تستقطب عروض المحلات المختصة في بيع المنتجات الإلكترونية والكهرومنزلية والهواتف النقالة المواطنين الباحثين عن أسعار مميزة تتناسب مع ميزانيتهم، وكذا عن أجهزة جيدة بضمان لمدة طويلة، حتى إذا ما أصابها عطب فستقع أعباء التصليح على الشركة المنتجة وبين حقائق حول مدة ضمان وخدمات تصل ل 10 سنوات، وأجهزة تتوقف بعد أيام فقط من استعمالها لتظل أشهرا في طابور انتظار التصليح ليبدأ ماراطون جديد في التردد على المصلحة وترقب اتصال لن يأتي، ليرضخ في الأخير المستهلك للأمر الواقع، ويقتني آخر أو يصلحه على نفقته الخاصة، قصص كثيرة وضحايا بالألاف لخدمات ما بعد البيع وحقوق مغيبة للمواطن ارتأت "الشروق" التحري عنها. تتنوع عروض وخدمات ما بعد البيع ومدة الضمان بتنوع الشركات واختلاف أنواع المنتجات المحلية والمستوردة، حيث تتنافس جل هذه المؤسسات في تقديم أفضل الخدمات لزبائنها وتوفير أريحية لهم، غير أن بعض المؤسسات خصوصا المحلية تظل خدماتها منقوصة ويضطر المواطن للانتظار أشهرا عديدة حتى يستفيد منها، ولأن بعض المؤسسات المحلية أطلقت مراكز هاتفية لخدمة ما بعد البيع حاولنا خوض التجربة فاتصلنا بإحدى المؤسسات المعروفة والمشهورة ليخبرنا الموزع بضرورة إعادة الاتصال مرة أخرى وكررنا المحاولة لكن بدون جدوى. توجهنا لمحل خاص ببيع الأجهزة الكهرومنزلية والالكترونية في الحميز، ورحنا نتفحص الأجهزة المعروضة للبيع، حيث أخبرنا صاحب المحل، أن الزبون يهتم بالسعر فقط، ونادرا ما يسألك عن الضمان إلا عند التوقيع عن الفاتورة ويسألك في حال عدم اشتغال الجهاز هل تمنحونه آخر؟ أما مدة الضمان فهي آخر همه، مستطردا "وهذه الأخيرة تختلف حسب نوع الشركة المنتجة، فبعض الأجهزة مثل الغسالات، الثلاجات أجهزة التلفزيون تصل مدة الضمان فيها لسنتين وهناك أجهزة أخرى كألات الطبخ تصل لثلاث سنوات، هذا بالنسبة للمنتجات المحلية، أما بعض الشركات الأجنبية فتصل حتى 10 سنوات"، مضيفا أن المواطن يشتكي من مصلحة خدمة ما بعد البيع، فالشركات المحلية لا تهتم بها وعند أخذ الجهاز إليها، عليك الانتظار لمدة طويلة تفوق 6 أشهر، أما الشركات الأجنبية فالخدمة بها أسرع حتى إن الزبون يتصل بالمصلحة هاتفيا لترسل موظفين يقومون بتصليح العطب داخل البيت بدون تنقل. أما صاحب محل آخر، فأكد على أن المواطن لا يهتم بهذه الوثائق ولا حتى هذه الخدمات لأنه يعرف حقيقتها ونوعيتها، فمثلا إذا ما اقتنى جهازا فآخر همه الضمان أو الخدمة أو حتى دليل الاستعمال، فهم يعرفون حق المعرفة نوعية الخدمات وطبيعتها، فهذه النظرة الراسخة تجعل المواطن في حال تعطله يحمله فورا لأحد المصلحين من معارفه، وينهي بذلك مشكلة البقاء بدون جهاز لمدة طويلة.
