أرهق مسلسل وضع قرارات والتراجع عنها، حكومة عبد المالك سلال خلال الأشهر الأخيرة، حيث تم تعديل خمسة منها على الأقل سواء من قبل الوزراء نفسهم أو بتدخل من الوزير الأول. ويعد قرار وزيرة التربية نورية بن غبريط، الثلاثاء، بتمديد عطلة الشتاء إلى 20 يوما بدل عشرة أيام عقب احتجاجات للتلاميذ، حلقة في مسلسل للتراجع عن القرارات الحكومية، بدأ قبل أشهر ويبدو انه بدون نهاية. وجاء تراجع الوزيرة عن رزنامة العطل المدرسية التي وضعتها مؤخرا تكملة لقرار مماثل عدلته بعد فترة وجيزة من إقراره ويتعلق الأمر بمشروعها لإصلاح امتحان البكالوريا. واضطرت بن غبريط، إلى تجميد القرار وتغطية ذلك بإجراءات، أبرزها تقليص عدد مواد الامتحان في اليوم الواحد، وتأخير وقت الدخول للمترشحين وذلك استجابة لاحتجاجات تلاميذ البكالوريا. ولما سئلت بن غبريط عن ذلك، ردت بأن المشروع قائم وسيكون تطبيقه بالتدريج، لتعيد هذه الوزيرة التي وقفت "شامخة" أمام رياح منتقدي إصلاحات الجيل الثاني الكرّة مرة أخرى، مع ملف العطلة الشتوية الذي عدلت القرار بشأنه في منتصف النهار وبمفعول فوري، وتركت الأساتذة والأولياء والمدراء في حيرة بشان الوضع الجديد. وتزامن هذا القرار مع جدل في قطاع الصحة بشأن المكمل المسمى "رحمة ربي"، الذي زكّى الوزير عبد المالك بوضياف "مخترعه" قبل أشهر قبل أن يتبرأ منه ومن شهاداته المهنية، ويأمر بسحي المنتج من الأسواق، بعد أن كبرت كرة الثلج من حوله بدعوات متصاعدة من المهنيين في القطاع، تدعو لسحبه لما يشكله من خطره على مرضى السكري حسبهم. وفي نفس القطاع أيضا، اضطرت الوزارة إلى تجميد عرض مشروع قانون الصحة الجديد أمام لجنة الصحة بالمجلس الشعبي الوطني، والذي كان مقررا، الاثنين، وتأجيل ذلك إلى 17 جانفي القادم، بدعوى وجود عدة قوانين مبرمجة على مستوى البرلمان، علما أن ذات المشروع المثير للجدل تأجل تحويله أمام البرلمان على الأقل ثلاث مرات خلال الشهرين الماضيين. وقبل أسابيع عاش المواطن حالة ترقب بين وزارتي الصناعة والتجارة، بشان ملف استيراد السيارات المستعملة، فبعد إعلان الوزير بختي بلعايب، عن إدراج السلطات للقرار ضمن مشروع قانون المالية لعام 2017، خرج الوزير عبد السلام بوشوارب ونفى ذلك، واستمر الجدل بين الدائرين الوزاريتين لأيام، قبل أن يتبين أن القرار غير موجود. وأخذت النقاش بشان التعديلات التي أدخلت على قانون التقاعد نفس المنحى، فبعد احتجاجات النقابات والمعارضة والدفاع المستميت لوزارة العمل وأحزاب الموالاة عن إلغاء التقاعد دون سن 60 سنة، خرجت السلطات بحل وسط بعد تدخل رئيس الجمهورية، وأجلت التطبيق إلى عام 2019 لمن بلغوا سن 58و59 سنة فقط خلال العامين الماضيين. واضطر الوزير الأول عبد المالك سلال قبل أسابيع أيضا، إلى التدخل لإلغاء قرار لوزير السكن بشأن عقوبات على أصحاب البنايات غير المكتملة، بعد انتهاء مهلة الحكومة لأصحابها في أوت الماضي . واضطر سلال إلى تصحيح وضع كان سيؤدي إلى تجميد النشاط التجاري في البلاد، بفعل عدم قدرة أصحاب هذه البنايات على استغلالها. وتعد هذه عينة من عدة قرارات تم وضعها قبل التراجع عنها بمدة قصيرة من قبل الحكومة، بشكل اخرج إلى السطح تحليلات حول غياب التجانس بين أعضائها، وكذا معلومات عن تعديل حكومي واسع لإعادة الأمور إلى نصابها، حسب أصحاب هذه التسريبات.