يواجه الجزائريون فوضى غير مسبوقة في سن القوانين "المستوردة" التي لا تعمر طويلا بسبب التسرع في سنها وعدم قابليتها للتطبيق على أرض الواقع، ليتم تجميدها وإلغاءها أحيانا وتأجيلها أحيانا أخرى، بعد تسببها في جدل وانتقادات كثيرا ما أثارت استنفار أعلى سلطة في البلاد، على غرار قانون التقاعد الذي دفع رئيس الجمهورية إلى التدخل شخصيا لإنقاذه، بإجراء اعتبرته النقابات حيلة وخدعة لتمريره في البرلمان.. قانون مستورد من كندا للتقليل من حوادث المرور ومن أكثر القوانين غرابة والتي لم تعمر سوى أيام معدودات قانون وضع شريط أزرق في الجهة اليسرى للطرقات السريعة، والتي يمنع للمركبات التي تقل أقل من ثلاثة ركاب السير عليها، بهدف التقليل من حوادث المرور، وهو الأمر الذي أثار حيرة واستغراب المختصين حينها، خاصة وأن القانون استورد من كندا، وكلف خزينة الدولة أموالا كبيرة، حيث شرعت مصالح ولاية الجزائر في طلاء الطرقات السريعة باللون الأزرق وسارعت مصالح الشرطة في مطاردة السيارات التي لم تحترم الإجراء الجديد ليدخل المجتمع في حالة من الاحتقان بعد ما تم فرض غرامات مالية على عدد كبير من السائقين، لتتراجع ولاية الجزائر أخيرا عن تطبيق الإجراء الذي ولد ميتا.. سيارات الأجرة في الجزائر على الطريقة الأمريكية قانون آخر أقرته مصالح ولاية الجزائر سنة 2014 أجبر سائقي سيارات الأجرة على طلاء مركباتهم باللونين الأسود والبرتقالي على الطريقة الأمريكية، وهذا ما أدخل المعنيين بالقرار في احتجاجات مفتوحة، غير أن السلطات الوصية ضربت بيد من حديد، مهددة الممتنعين عن تنفيذ القرار بسحب رخصهم وتوقيف نشاطهم، ما دفع الكثير من أصحاب سيارات الأجرة إلى الشروع في "تزيين" مركباتهم بالأسود والبرتقالي، ليتدخل والي العاصمة ويلغي القانون الذي كلف سائقي سيارات الأجرة مبالغ تراوحت ما بين 02 و03 مليون حسب حجم السيارة ونوعيتها.. شهادات المطابقة.. سلال يتدخل لإنقاذ سوق العقار وتعتبر إجبارية شهادة المطابقة في التعاملات العقارية من أكثر القوانين المسببة للجدل، حيث تسبب الإجراء في شل سوق العقارات وإحالة الكثير من الموثقين والوكالات العقارية نحو البطالة، خاصة وأن غالبية الجزائريين لم يتمكنوا من الحصول على هذه الشهادة، ما دفع الوزير الأول عبد المالك سلال إلى التدخل لتجميد العمل بشهادة المطابقة التي أثارت رعب الجزائريين، خاصة بعد تهديد وزارة السكن والعمران العاجزين عن إكمال بناياتهم بالتهديم. حزام الأمان في المقاعد الخلفية.. أغرب قانون يطبق على البعض فقط أثار قانون إجبارية حزام الأمان في المقاعد الخلفية حالة من الاحتقان والتخوف وسط مستعملي الطرقات، خاصة وأن الإجراء الجديد اقترحته القيادة العامة للدرك الوطني، ويكلف المخالفين 5000 دج كغرامة بالإضافة إلى سحب ست نقاط من رخصة السياقة. الكثير من المختصين انتقدوا القانون، معتبرين إياه غير صالح للتطبيق في حظيرة سيارات تتسع لثمانية ملايين مركبة، قرابة 40 بالمائة منها يزيد عمرها عن 20 سنة، ليتدخل مدير النقل البري على مستوى وزارة النقل السيد سالم صالحي ويعلن أن القرار لن يطبق على السيارات غير المجهزة بأحزمة أمان خلفية، وهذا ما يعني حسبه أن الإجراء الذي سيدخل حيز التطبيق العام القادم ضمن قانون المرور الجديد سيطبق على نصف الجزائريين الذين يملكون سيارات مجهزة بأحزمة أمان خلفية ليعفى النصف الآخر من تطبيقه، وهكذا تكون الجزائر قد سنت أغرب قانون صالح للبعض فقط. التقاعد المسبق.. الرئيس ينقذ القانون في آخر لحظة كادت الجزائر تدخل في حالة من الفوضى التي تسببت فيها العديد من الاحتجاجات والإضرابات المفتوحة في المدارس والمستشفيات والمؤسسات.. بسبب قانون التقاعد المسبق، الذي تسبب في شل العاصمة يوم مناقشته في البرلمان، أين دخل النواب في ملاسنات زاد من حدتها غليان الشارع، ليتدخل الرئيس في الوقت بدل الضائع وأنقذ القانون المثير للجدل بإجراء إضافي يمدد فترة تطبيقه لسنتين قادمتين.