مواطنون ينتظرون بالأشهر وآخرون يتخلون عن أجهزتهم ولأن معاناة المستهلكين لا تنتهي مع هذه الخدمة تواصلنا مع بعض الضحايا، يقول أحد المواطنين، اقتنى لوحة إلكترونية "تابلات" من عند شركة محلية بسعر 24 ألف دينار جزائري، وبعد مرور شهر ونصف تعطلت اللوحة فحاول الاتصال بالشركة هاتفيا، لكن صوت الموزع الهاتفي كان يرد عليه في كل مرة، ليضطر لنقله إلى وحدة الصنع وهناك تركها لمدة 22 يوما ليعود ويجدها لم تصلح بعد بحجة عدم وجود قطع الغيار. ونفس الشئ وقع لمواطن آخر أصيب هاتفه النقال بعطب بعد شراءه بشهر واحد ومنذ 6 أشهر، وإلى يومنا هذا مازال بمصلحة خدمة الزبائن وهو ما اضطره لشراء هاتف آخر. أما أحد المستهلكين فيقول إنه اشترى جهاز تلفزيون أعجبته الدعاية الكبيرة عليه، لكن بعد استخدامه لشهرين تعطل فنقله لمقر خدمة ما بعد البيع، وهناك طلبوا منه تركه وسيعاودون الاتصال به ومرت حوالي 10 أيام، ولم يتصلوا بعد، في حين زبون آخر اشترى جهاز تلفزيون تعطل بعد 5 أيام فقط من استعماله، لكن الشركة رفضت تصليحه لعدم توفر قطع الغيار. ولعل حجج المنتجين لا تنتهي، فبعد أن اقتنى مستهلك ثلاجة واستعملها لقرابة 14 شهرا تفاجأ بتوقفها عن التبريد، مما نتج عنه فساد الأغذية التي كانت فيها، وعند تقربه من المصلحة أخبروه بأن هذا النوع من قطع الغيار قليلة وغير متوافرة في السوق وقد توقفت الشركة عن إنتاجها. ومن بين المشاكل التي يواجهها ثقل حجم الجهاز وصعوبة نقله في كل مرة للمصلحة المختصة، فمواطن من العاصمة اشترى ثلاجة جديدة واستعملها لمدة شهرين فقط لتتعطل بعد ذلك، ولكونه يقيم في الطابق الخامس اضطر وبصعوبة كبيرة لأخذها وتصليحها لدى الشركة، لكنها عاودت التوقف مجددا، فتيقن أن هناك خلل خفي يجعلها تتعطل كل مرة ومع طول فترة التصليح تخلى عنها وعاد لاستعمال ثلاجته القديمة. وهو ذات المشكل الذي عاناه زبون اشترى غسالة ومدة الضمان فيها 24 شهرا، لكن بعد شهرين ونصف لم تعد تعبأ ماء ساخنا وتغسل بالبارد فقط، فنقلها للشركة لإصلاحها فتركها هناك، وفي كل مرة يتحججون بعدم وجود قطع الغيار، فاضطر لإعادتها لمنزله في الطابق 12 معطلة بعد 8 أشهر من الانتظار والتنقل الأسبوعي لمصلحة خدمة ما بعد البيع.
