تستبق الذكرى السادسة لثورة 25 يناير/جانفي 2011 في مصر، تشديدات أمنية بحشود بالآلاف في مختلف أنحاء البلاد، في مقابل دعوات محدودة للتظاهر، ونقاش معارضين حول تشكيل جبهة وطنية لدعم التغيير. وتحل غداً (الأربعاء)، الذكرى السادسة لانطلاق مظاهرات شعبية دعت لتنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك (1981-2011)، والذي أعلن في 11 فيفري من العام ذاته استجابته للمطلب الشعبي بتنحيه، وسط أوضاع اقتصادية صعبة تمر بها مصر حالياً.
إجراءات أمنية مشددة ونقلت وكالة الأناضول للأنباء عن مصدر أمني، مفضلاً عدم ذكر اسمه، كونه غير مخول له التصريح لوسائل الإعلام، إنه "تم تكثيف التواجد الأمني بمحيط كافة المنشآت الحيوية والهامة، وكذلك المواقع الشرطية وتم تعزيز التواجد الأمني لضمان تأمين الذكرى". وأضاف المصدر ذاته، أنه "يتوقع مشاركة 160 ألف عنصر شرطي في عملية التأمين على مستوى مصر، فضلاً عن 200 مجموعة قتالية في القاهرة الكبرى (تضم محافظتي القاهرة والجيزة ومدينة شبرا الخيمة في محافظة القليوبية). ولفت إلى أنه "على الرغم من عدم رصد أي دعوات إثارية، إلا أن جميع أجهزة وزارة الداخلية على استعداد كامل للتعامل الفوري والحاسم مع أي من حالات الخروج عن القانون". وأمس (الاثنين)، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، أنها "تدرك محاولات قوى الشر والإرهاب المستمرة لاستغلال أية مناسبات، لتهديد أمن البلاد والمواطنين". وفيما شددت الداخلية المصرية في بيان، على أنه "لا مجال للتهاون مع أية محاولات تسعى لتعكير صفو أمن المواطنين"، قالت إنها "يقظة ومستعدة للتعامل مع كافة الاحتمالات والتهديدات".
دعوات خجولة للتظاهر في المقابل، لم تشهد مصر دعوات لافتة حاشدة للتظاهر والاحتجاج أو الاحتفاء داخل البلاد لإحياء ذكري يناير هذا العام. غير أن "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، المؤيد لمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً، دعا في بيان مطلع الأسبوع الجاري إلى تظاهرات في يوم الذكرى، وهي عادة ما تكون محدودة بقرى وأحياء في البلاد على نحو ما يحدث في يوم الجمعة يوم العطلة الرسمية الأسبوعية من أنصار التحالف ذاته. فيما دعت حملة "يناير يجمعنا" التي تم تدشينها من معارضين مصريين في الخارج الشهر الجاري إلى فعاليات لإحياء الذكرى السادسة بعدة مدن غربية وإفريقية المتواجدين فيها لاسيما في باريس، ونيويورك، وجنوب إفريقيا، وفق تصريحات صحفية سابقة. ورغم الدعوات المحدودة للتظاهر، إلا أن وزارة الصحة المصرية أعلنت أن خطتها التي بدأت، اليوم (الثلاثاء)، لتأمين الذكرى السادسة لثورة 25 يناير، شملت الدفع ب2110 سيارات إسعاف مجهزة وموزعة على أماكن التجمعات أمام المباني الحكومية والتجمعات العامة والمتنزهات والحدائق على البلاد، بالإضافة إلى 10 لنشات إسعاف نهري وطائرتين مروحتيين. وأكدت وزارة الصحة في بيانها، أنه تم تشكيل غرفة عمليات مركزية "أزمات" تنعقد بشكل دائم من اليوم الثلاثاء وتستمر حتى يوم الجمعة المقبل.
محاولات للتغيير في السياق ذاته، قال مدحت الزاهد القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي (يساري) للأناضول، إن هناك اجتماع يقام، مساء الثلاثاء، بمقر الحزب في القاهرة، بعنوان "تجمع القوى الوطنية.. طريقنا للتغيير"، لمناقشة إقامة جبهة وطنية. وأكد الزاهد، على أهمية مناقشة أولويات بناء جبهة وطنية موحدة يواجه بها المواقف والتحديات القائمة في الفترة الراهنة لاسيما مع تذمر شعبي من الأوضاع الاقتصادية. ووفق بيان لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، سيشارك في الاجتماع سياسيون بارزون منهم أحمد البرعي (وزير سابق) والسفير السابق معصوم مرزوق، حمدين صباحي (مرشح رئاسي سابق)، وجورج إسحاق (عضو بمجلس القومي لحقوق الإنسان الحكومي)، والفنانة تيسير فهمي. وحول سبب عدم إحياء رموز يناير للذكرى في الميادين، أوضح الزاهد في التصريحات ذاتها، إلى أن "قوى يناير لم تعد كما كانت في الأول، وتواجه حصاراً وانحساراً وتراجعاً وهذا ليس عيباً فضلاً عن القيود الأمنية وغلق المجال العام". واستدرك "لكن القوى باقية وتستخدم الوسائل الملائمة للواقع وتحرص على الحفاظ على روح يناير". ولفت إلى أن التظاهر ليس بالضرورة هو الوسيلة الوحيدة لإحياء الذكرى، وسط احتمالات بصدام وكر وفر بين المتظاهرين والشرطة وسجناء إثر ذلك. وشدد على أن النضال القانوني والذي انتصر مؤخراً في معركة مصرية تيران وصنافير مهم أيضاً، لاسيما في رفض تحديد وزارة الداخلية مؤخراً مساحة 800 متر أمام المقار الحكومية بعدة محافظات بينها القاهرة كحرم آمن، وهو ما يناهض حق التظاهر ونسعى لوقفه بإجراءات قانونية (لم يحددها). وفي 16 جانفي الجاري، أعلنت المحكمة الإدارية العليا (أعلى جهة للطعون الإدارية وأحكامها نهائية)، رفض طعن قدمته هيئة قضايا الدولة (ممثلة الحكومة) على حكم أصدره القضاء الإداري، في جوان الماضي، ببطلان الاتفاقية الموقعة بين مصر والسعودية على ترسيم الحدود البحرية في أفريل الماضي. وأكد مدحت الزاهد القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن ثورة يناير ومطالبها في العيش الكريم والحرية والعدل والكرامة هي أساس لأي استقرار بالبلاد، لافتاً إلى أن البلاد تعاني مما هي فيه بسبب غياب تلك المطالب. من جانبه، فسر سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي للأناضول، تراجع الحشود الشعبية لإحياء الذكرى شعبياً في الميادين وسط التواجد الأمني قائلاً: "المزاج الشعبي ليس مع التظاهرات، وهناك مخاوف من شبح الإرهاب والاعتقالات وسط تراجع واضح لمطالب الثورة".