقول القاعدة الجنائية، "ابحث عن المستفيد تجد الجاني"، يمكن القول إن توصية صندوق النقد الدولي لا تصب إلا في مصلحة دولة بعينها وهي فرنسا، التي استغلت العجز التشريعي الذي أعقب الانفتاح الاقتصادي للجزائر في "نهب" ثروات البلاد عبر أذرعها الصناعية والمالية المتغلغلة في الجزائر، بطرق منظمة . وتتضح الصورة أكثر بالتعريج على شخص الرئيس المدير العام لصندوق النقد الدولي، وهو الفرنسي "دومينيك شتروس كان"، الذي وظفت باريس كل ما تملكه من ثقل دبلوماسي من أجل انتخابه على رأس هذه المؤسسة المالية الدولية، قبل أزيد من سنتين.. وبالتالي فمن السذاجة الاعتقاد بأن " شتروس كان " سيتجرد من وطنيته وسيتخلى عن أجندة بلاده ومصالحها عند تعرضها للتهديد، بحجة أنه المسؤول الأول على مؤسسة مالية دولية يفترض أنها مستقلة . وبالعودة إلى مرحلة ما بعد صدور القرارات الحمائية التي تضمنها قانون المالية التكميلي لسنة 2009، نجد أن أول رد فعل متشنج كان من باريس، قبل أن يتعدى الأمر إلى الاتحاد الأوربي.. والسبب واضح ولا يحتاج إلى عناء تفكير، فالبنوك والمؤسسات المالية الفرنسية العاملة بالجزائر، مثل "بي آن بي باري با"، و"سوسيتي جنرال"، و"سي تي لام" استغلت الثغرات التشريعية، ووضعت إمكاناتها المالية المعتبرة في خدمة تسويق مختلف ماركات السيارات الفرنسية، التي قفزت مجموع مبيعاتها إلى هرم مبيعات السيارات في الجزائر. غير أن تدابير قانون المالية التكميلي، التي منعت القروض الاستهلاكية الموجهة لشراء السيارات، حرم البنوك الفرنسية من موارد مالية معتبرة، بالرغم من نسبة فوائدها المرتفعة مقارنة بالبنوك الأخرى، على غرار بنك "سي تي لام"، الذي وصلت نسبة فوائده 17 بالمائة، كما حرمت تلك القرارات مصنعي السيارات الفرنسيين من نسبة مبيعات تشهد ارتفاعا مضطردا من سنة إلى أخرى .