رئيس الفيدرالية الجزائرية لحماية المستهلك زكي حريز خدمة ما بعد البيع حبر على ورق وأجهزة الزبائن ترمى في النفايات
اعترف رئيس الفيدرالية الجزائرية لحماية المستهلك زكي حريز، بتلقيهم أزيد من 20 شكوى منذ مطلع السنة الحالية، من مستهلكين لم يتمكنوا من الاستفادة من خدمات ما بعد البيع، فالإشكالية تكمن في التزام المتعاملين اتجاه زبائنهم، فالمحليين يتحججون بنقص قطاع الغيار، أما بالنسبة للمنتجات المستوردة حسب رأي حريز، فيمكن القول إنها بدون ضمان ولا توفر هذه الخدمة. واعتبر المتحدث الورقة الموجودة في بعض المنتجات ليس لها دور، فالتجار يكتفون بتجريبها مباشرة وفي حال تعطلها فعلى مقتنيها تدبر أمره، مكملا أن بعض المنتجات المحلية خدماتهم تظل منقوصة، خصوصا فيما يتعلق بقطع الغيار، فالسوق تعاني ندرة كبيرة وأحيانا يكون منتجا جديدا أو مرات تنتج الشركة مجموعة ثانية جديدة فتحدث الندرة. ويرى حريز أن عددا قليلا من المتعاملين يتحملون مسؤوليتهم بالرغم من صدور مرسوم تنفيذي منذ سنتين، لكن لم يطبق كما ينبغي، فالوزارة الوصية لا تلزمه بتقديم ما بعد البيع فيكون أحيانا تواطؤ مابين الإدارة والمتعاملين مما ينجم عنه ضياع حقوق المستهلكين. ومن المشاكل التي يواجهها الزبائن عند تقربهم من هذه المراكز يقول رئيس فيدرالية حماية المستهلك التأخر في تصليح العطب، فأقل مدة هي أسبوع عندما يكون الجهاز صغيرا والعطب بسيطا، وهناك مستهلكون اضطروا لانتظار أكثر من شهرين أو ثلاثة أشهر حتى يستلموا أجهزتهم، مشيرا إلى أن المرسوم التنفيذي المتعلق بالمنتجات المعمرة كالأجهزة الكهرومنزلية والسيارات صريح وواضح، فعند حدوث عطب يتوجه لتصليحه أو الاستفسار عنه عند المتعامل، وفي حال تسبب فيه المستهلك فعلى الشركة أيضا توفير هذه الخدمة ودفع مقابل أي لا تكون مجانية.
أستاذ الحقوق بهلولي إبراهيم تكاليف التقاضي تفوق ثمن الأجهزة المعطلة أكد المحامي بهلولي إبراهيم، ندرة القضايا المتعلقة بخدمات ما بعد البيع وبعض الحالات التي تم تسجيلها تتعلق بالسيارات والشاحنات ففي الأجهزة الإلكترونية والكهرومنزلية تكون تكاليف التقاضي أكبر من ثمن الجهاز وهو جديد، لذا يعزفون عن الفكرة. وذكر المحامي بأن المشكل المطروح في الضمان وخدمات ما بعد البيع مرتبط بالمدة المقررة لكل آلة مشتراة، لكن غياب تقاليد البيع والشراء عند المتعاملين والتجار والزبائن يكون سببا في عدم استفادتهم من هذه الخدمة، فعلى الزبون الاحتفاظ بالوثيقة التي يعثر عليها داخل علبة المنتج مع فاتورة الشراء ويفترض على البائع تقييدها في سجل والاحتفاظ بها لمدة سنة، ففي حال تعرض الجهاز لعطب خلال الآجال المتفق عليها يمكنه طلب الإصلاح والصيانة على حساب المصنع، وأشار الأستاذ بهلولي لغياب تعامل بعض التجار بالفواتير والسجلات، فيصعب على الزبون الضحية الإثبات لأن العبء يقع على المدعي أو المتضرر ويمكنه بذلك اللجوء للعدالة ومعه فاتورة الشراء، وثيقة الضمان، الجهاز في حالة عطب ليتمكن من إيداع شكوى.
رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار التاجر ليس مسؤولا عن خدمات مابعد البيع أقر رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار، بوجود نقص في خدمات ما بعد البيع، لكن المسؤولية لا تقع على التاجر بل على الجهة المصنعة أو المستوردة، فالتاجر مهنته البيع فقط فإذا وفر هذان الطرفان هذه الخدمة فالتاجر سيسلم الورقة مع البضاعة، أما إذا وقع عطب في الأجهزة الكهرو منزلية فليس التاجر مسؤولا عنها، وليس بإمكانه جلب وثائق الضمان أو إصلاحها. وواصل بولنوار قائلا بأن بعض التجار والموزعين يتجنبون هذه الخدمات تفاديا للمشاكل التي تنجر عنها من زبائن يسيؤون استعمال الجهاز ويتعمدون تعطيله بقصد منهم حتى يتحايلون كذبا على الشركة.