حواسيب وهواتف ذكية تنوب عن 10 آلاف عون ومفتش ضرائب، وتسابق الزمن لجلب 75 ألف مليار من أموال السوق السوداء في ظرف 3 سنوات ..هو التحدي الجديد الذي أطلقته وزارة المالية لتحصيل أموال الجباية النائمة في جيوب رجال المال والأعمال، فهل ستنجح "كبسة زر" في تحقيق ما عجزت عنه عشرات الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال؟ هذه خطة الحكومة لتعميم مشروع "جباية تيك" عبر مخطط دقيق، لاستقطاب أموال الجباية "النائمة" خارج النطاق الرسمي، سطرت المديرية العامة للضرائب برنامجا لتحصيل 3000 مليار دينار من أموال الضرائب المكدسة بجيوب المواطنين والمؤسسات ورجال المال والأعمال رقميا، عبر البوابة الإلكترونية "جباية تيك" بنهاية ديسمبر 2018، هي العملية التي أطلقتها قبل بداية السنة الجارية ،وتحديدا شهر أكتوبر الماضي، عبر 7 مراكز للضرائب بعدد من ولايات الوطن، على أن تشمل 48 ولاية خلال 19 شهرا. وحسب ما تؤكده معطيات وزارة المالية، أودع 100 متعامل اقتصادي خلال السنة الجارية طلبا لربطه ببوابة "جباية تيك"، وهذا بعد اقتناع هؤلاء بأن الرقمنة ستقلص من معاناة الإجراءات الإدارية الطويلة، وستحررهم اتجاه التزامات الضرائب، بل سيدفع هؤلاء الأعباء والرسوم المفروضة عليهم ،من بيوتهم ومكاتبهم ودون التنقل للمراكز والقباضات، وفقط ب"نقرة واحدة".
خبير التكنولوجيا والمعلوماتية يونس قرار: "الضريبة الرقمية" تقتصد مليارا شهريا من مصاريف الورق والطباعة وفي السياق، كشف خبير التكنولوجيا والمعلوماتية يونس قرار، أن وزارة المالية أحصت 5 آلاف معاملة عن طريق الدفع الالكتروني ببوابة -جباية تيك- ، في غضون شهرين من إطلاق الخدمة الالكترونية ،حيث أشار الخبير إلى احتمالية ارتفاع العدد نحو مليار معاملة بحلول عام 2022. وشجع المتحدث استنجاد الحكومة في تحصيلها المالي بتقنيات الدفع الالكتروني والتجارة الرقمية قائلا:"انه بالإمكان امتصاص الضرائب المتهرب من دفعها بنسبة 20 بالمائة خلال ثلاث سنوات، وهو ما يوازي 75 ألف مليار سنتيم، من إجمالي 3700 مليار دينار خارج النطاق الرسمي، بالعمل على استدراج المؤسسات والشركات للدفع عن طريق البنوك وتفادي التعاملات النقدية ،وتقنين نشاطها وإجبارها على التصريح به". واعتبر يونس قرار في حديثه ل "الشروق"، أن خدمة التسديد الالكتروني للضرائب ،اختصرت الجهد والوقت ، وخفضت تكاليف الخزينة، مقارنة بالعملية التقليدية ،بعد إن استنزفت ما يفوق المليار سنتيم شهريا فقط لتغطية مصاريف الأوراق المستعملة وطباعتها ، مضيفا "في حال احتساب تكلفة الورقة الواحدة كأقل تقدير ب 10 دنانير، تضاف إليها عدد الأوراق المستنسخة، سيتضاعف حجم المبلغ" ، دون أن ننسى يقول يونس قرار، التنقلات التي يكابدها المواطن والوقت. بالمقابل يثمّن الخبير ، أي قرار من قبل الحكومة لتطوير التجارة الالكترونية والتعامل البنكي لتحويل الأموال، ويعتبره حلا مناسبا لامتصاص الأموال النائمة بالسوق الموازية ،حيث لا يمكن -حسب قرار- أن تفرض الدولة رقابة صارمة، إلا في حال التعامل عبر البنوك والقنوات الرسمية، قائلا انه" لابد من تقنين نشاط المؤسسات ليصبح رسميا، من خلال استدراجها للدفع الالكتروني ،فذلك قد يقضى على بعض الظواهر السلبية كطرح الأوراق النقدية المزورة بالسوق".
البرلماني محجوب بدة: رقمنة الضرائب..القوة الضاربة لتعويض مداخيل البترول وغير بعيد عن ذلك، اعتبر رئيس لجنة المالية والميزانية السابق، بالمجلس الشعبي الوطني، محجوب بدة ، أن النظام المعلوماتي الجديد، لرقمنة عملية التحصيل الضريبي ، يعد "نقلة مهمة وإضافة كبيرة للاقتصاد الوطني" واصفا إياه ب"القوة الضاربة" ،مشيرا إلى أن استحداثه جاء في الوقت المناسب، خاصة وان الجزائر تشهد أزمة مالية، نتيجة انخفاض أسعار المحروقات ونقص الجباية البترولية ، مضيفا " ستسترجع الدولة أموال النفط بالانتقال للجباية العادية والتي ستضخ من خلالها مبالغ هامة في الخزينة"، وقال بدّة ل "الشروق" انه حان الوقت لرقمنة كل القطاعات الاقتصادية وتدعيمها بالتكنولوجيا لتسهيل عملية المراقبة المالية والإحصاء. كما أشار رئيس لجنة المالية بالبرلمان سابقا، إلى ضرورة تعميم الأنظمة الرقمية في المجال الاقتصادي، مثل مصالح الجمارك وغيرها لتسهيل عملية جمع الأموال والتقليل من نسبة التهرب الضريبي ،وبالنسبة للنظام التقليدي في تحصيل الضرائب، ذكر المتحدث انه لا مجال للمقارنة بينهما، لاسيما فيما يتعلق بقيمة المبالغ التي يرتقب جنيها عن طريق الدفع الالكتروني .
المدير العام لشركة التأمينات "اليانس" حسان خليفاتي: كنا سباقين للاندماج في مشروع جباية تيك.. وهكذا استفدنا من الرقمنة أشاد المدير العام لشركة التأمينات "أليانس" حسان خليفاتي، بالإجراءات التي اتخذتها الدولة لعصرنة الإدارة ،خاصة قطاع المالية، بما فيه البنوك والجمارك والتحصيل الضريبي. وذكّر خليفاتي في ذات الإطار، بأن الدفع الالكتروني للضرائب عن طريق بوابة -جباية تيك- التي لا تزال في بدايتها ، إضافة كبيرة للقطاع الاقتصادي، وسيتطور حسب خليفاتي للأفضل مستقبلا، بالتعود على الاستخدام الأمثل له. وأوضح المتحدث أن شركة التأمينات "أليانس" فضلت أن تكون لها الأسبقية في التعامل بالنظام الجديد، الذي لطالما دعت إليه، لما فيه من مزايا كبيرة، وبخصوص ذلك أثنى خليفاتي قائلا:" الإجراء منحنا إضافة كبيرة وأريحية في العمل، بالخروج من نظام الورق والمراجعة الضبطية في أخر الشهر، إلى النظام المعلوماتي، إلى جانب ذلك تم التخلص من الضغوطات التي صاحبت النظام القديم".