نواب لم يوقعوا على المشروع ؟ الطيب الهواري و إبن عميروش و ميلود شرفي و لويزة حنون رفضوا التوقيع خلت قائمة النواب المساندين لمقترح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، من أهم الشخصيات القيادية في الحزبين المسيطرين على دواليب الحكم في البلاد، جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وفي مقدمتهم رئيسا مجموعتيهما البرلمانيتين، إضافة إلى مسؤولين كبار في منظمات جماهيرية نافذة، ووجه مرموق من أبناء شهداء ثورة التحرير البارزين. * وكشفت وثيقة توقيعات النواب التي أودعت على مستوى مكتب المجلس الشعبي الوطني، رفقة مقترح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر ما بين 1830 و1962، عن غياب أسماء بارزة، كان يفترض أن تكون في مقدمة النواب المساندين للمبادرة بحكم منصبيهما في الغرفة السفلى، على غرار رئيس المجموعة البرلمانية للأفلان، العياشي دعدوعة، من منطلق أن المقترح بادر به نائب الجبهة عن ولاية الشف، موسى عبدي، إلى جانب النائب محمد حديبي من حركة النهضة. * * غيابات بالجملة للأعضاء الجدد في اللجنة المركزية * ولم يكن نائب ولاية بسكرة العياشي دعدوعة، الغائب الكبير عن المبادرة، بل غرق وسط غيابات بالجملة لشخصيات قيادية ممثلة للحزب العتيد في الغرفة السفلى، مثل محمد عليوي الأمين العام لاتحاد الفلاحين، والطيب الهواري، أمين عام منظمة أبناء الشهداء، وجميع الثلاثة حجزوا لأنفسهم مكانا في عضوية اللجنة المركزية للأفلان، في اليوم الثالث من المؤتمر التاسع، ليلة الأحد إلى الاثنين، بالقاعة البيضاوية محمد بوضياف، مطلع الأسبوع الجاري. * واللافت في قائمة التوقيعات، التي حصلت "الشروق" على نسخة منها، أن أغلبية الشخصيات التي لم توقع على المبادرة، تمكنت من إيجاد موطئ قدم لها في اللجنة المركزية للحزب العتيد، لكن بعيدا عن صندوق الانتخابات، وفي إطار "الكوطة""، وفي مقدمتهم عضو أمانة الهيئة التنفيذية المكلف بالتنظيم سابقا، واللجنة المركزية حاليا، مدني برادعي، المقرب جدا من عبد العزيز بلخادم، وزميلة في ذات الهيئة والناطق السابق باسم الأفلان، السعيد بوحجة، ورئيس لجنة المالية والميزانية لعهدتين، الطيب نواري، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والجالية، عبد الحميد سي عفيف، ووزير السكن السابق، محمد النذير حميميد، والشخصية البنفليسية البارزة، عبد الكريم عبادة، ووزير النقل الأسبق، صالح ڤوجيل، ونائبة الرئيس حبيبة بهلول. * * تأخر نواب الأرندي.. وتبريرات أويحيى * ولم يشذ قياديو التجمع الوطني الديمقراطي على مستوى الغرفة السفلى عن القاعدة أيضا، بحيث لم يعثر على اسم رئيس المجموعة البرلمانية لهذا الحزب، ميلود شرفي، ضمن قائمة الموقعين، وكذلك الشأن بالنسبة لكل من الشخصيتين البارزتين، شهاب صديق وبن حليمة بوطويقة، بصفتهما ممثلي الأرندي في مكتب عبد العزيز زياري. * وكان أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، قد برر في وقت سابق عدم توقيع نواب حزبه على مقترح قانون تجريم الاستعمار، بكون المقترح بقي حبيس حزب بعينه في إشارة إلى جبهة التحرير الوطني، وهو ما دفعه إلى تصنيفها في خانة "المزايدات السياسوية"، غير أن أصحاب المبادرة نفوا هذه "المزاعم"، وأكدوا بأنهم اتصلوا بميلود شرفي بصفته رئيس المجموعة البرلمانية للأرندي، وعرضوا عليه تبني المقترح وإيصاله إلى أعضاء المجموعة، بنية تفادي القفز إلى النواب مباشرة. * وشدد أصحاب المبادرة في تصريح ل"الشروق" أنهم تنقلوا إلى مكتب ميلود شرفي ثلاث مرات لعرض المبادرة عليه، بعد إعلان رئيس المجلس، عبد العزيز زياري، عن رغبته في أن يكون هذا المقترح مشروع كل الأحزاب الممثلة في المجلس، وأكدوا أنهم تلقوا تسويفا من رئيس المجموعة البرلمانية للأرندي، باحتضان المبادرة، غير أنهم لم يتلقوا منه أي رد إلى غاية كتابة هذه الأسطر، الأمر الذي ولد استغرابا لدى أصحاب المبادرة لما سمعوا تصريحات أويحيى القائلة بأن المبادرة كانت مغلقة على نواب الحزب العتيد. * ومما يؤكد صحة رد أصحاب المبادرة على ما وصفوها "مزاعم" أويحيى، هو وجود توقيعات لنواب من مختلف الأحزاب السياسية الممثلة في المجلس، ومنهم نواب حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة والإصلاح، والجبهة الوطنية، وبقية الأحزاب الصغيرة. * * حزب العمال... امتناع وتساؤلات * وعلى درب نواب الأرندي، سار نواب حزب العمال، الذين لم يستغلوا انفتاح جبهة للحرب على ما تسميه لويزة حنون "الإمبريالية"، فبالرغم من المحاولات التي قام بها أصحاب المبادرة في إقناع نواب هذا الحزب، إلا أنهم لم يجنوا غير التسويف أيضا. * وبحسب أصحاب المبادرة فإن نواب حنون أكدوا في البداية أنهم سيوقعون على مقترح القانون بصفة فردية (خارج إطار الحزب)، غير أن أيا منهم لم يحتضن المبادرة، وهو ما يطرح تساؤلات حول جدية الأفكار الإيديولوجية القائمة على محاربة الاستعباد، التي يؤمن بها حزب العمال ويدافع عنها. * * ابن الشهيد عميروش... جعجعة بلا طحين * وإذ كشفت قائمة التوقيعات تأخر نواب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، على مقترح تجريم الاستعمار، فإن السمة الأبرز تبقى غياب توقيع نور الدين آيت حمودة المدعو عمران، وهو نجل الشهيد البطل، العقيد عميروش، الذي دوخ الاستعمار.. غياب يبقى محل تساؤلات مهما كانت الدواعي، لأنه كان يفترض ألا يفوت نائب الأرسيدي، الانتقام لروح أبيه عبر هذا المقترح القانوني. * * حضور قوي لأحزاب المعارضة وحركة حمس * وعلى عكس الأفلان والأرندي وحزب العمال، لم يتخلف نواب حركة مجتمع السلم والجبهة الوطنية الجزائرية، وحركة النهضة وحركة الإصلاح، عن التوقيع على المبادرة ما رفع العدد إلى أكثر من 100 توقيع، بالرغم من أن الرقم القانوني للتوقيعات المطلوبة يقدر ب 20 توقيعا فقط، لأن القضية لا تتعلق فقط بالنصاب القانوني، وإنما بمدى احتضان نواب الشعب، لقضية مبدئية ومصيرية، لمؤسسة تشريعية مطعون في مصداقية تعاطيها مع مطالب شعب وتضحيات أمة، عاشت الويلات على مدار 132 سنة من الاستعمار الاستيطاني المدمر.