ثمنت بعثة صندوق النقد الدولي إلى الجزائر الجهود والإجراءات التي اعتمدتها الدولة لحماية وتقوية الاقتصاد الوطني، ولا سيما تلك المتعلقة باعتماد سياسة نقدية حذرة والتحكم في التضخم والتقليص من نسبة البطالة ورفع مستوى النمو خارج المحروقات والمتوقع أن يصل إلى 9 بالمائة خلال العام الجاري، بينما تقدر الهيئة أن تحقق الجزائر نسبة نمو إجمالية تتراوح بين 4 و5 بالمائة خلال سنة 2010. وحسبما أشار إليه رئيس البعثة المذكورة السيد جويل توجاس برناتي في ندوة صحفية نشطها أمس بفندق الجزائر فإن العام 2009، تميز بالنسبة للجزائر بانخفاض مداخيل المحروقات بسبب تراجع الأسعار في الأسواق الدولية نتيجة للأزمة العالمية، غير أن استمرار المؤشرات الاقتصادية الكلية الإيجابية، وكذا السياسة النقدية الحذرة التي اعتمدتها الجزائر، سمحت لها بتأكيد وتيرة النمو المرضية المسجلة خلال السنوات الأخيرة. وذكّر المتحدث في هذا الإطار بتراجع نسبة البطالة من 25 إلى 11 بالمائة في 2008، كما أشار إلى أن التذبذب الحاصل في السوق النفطية وكذا المشاكل التي أصابت أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وإيطاليا، أديا إلى تراجع مستوى النمو في قطاع المحروقات، الأمر الذي يبعث بهيئة صندوق النقد الدولي إلى توقع تسجيل نسبة نمو في الناتج الداخلي الخام تقدر ب2 بالمائة خلال 2009، في حين سجلت الهيئة في المقابل ارتفاعا في مستوى النمو خارج المحروقات بفعل انتعاش قطاع الفلاحة وتزايد الاستثمارات العمومية. وفي تقدير ممثل الهيئة فإن سنة 2010 ستعرف منحى عكسيا في مجرى النمو بين قطاع المحروقات والقطاعات الأخرى، حيث يتوقع أن يسجل قطاع المحروقات في الجزائر تحسنا ليصل إلى مستوى 5 أو 6 بالمائة وذلك مع استقرار معدل أسعار النفط في حدود 76 دولارا للبرميل، بينما يتوقع في المقابل تسجيل تباطؤ في حركية القطاعات خارج المحروقات، مما سيؤدي إلى استقرار نسبة النمو الاقتصادي العام لسنة 2010 في حدود 4 أو 5 بالمائة. وأكد السيد برناتي أن أمام الجزائر تحد كبير عليها رفعه مستقبلا، يشمل تفعيل وتطوير تنافسية القطاع الخاص من أجل ضمان اقتصاد متنوع، وذلك يستدعي حسبه الاستمرار في جهود الوساطة البنكية وتحسين محيط الأعمال ومواصلة مساعي إدماج الاقتصاد الجزائري في الاقتصاد العالمي والجهوي. كما اعتبر أن الهدف الرئيسي للسياسة النقدية الجزائرية خلال 2010 ينبغي أن يشمل دعم جهود تحسين وتنمية الهياكل القاعدية مع الاستمرار في تحسين التحكم في النفقات العمومية. وحول موقف صندوق النقد الدولي من الإجراءات الجديدة التي اعتمدتها الحكومة في إطار قانون المالية التكميلي لسنة 2009، اعتبر نفس المسؤول أن الوقت لم يحن بعد لتقديم أحكام أو ملاحظات عليها باعتبار أن هذه التدابير اعتمدت منذ فترة قصيرة. أما بخصوص مسألة شراء الجزائر لسندات من صندوق النقد الدولي، فأوضح أن الوضعية المالية المريحة للجزائر تسمح لها بالمساهمة في هذه العملية، غير أن القرار يعود للسلطات الجزائرية. ولدى عرضه للمؤشرات الخاصة بالاقتصاد العالمي، أشار ممثل هيئة "بروتون وودز" إلى أن هذه الأخيرة التي تسجل بارتياح عودة النمو الاقتصادي بعد فترة الانكماش التي صاحبت الأزمة العالمية، تتوقع أن تصل نسبة النمو العامة للاقتصاد العالمي في 2010 إلى 3 بالمائة مع تباين في النسبة بين الدول المتقدمة التي يرتقب أن تسجل 1,3 بالمائة والدول الناشئة التي ستصل نسبة النمو بها إلى 5,1 بالمائة. تجدر الإشارة إلى أن ملاحظات بعثة صندوق النقد الدولي إلى الجزائر والتي تم الإعلان عنها أمس في نهاية زيارة البعثة، في إطار المحادثات التي جمعتها بالمسؤولين الجزائريين، طبقا للمادة الخامسة من نظام الصندوق، ستتم مناقشتها على مستوى مجلس إدارة الصندوق ونشرها في التقرير السنوي المرتقب صدوره خلال الثلاثي الأول لسنة 2010.