صراع قديم جديد استبقت مصر القمة العربية المقرر عقدها نهاية الشهر الجاري في ليبيا وأطلقت تصريحا استفزازيا، قد تساهم في إفساد أجواء القمة المهددة أصلا بالمقاطعات على خلفية المشاحنات المعهودة بين بعض الدول العربية. فقد أعلن وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط أن بلاده لن تتنازل عن منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية بعد انتهاء الولاية الثانية لعمرو موسى، وذلك في رد مباشر منه على الجزائر التي جددت مؤخرا هذا المطلب على لسان وزير الخارجية مراد مدلسي. * واعتبر أبو الغيط في تصريح صحفي يوم الخميس أن هذه المسألة محسومة بالنسبة لمصر.. معترفا بعدم وجود خلافات بين مصر والجزائر على المستوى الرسمي. وتوترت العلاقة بين الجزائر والقاهرة في نوفمبر الماضي على خلفية مباراة كرة القدم بين فريقي البلدين في تصفيات كأس العالم، حيث استدعى نظام مبارك سفيره في الجزائر قبل أن يعيده الشهر المنصرم. وبرر الوزير المصري موقف بلاده بكون منصب الأمين العام للجامعة العربية يكون من البلد التي يتواجد بها مقر المنظمة، مشيرا إلى أن المرة الوحيدة التي أسند فبها المنصب إلى شخصية غير مصرية كانت عند نقل المقر إلى تونس.. وكانت تقارير إخبارية مصرية قد أشارت مؤخرا إلى وجود رغبة لدى الرئيس حسني مبارك للإبقاء على عمرو موسى في منصبه الحالي من أجل إبعاده عن دخول منافسة السباق نحو الرئاسة في مصر، وخاصة في ظل مطالب بضرورة ترشح هذا الرجل إلى جانب محمد البرادعي. ويحظى مطلب التدوير بقبول معظم الدول العربية وإن كان بعضها لا يجهر بهذا الموقف تفاديا لإغضاب الشقيقة مصر. وترى الجزائر والدول الأخرى أن إصلاح المنظمة العربية يبدأ من هذه النقطة. فهذا المنصب ليس حكرا على بلد المقر وحدها، وتبريرات أبو الغيط غير منطقية بدليل أن الاتحاد الأوروبي تتداول دوله صغيرها وكبيرها على منصب الأمانة العامة للاتحاد، ومع ذلك حقق قفزات مهمة جدا. * وتخشى السلطات المصرية من إعادة طرح موضوع تدوير منصب الأمانة العامة للجامعة العربية خلال القمة القادمة، وخاصة أنها تنعقد في دولة مغاربية هي ليبيا، حيث كانت قمة الجزائر في 2005 قد أدرجته على جدول أعمال الزعماء والقادة، وهو ما أثار استياء المصريين. ولم يتضح حتى الآن ما إذا كان الموضوع سيطرح على القمة، وهو ما أكده الوزير مراد مدلسي في الثامن من مارس بقوله: "لم نتلق أي ضمانات لإدراج هذا المطلب في جدول أعمال القمة العربية التي ستعقد في ليبيا.." ويتوقع أن تشهد القمة القادمة الكثير من الجدل، ليس فقط بسبب مسألة تدوير منصب الأمانة العامة للمنظمة العربية، وإنما بسبب الملفات الأخرى التي تفرض نفسها على جدول الأعمال، وعلى رأسها الملف الفلسطيني الذي بدأ يثير من الآن الانقسامات، حيث يهدد بعض الرؤساء والقادة بمقاطعة القمة في حال وجهت الدعوة لطرف دون آخر. وبالإضافة إلى ذلك تدور توقعات حول احتمال تغيب بعض الرؤساء، ولكل ظروفه الخاصة، بينهم الرئيس المصري حسني مبارك الذي أجرى مؤخرا عملية جراحية لاستئصال المرارة في ألمانيا، والرئيس اللبناني ميشيل سليمان، الذي تأكد غيابه بسبب الخلاف اللبناني الليبي على خلفية قضية الإمام الشيعي المختفي، موسى الصدر منذ عام 1978.