أحكام بين 4 سنوات سجنا والمؤبد للمتهمين في قضية 1250 طن من بودرة الحليب فتحت محكمة الجنايات بتلمسان أول أمس ملف أخطر قضية تهريب عرفها الشريط الحدودي خلال سنة 2009، بعد اكتشاف مصلحة الجمارك لقمع الغش بالتنسيق مع كتيبة الدرك الوطني بالغزوات مخزنين بحي "الحرشة" بمنطقة السواني الحدودية بداخلهما كمية معتبرة من أكياس بودرة الحليب من نوع "سيبراي" كانت مهيأة من قبل مافيا التهريب لتحويلها إلى المملكة المغربية، وبعد المداولات، أصدرت هيئة المحكمة قراراتها، حيث قضت ب5 سنوات سجنا ضد كل من (ح.ح) و(م.ح) صاحبي شركة إستيراد وتصدير، والمؤبد ضد 4 متهمين فارين، فيما أدين البقية بغرامات مالية. * القضية التي تعود إلى أوائل شهر ماي من السنة الماضية، والتي سميت وقتها ب"قضية محاولة تهريب 125 طن من بودرة الحليب"، كشفت بشأنها التحقيقات الأمنية سواء لدى مصالح الدرك الوطني أو الضبطية القضائية، عن تورط 13 شخصا من بينهم مسيري شركة "أقرولات" الكائن مقرها بولاية وهران ووكيل عبور بالإضافة إلى سائقين عموميين و4 أشخاص من محترفي التهريب ينحدرون من منطقتي السواني ومغنية لا يزالون في حالة فرار، حيث نجحت المصالح الأمنية من خلال استغلالها لمعلومة تفيد بوجود كميات معتبرة من أكياس بودرة الحليب ذات سعة 25 كلغ للواحد، باشرت عملية مداهمة بمساعدة أفراد من كتيبة الدرك الوطني، تمكنت بعدها من حجز 25 طنا من بودرة الحليب ليتم تحديد بعد ذلك هوية مصدر هذه البضاعة، التي تعود ملكيتها إلى شركة مختصة في التصدير والاستيراد "أقرولات" وذلك من خلال ما كشفت عنه العناوين التي كانت على ظهر الأكياس، حيث على هذا الأساس، انطلقت مصالح الدرك في تحرياتها التي إستقرت على أن ذات الشركة قامت قبل فترة وبعد أن عثرت على هذه الكميات داخل مخزنين بسواني، وتحديدا في 2 ماي 2009 باستيراد 125 طن من هذه المادة المدعمة، وذات الاستهلاك الواسع تم تفريغ 5 حاويات من البضاعة بميناء الغزوات، ليتم شحنها بعد ذلك في شاحنات قبل أن تتم عملية جمركتها من قبل وكيل العبور (ز.ع.ق) الذي وجد نفسه متهما في قضية الحال بتهمة "عدم الإبلاغ عن جناية التهريب". * وكشفت ذات التحريات على أن البضاعة تم استلامها من قبل ذات الشركة، ومن طرف (ح.ح) شريك (م.ح) في شركة "أقرولات" بميناء الغزوات، إلا أنه تبين بعد ذلك أن هذه البضاعة القادمة من بلجيكا، كان من المقرر أن يتم إستلامها بميناء وهران وليس الغزوات، وهو ما كشفت عنه الوثائق الرسمية في بداية الأمر، قبل أن يوضح المتهم (ح.ح) أثناء جلسة المحاكمة أنه قد وقع خطأ من قبل المورد تم تصحيحه بعد ذلك، غير أن شهادة كاتبة المؤسسة كما جاءت في قرار الإحالة، قالت أنها "البضاعة التي كان من المنتظر استلامها بميناء وهران قادمة من بلجيكا" قبل أن تتراجع عن أقوالها، وتبين أنها خلال تلك الفترة الممتدة من 2 إلى 7 ماي استفادت من عطلة مرضية. * أثناء مجريات المحاكمة، دافع المتهم (ح.ح) عن شركته "أقرولات" محاولا إبعاد تهمة التهريب وأن سمعة الشركة لا تسمح بذلك بحكم أنها "شركة إستيراد وتصدير تتعامل مع 20 دولة أجنبية، وأن رأس مالها يصل إلى حدود 200 مليار وأنها منذ نشأتها وخلال 10 سنوات من النشاط تدفع مستحقات الضرائب بشكل منتظم وقانوني"، مشيرا إلا أنه يوم وصول الشحنة عبر ميناء الغزوات كان متواجدا من أجل استكمال الإجراءات الجمركية التي كلف بها وكيل العبور (ز.ع.ق)، وأنه لم يطلب من سائقي الشاحنات التوجه بالحاويات إلى منطقة السواني، وأن البضاعة فعلا تم نقلها إلى مخازن الشركة بحي قمبيطة بوهران، وهو ما ذهب إليه السائقين المتابعين بجنحة عدم الإبلاغ مؤكدين أمام هيئة المحكمة أنهم نقلوا البضاعة إلى حي قمبيطة بوهران، غير أن وكيل العبور أثار قضية تخص الاتصالات التي أجريت ما بينه وبين (ح.ح) عندما نقل تصريحات هذا الأخير ومفادها بأنه طلب من السائقين نقل البضاعة إلى السواني، موضحا في هذا الشأن، أنه سمع ذلك وأن ذات المسير مارس عليه نوعا من الضغط عندما إتصل بها قائلا "إننا جميعا سندخل السجن إن قلت هذا الكلام لمصالح الدرك". * من جانب آخر، كشف صاحب الشركة (م.ح) أنه لم يسبق له وأن زار مدينة الغزوات، وأن البضاعة وصلت إلى وهران وخلال تلك الفترة باع على دفعات كميات معتبرة منها 30 طنا، 15 طنا،45 طنا، غير أن رئيس هيئة المحكمة واجهه بقضية التزوير في المحررات التجارية، خاصة السجل التجاري الذي هو ملك ل(ش.م) والذي كشفت بشأنه التحقيقات أن صاحبه عدل نشاطه التجاري من بيع المواد الغذائية إلى نشاط آخر، وهو ما لايسمح له بمزاولة النشاط، إلا أن (م.ح) أكد على أنه تعامل مع الوثائق ولم يزوّر أي وثيقة متعلقة بالفاتورات، محاولا هو الآخر إبعاد التهم المنسوبة إليه وإلى شريكه، أما أصحاب المخزنين ومتابعين بجنحة عدم الإبلاغ، بأنهما لا علم لهما بمسألة إيجار المحلين وأن والدتهما هي من قامت بكراء المخزنين، وتبين أن أحد هاذين المخزنين استأجر من قبل شخص ميت، وهو التدبير الذي قام به عناصر الشبكة المهربة التي يوجد أفرادها في حالة فرار، كما تلقى هذين الشخصين (ب.د.ن) و(ب.د.م) تهديدات من قبل مافيا التهريب، حيث قاما بتسجيل ذلك في قرص مضغوط. * النيابة من جهتها أكدت أن قضية من هذا النوع تعد خطيرة جدا وسابقة من نوعها كونها تضر بالاقتصاد الوطني، قبل أن تستعرض القرائن التي تثبت إدانة المتهمين في قضية الحال ملتمسة تسليط عقوبة 13 سنة على مسيري شركة أقرولات و4 سنوات لبقية المتهمين وتسليط عقوبة المؤبد ضد الأشخاص الفارين.