يضطرّ نحو 10 آلاف تلميذ، متمدرس بولاية سكيكدة، لتناول وجبات باردة، تتمثل في حبات جبن وخبز وبرتقال أو فواكه موسمية جافة، وذكرت مصادر مطلعة ل"الشروق" ، أن أغلبية هذه المؤسسات التربوية تقع في عاصمة الولاية سكيكدة، التي تحوي نحو 30 مدرسة تقدم وجبات باردة للتلاميذ، بعضها بسبب افتقار هذه المؤسسات التربوية لمطاعم وقاعات مهيأة أصلا وأخرى بسبب التماطل والإهمال واللامبالاة. ويشتكي المئات من أولياء التلاميذ على مستوى المدارس الابتدائية لعور حسين بحي الأمل، عبد الحميد بوثلجة بحي القبية، أحسن بن ذيب بحي 500 مسكن على مستوى عاصمة الولاية وغيرها، من ظروف قاهرة يعيشها أبناؤهم على مستوى هذه المدارس، إذ يجبرون على تناول وجبات باردة من دون قيمة غذائية، في عز أيام البرد، الأمر الذي ينعكس سلبا على تحصيلهم الدراسي، ويقول الأولياء بأنه من العار والفضيحة، وجود مدارس في بلدية سكيكدة، التي تعتبر رابع أغنى بلدية في الجزائر، تقدم وجبات باردة للتلاميذ، ويعيش هؤلاء ظروفا سيئة من حيث التغذية والتدفئة وظروف التمدرس، بسبب تواجد عدد من المؤسسات التربوية في ظروف سيئة جراء عدم ترميمها منذ عشرات السنين، وحتى على مستوى عدد من بلديات الولاية، ويرى متابعون بأن رقم المؤسسات التربوية التي تقدم وجبات باردة وأخرى لا تقدم وجبات أصلا مرشح للارتفاع في السنوات المقبلة، بسبب تجميد التوظيف على مستوى البلديات، في الوقت الذي تعرف هذه الأخيرة نزيفا حادا بسبب رغبة المئات في الإحالة على التقاعد.
بسبب رداءتها وبرودتها في عز الشتاء تلاميذ الجنوب يرفضون تناول الوجبات المدرسية يشتكي العديد من أولياء تلاميذ ابتدائية محمد فرحي بمدينة ايليزي، من تقديم الوجبات الباردة لأبنائهم في عز الشتاء القارس، وذلك منذ بداية السنة، وهي المدرسة الجديدة التي أشرف على افتتاحها والي الولاية خلال بداية الموسم. وهي الوضعية التي أثارت استياء الأولياء بالرغم من وعود المسؤولين، بأن المطعم سيكون جاهزا خلال مطلع سنة 2017، وهو ما لم يتجسد على أرض الواقع، بحيث عبروا للشروق عن رفضهم لهذه الوضعية، خاصة مع دخول فصل الشتاء، والذي يحتاج فيه التلاميذ إلى مثل هذه الوجبات الساخنة، خاصة بالنسبة للعائلات الفقيرة، والذين تعج بهم هذه المدرسة، مما يبعد بشكل نهائي أهداف المطاعم المدرسية، والتي تتمثل في أن يتناول التلميذ وجبات متكاملة من جميع المكونات الأساسية. بعض الأولياء استغربوا كيف لمدرسة داخل مقر الولاية وأمام أنظار المسؤولين، مازالت تقدم مثل هذه الوجبات الباردة لحد اليوم، أما التلاميذ فمازال البعض منهم يرفضون تناول هذه الوجبات نظرا لرداءتها كليا. نائب رئيس الفيدرالية الوطنية لأولياء التلاميذ ومنسق ولايات الجنوب سليمان مقدم، والذي كان في زيارة لولاية ايليزي، اعترف أن الوجبات الباردة تقدم على مستوى 69 مدرسة ابتدائية بولاية ايليزي، مدير التربية بولاية ايليزي من جهته اعترف فعلا بوجود بعض المدارس التي مازالت تقدم وجبات باردة، مؤكدا بأن السبب المباشر في هذا هو غياب هياكل الإطعام، وهو ما يحصل في ابتدائية محمد فرحي بعاصمة الولاية، وفيما يخص غياب الوجبة الشاهد، صرح المدير بأنه قد أعطى تعليمات لجميع مديري المؤسسات، وهم المسؤولون عن هذه المطاعم، تعليمات خاصة لتجنب تقديم الأطعمة التي يمكن أن تسبب تسمما، مثل الكاشير أو غيرها، مع التركيز على مراقبة تاريخ انتهاء الصلاحية.
