انتقل إلى رحمة الله الدبلوماسي والكاتب، محمد الميلي براهيمي، الخميس، بباريس عن عمر ناهز 87 بعد صراع طويل مع المرض. وفي مشوار المجاهد المرحوم العديد من الإسهامات في المجال الفكري والتربوي والإعلامي والعمل الدبلوماسي، حيث انخرط بعد تخرجه مباشرة في الخمسينات بشهادة اللسانس في التاريخ والجغرافيا في جمعية "شباب العلماء المسلمين" ودرس اللغة العربية في معهد ابن باديس بقسنطينة. ومنذ سنة 1957 تولى المرحوم محمد الميلي مهام التحرير الصحفي بجريدة المجاهد اللسان المركزي لجبهة التحرير الوطني، ثم عيّن مديرا لنفس الجريدة، كما تولى المرحوم أيضا منذ سنة 1962 عدة مناصب مسؤولية في الإعلام منها مديرا ليومية جريدة "الشعب" الناطقة باللغة العربية ثم اسند له منصب مديرا في الشؤون السياسية لجريدة "المجاهد". وفي سنة 1967 تم تعيينه على رأس المدرسة العليا للصحافة ثم تولى منصب مدير إعلام بوزارة الإعلام آنذاك وكلف في الفترة مابين 1974 و1977 بمهام مدير عام لوكالة الأنباء الجزائرية. وفيما بعد أصبح المرحوم نائبا بالمجلس الشعبي الوطني ومسؤولا عن ملف التربية والإعلام والثقافة ثم عين عضوا في اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني وذلك في الفترة مابين 1977 و1979. أما عمله في المجال الدبلوماسي منذ سنة 1979 تولى مهام سفير للجزائر باليونان ثم مندوبا دائما للجزائر في منظمة اليونسكو ليعين بعد ذلك سفيرا للجزائر بالقاهرة ثم وزيرا للتربية الوطنية. وللفقيد العديد من المؤلفات السياسية والأدبية منها "الفاشية العالمية الجديدة وكتاب تحت عنوان "تاريخ الجزائر مابين 1963 - 1964"، وكذا كتاب "الجزائر في مرآة التاريخ" وكتاب أخر بعنوان "ابن باديس" و"المواقف الجزائرية"...الخ. كما منحت للفقيد المجاهد ميدالية مقاوم أثناء الثورة التحريرية ووسام الاستحقاق الوطني سنة 1984.
وسينقل جثمان الفقيد الجمعة إلى الجزائر ليوارى إلى مثواه الأخير. بوتفليقة: الفقيد أسهم في بناء الدولة الجزائرية الحديثة بعث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، برقية تعزية إلى أفراد أسرة المرحوم محمد الميلي براهيمي، الذي وافته المنية، الخميس عن عمر ناهز 87 سنة إثر مرض عضال، أكد فيها أن الفقيد أسهم في بناء الدولة الجزائرية الحديثة بتوليه العديد من المسؤوليات في داخل الوطن وخارجه. وجاء في برقية التعزية: "بلغني ببالغ الأسى والأسف نبأ انتقال المغفور له الصديق المناضل والكاتب القدير محمد الميلي براهيمي إلى رحمة الله وعفوه، بعد مرض عضال أقعده الفراش ردحا من الزمن، حرمه من الكتابة وأبعده عن مجالات الأدب والسياسية، وأفتقده رفاقه في مجتمعاتهم التي كان يصول فيها ويجول، وانتظروا أن يعود إليهم سالما معافى ليستأنف معهم النضال، كما كان بلسانه الذرب وقلمه السيال، ولكن الله شاء غير ما شاؤوا فقضى أن يولي الفقيد وجهه شطر رحابه، ملبيا نداءه راضيا مرضيا، تسبقه حسناته وتزفه دعوات كل من عرفوه". وتابع الرئيس بوتفليقة قائلا: "لقد كان الفقيد جم الأدب عالي الخلق، حلو الشمائل، لطيف المعشر، ذا علم غزير وباع طويل في التأليف والكتابة، ولا غرو ذلك فهو سليل أسرة علمية ترعرع في حضن والده العلامة المؤرخ الكبير الشيخ مبارك الميلي رفيق درب العلامة المصلح الكبير عبد الحميد بن باديس، عليهما رحمة الله، وتشرب منه الخلق الحميد والنزاهة الوطنية الصرفة". وأضاف أن الراحل "بدأ نضاله يافعا ولما اندلعت ثورة التحرير المظفرة وسطع شعاع أول نوفمبر، التحق بإخوانه المجاهدين مؤديا دوره النبيل بكل بسالة وإخلاص، ينافح بالكلمة والقلم، وبنفس الروح التي تحلى بها على مدى حياته، أسهم في بناء الدولة الحديثة بتوليه العديد من المسؤوليات في داخل الوطن وخارجه، وكان على حمل المسؤوليات قادرا، وفي أداء المهمات نشيطا، إلى أن مرض وخبا في أفقه الأمل وأدركه الجل". واستطرد رئيس الدولة قائلا "وإن الذي أنعم عليه بالحياة في الدنيا، وكرمه بالآباء والبنين، وهداه إلى العمل الصالح وأداء الواجب نحوه ونحو وطنه وأسرته ثم رده إليه لحكمة يعلمها، وقد كتب على نفسه الرحمة، قد جعل له عنده حياة أفضل، ومن ألطف من الله بعباده وأرحم". وخلص رئيس الجمهورية "أسأل المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد برحمته ورضوانه، وأن يسكنه فسيح جنانه، وأن ينزله منزلا مباركا بين الأبرار والصديقين، وحسن أولئك رفيقا، وأن يرزق أهله وأقاربه وجميع رفاقه صبرا جميلا، ويعوضهم فيه خيرا كثيرا، ويوفي لهم أجرا عظيما. وأعرب لحرمه المصون ولكافة أفراد أسرته الأكارم وذويه الأبرار عن تعازي الحارة ومواساتي الصادقة". وختم الرئيس بوتفليقة برقية التعزية مستشهدا بالآية الكريمة "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هو المهتدون".