أسدى حزب جبهة التحرير الوطني، مرة أخرى، خدمة للسلطة بتمريره القوانين التي ستضبط العمليات الانتخابية القادمة، من دون إضفاء أي تعديل من التعديلات التي تقدم بها النواب، ويتعلق الامر ب 96 تعديلا، ووجد رئيس المجلس الشعبي الوطني، العربي ولد خليفة، نفسه أمام أغلبية قدمت لتصويت على المشروع بنسخته الأصلية، في مشهد وصفته أحزاب المعارضة التي قررت مقاطعة جلسة التصويت بأنه عودة إلى سيطرة الحزب الواحد. تجند نواب حزبي الموالاة (الأرندي وبدرجة أكبر الأفلان) في الساعات الأولى من صبيحة أمس، من أجل تمرير قانوني الانتخابات والهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، في مهمة لحسم الأمور فقط، لأن لجنة الشؤون القانونية سبقتهم إلا ذلك، برفضها كل التعديلات التي تقدم بها، وكانت تنتظر فقط ترسيم التصويت من النواب.
دردشة المعارضة مع الأفلان بطعم "الخيانة" رغم مراهنة المعارضة على بعض الدردشات التي جمعتها ببعض نواب الأفلان من أجل مساعدتها على إسقاط نص المادتين 73 و94، والتي ستقصي كل حزب لم يُحصل نسبة 4 بالمئة من المشاركة في الانتخابات القادمة، إلا أن ظنها خاب تماما عندما اطلعت على القانون التكميلي للانتخابات، الذي "لغم" بالتعديلات، لكن دون أن يتم تبنيها من قبل لجنة الشؤون القانونية. وأمام هذا الوضع "التعيس" وجدت المعارضة نفسها مجبرة على مقاطعة جلسة التصويت، والاجتماع أمام الصحافة في بهو المجلس لتسجيل موقفها، ويتعلق الأمر بتكتل الجزائر الخضراء، جبهة القوى الاشتراكية، جبهة العدالة والتنمية، لتندد وتستنكر إقصاءها المسبق من الانتخابات القادمة، واتهامها بأنها ميعت المشهد السياسي للفوز بغنائم الدولة فقط. وبررت أحزاب المعارضة مقاطعتها بثلاث نقاط، أولا أن القانون يكرس سياسية الغلق والإقصاء والمساس بالحريات السياسية والمدنية للأحزاب والافراد، وثانيا رفض كل التعديلات المقدمة -بما فيها نواب الاغلبية- يؤكد أن البرلمان فقد سيادته على التشريع، وتحول لمكتب تسجيل فقط في يد الجهاز التنفيذي، وثالثا الالتفاف على مطلب الطبقة السياسية بإنشاء هيئة مستقلة للإشراف على تنظيم الانتخابات. وبعد انتهائها من التنديد اختفى نواب المعارضة عن المشهد تماما، وقد يكون السبب في ذلك ذهابها إلى مكاتبها للتفكير في حلول تحد خيبتها.
جوازات الحج أهم من قانون الانتخابات عند الأفلان في غضون ذلك، كان حزب العمال في مواجهة تلك الأيادي المرفوعة لتمرير القانون، فدافع نوابه الثلاث نادية شويتم، جلول جودي، رمضان تعزيبت عن تعديلاتهم التي قالوا إنها مهمة خاصة تلك المتعلقة باقتراح التسجيل في القوائم الانتخابية بطريقة فردية بالنسبة لأفراد الجيش الوطني الشعبي، وغيرها من التعديلات التي لم تجد من يتبناها، وفي كل مرة كان الثلاثي يعبرون عن أسفهم لرفع تعديلاتهم التي كانت ترفض من طرف الأفلان، مع تأكيدهم على أن حزب العمال لا يتكلم من منطلق المصالح الحزبية، بل مصلحة البلاد التي تواجه تحديات، لكن العربي ولد خليفة كان يتدخل في كل مرة ليصف تدخلات حزب العمال بانها خطابات سياسية. وكانت تنشب في مرات ملاسنات بين نواب الافلان وحزب العمال، فعندما طالب نائب أفلاني وزير الداخلية بجوازات سفر الحج للنواب وسانده زملاؤه في ذلك المطلب، رد نائب عن العمال "عيب نحن نناقش قانونا مهما وأنتم تتحدثون عن جوازات السفر وتفتخرون بأنكم حزب الاغلبية، وتزعمون أنكم ترفضون تعويم الساحة السياسية بالأحزاب المجهرية، ونسيتم أن الافلان كبر بالتزوير وليس بأصوات الشعب". لكن في النهاية مررت الأغلبية قانون الانتخابات بأريحية، وتركت المعارضة تفكر في مصيرها.