التلاعب بصفقات تموين المطاعم المدرسية يأخذ منعرجات خطيرة مطاعم درجة أولى في المدن.. والبيض والجبن لتلاميذ المداشر بوهران كشفت مصادر تربوية عن أن كافة النقاشات التي أثارت شبهة التلاعب بصفقات خاصة بالإطعام المدرسي وبسوء تسيير مطاعم مدرسية من طرف مسؤولين ومنتخبين بولاية وهران، خلال السنوات الماضية، لم يبلغ صداها يوما أروقة المحاكم، مثلما يظل الحديث المستهلك عن إخضاع قضاياها للتحقيق، إما لغوا، أو واحدا من الملفات التي توأد في مهدها أو تقفل بأسرارها، رغم كل ما تحمله من غموض وتناقض بين حسابات الميزانية الضخمة الموجهة لدعمها، والحالة البائسة التي تظهر بها على طاولات الوجبات التي يلتف حولها التلاميذ، خاصة في البلديات النائية والأحياء الفقيرة.. ومن ذلك تشير ذات المصادر إلى قضية الكشف عن تورط فاضح لمموني مطاعم مدرسية في تضخيم فواتير خاصة ببيع بعض المواد الغذائية، والتي تم إثارتها على العلن في إحدى دورات المجلس الشعبي الولائي لوهران، لكنها تؤكد أن لا شيء تم تحريكه على الصعيد الرسمي لردع المتهمين والمتواطئين معهم ووضع حد للظاهرة.. وتؤكد مصادرنا، استنادا أيضا إلى شهادات أولياء تلاميذ تحدثت إليهم الشروق حول موضوع الحال في عينة من مطاعم تابعة لمؤسسات تربوية، على أن الأولى تحظى في مجملها بعناية ملموسة سواء من جانب هياكل الإطعام وتجهيز المطابخ، أو معايير النظافة ونوعية الوجبات التي تقدم ساخنة ومعززة بمواد بروتينية وطاقوية ذات جودة، بالإضافة إلى فواكه وأجبان يتم تنويعها يوميا، وهو ما يسجل خاصة بأحياء مارفال، الصديقية، مطلع الفجر، السلام وغيرها، في حين أن جل المطاعم المدرسية بقرى وهران وأحيائها العميقة التي يحتاج أطفالها حقا لإطعام مدرسي جيد ومتوازن، فهي إما لا تزال لحد الساعة مغلقة بحجة استغلالها في سد العجز المسجل في عدد الحجرات المدرسية، أو بداعي اهترائها وتأخر مشاريع ترميمها وتهيئتها.
إضافة إلى عدم توفر شروط النظافة والسلامة بالعديد من مطاعمها "سندويشات متجمدة" في 27 مدرسة بالبويرة يعاني تلاميذ 27 مؤسسة تعليمية بولاية البويرة من تقديم وجبات باردة بمطاعمها في مثل هذا الموسم من البرد، وهو المشكل الذي بات يؤرق أوليائهم إضافة إلى انعدام شروط النظافة والسلامة بالعديد من المطاعم المدرسية، بما يؤثر سلبا على تحصيلهم، فيما أرجع المسؤولون عن القطاع سبب ذلك إلى نقص التأطير البشري وعدم تجديد عقود العديد من العاملين بتلك المطاعم، ولا تزال وجبات المئات من تلاميذ 27 مدرسة عبر مختلف بلديات البويرة حسب حصيلة مديرية التربية بالولاية باردة، لتضاف إلى برودة الطقس الذي يميز مناطق تواجد تلك المدارس بالأرياف البعيدة، حيث يقطع البعض منهم كيلومترات من أجل وجبة مكونة من الكاشير أو الجبن والياغورت والخبز، وهي الوجبة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل باتت تشكل خطرا صحيا عليهم في مثل هذه الظروف المناخية القاسية، كما عبّر عنه بعض أولياء التلاميذ الذين طرحوا المشكل، إضافة إلى عدم أهلية ما يقارب نصف تلك المطاعم، حيث لجأ العديد من المديرين إلى تحويل قاعات تدريس أو أقبية إلى شبه مطاعم لا تتوفر على شروط النظافة والسلامة، لاسيما في حالة حدوث طارىء. وأرجع المسؤولون عن القطاع سبب ذلك إلى المشكل الوطني الذي يتمثل في عدم تجديد عقود أكثر من 2400 عامل في إطار الإدماج المهني، في انتظار تسريح المئات منهم قريبا، وهو ما خلق مشكل نقص التأطير بالمطاعم المدرسية باعتبار أغلبيتها تعتمد على هذه الفئة، إضافة إلى عمال البلدية الذين اضطرت البعض منها إلى سحبهم لوظائف أخرى.
رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ أحمد خالد: تلاميذنا "يموتون" جوعا ويرتعدون بردا تأسف رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ، أحمد خالد، لغياب الوجبات الساخنة بالمطاعم المدرسية، وتعويضها بأخرى باردة في عز البرد والثلج، وأكد المتحدث أنهم نقلوا شكاوى الأولياء إلى وزارة التربية الوطنية، ولكن "لاحياة لمن تُنادي". ويرى خالد أن الإشكال يتعدّى الوزارة الوصية، على اعتبار أن مسؤولية الإشراف على المدارس الابتدائية تتولاّها البلديات، والسبب الرئيسي لغياب الوجبات الساخنة، حسب تبرير السلطات المحلية، هو نقص اليد العاملة في المطاعم من طباخين وغيرهم، وحسب تصريحه "عندما استعان الأميار بموظفي البلدية للإشراف على المطاعم، رفض مديرو المدارس والمفتشون الفكرة، بسبب أن الموظفين لا يمتلكون الخبرة في المطاعم، وهو ما سيؤدي لعدم احترام أدنى شروط الصحة والوقاية في المطاعم"، وضرب ذات المتحدث مثلا بما حدث في مدينة شرشال خلال العام 2010، حيث أسندت مهام الطبخ في مطعم مدرسي لعاملة نظافة، والنتيجة تسمم أكثر من 20 تلميذا، وعليه لابد من فتح الوظيف العمومي لمناصب مالية لسد العجز.
المنسق الوطني لنقابة أساتذة التعليم الابتدائي محمد حميدات: عجز البلديات وراء انتشار الوجبات الباردة أكد محمد حميدات، أن بعض المدارس تقدم على طول السنة وجبات باردة، بسبب غياب المطاعم أو عدم تجهيزها، وبدوره حمّل المُتحدث أسباب المشاكل التي تتخبط فيها الابتدائيات إلى تسيير البلديات، داعيا إلى إرجاع تسيير هذا الطور التعليمي لوزارة التربية الوطنية، "بعدما أبانت البلديات فشلا كبيرا في التسيير" حسب تعبيره. وكثيرا ما تتسبب الوجبات الباردة في حالات تسمم للتلاميذ- يقول حميدات - على غرار ما حصل بدائرة الإدريسية بولاية الجلفة منذ شهر، حيث تسمم التلاميذ بعد تناولهم ياغورت فاسد. وللتعبير عن الوضعية المزرية التي يعيشها التلاميذ خاصة في الولايات الداخلية، قال حميدات "من تسمم المطعم إلى اختناق الغاز"، وحمّل ذات المتحدث، القائمين على شؤون التربية عبر الولايات، سبب تدهور أحوال التلاميذ داخل الأقسام، بسبب بقائهم في مكاتبهم وعدم نزولهم للميدان للإطلاع على الأوضاع.
رئيس بلدية خميستي بولاية تيبازة بلوزاني رشيد: نعاني من نقص اليد العاملة في تسيير المطاعم المدرسية استنكر رئيس بلدية خميستي، رشيد بلوزاني، الاتهامات الموجهة دائما لرؤساء البلديات، فيما يخص ظروف تمدرس تلاميذ الابتدائي، حيث قال في اتصال مع "الشروق" أمس، "البلديات تُولي اهتماما بالمدارس الابتدائية حسب الإمكانيات المُتاحة لها، وببلدية خميستي نشرف على 6 ابتدائيات جميعها مزودة بمطاعم وتقدم وجبات ساخنة، وتتوفّر على التدفئة..."، والمُشكل الذي يُعطّل دائما عمل المطاعم المدرسية، هو غياب اليد العاملة المؤهلة.. "فمثلا نحن في بلديتنا ولتسيير المطاعم المدرسية، نستعين بموظفي البلدية وأيضا الشباب العاملين في إطار صيغة تشغيل الشباب، ولكن الصيغة الأخيرة مرتبطة بعقد يستمر ل 6 سنوات فقط، وعندما ينتهي العقد ويخرج الموظف لا يمكننا تعويضه، فتبقى المطاعم بدون عُمّال...".