ميلاد كنفيدرالية النقابات الجزائرية المعلن عنه مؤخرا من أهم النقابات المستقلة الناشطة في مجال الوظيف العمومي وخاصة في قطاعي التربية والتعليم والصحة العمومية وانتظامها في شكل واحد، يمكن أن يشكل خطوة أولى ثابتة على طريق إنهاء الاحتكار النقابي القاتل السائد حاليا والممارس من طرف الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي كان دائما للرأي الواحد إلى جانب السلطات العمومية ضد العمال وعموم المجتمع وعاملا أساسيا من عوامل الكساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد عبر الممارسات اللاشرعية لمسؤوليه على مختلف المستويات والدرجات، ولو لم يكن هناك هذا التواطؤ لما ظل الاتحاد العام للعمال الجزائريين النقابة الواحدة والوحيدة على الساحة دون وجه حق ودون منطق ماعدا خدمة المصالح الشخصية والفئوية الضيقة على الرغم من دخول البلاد التعددية السياسية، حتى ولو كانت تعددية صورية منذ عشريتين كاملتين، مما أدى إلى اختلالات خطيرة في التوازنات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية التي لا يمكن توفرها بدون العمل النقابي الحر أو المستقل والشفاف . وعلى الرغم مما قد تحمله المبادرة النقابية الجديدة من نقائص وربما من نوايا وأغراض سياسية بعيدة عن العمل النقابي المحض، إلا أنها مبادرة شجاعة تتوفر على أهم عوامل النجاح والمضي إلى الأمام على طريق كسر الوضع النقابي المميت السائد حاليا، ذلك أن التكتل الجديد المعلن عنه يضم أهم وأقوى النقابات المستقلة على الساحة والتي اكتسبت عبر السنين والممارسة خبرة في التعامل مع ظروف العمل النقابي القاسية وتؤطر أهم وأقوى القطاعات الوظيفية في البلاد، ما يجعل هذه المبادرة أقوى في مواجهة الرفض والقمع المنتظر من السلطات العمومية ومن النقابة الرسمية أو المركزية النقابية بالإضافة إلى أنها تأتي في ظروف اقتصادية واجتماعية مساعدة، ومنها التدهور المأساوي للقدرة الشرائية للمواطنين نتيجة الارتفاع الفاحش في الأسعار والتضخم والمضاربات الممارسة على مرأى ومسمع السلطات.