كان واضحا أن زيارة ترامب إلى المملكة العربية السّعودية لن تأتي إلا بالدمار للمنطقة العربية، وقد دخلت المنطقة فعلا في نفق جديد قد لا تخرج منه سالمة، ولم يكن أحدٌ يتصور أن تصل الأمور إلى حد تجريم المقاومة الفلسطينية علنا وممارسة كل هذا الحصار الاقتصادي والدبلوماسي ضد قطر بسبب دعمها لحركة المقاومة الإسلامية "حماس". صحيح أنّ لقطر كوارث لا تُحصى في السّياسة الخارجية، من ليبيا إلى سوريا إلى دول عربية أخرى كانت عرضة للقصف الإعلامي ومحاولة تأجيج الاحتجاجات وتأزيم الأوضاع، لكن في المقابل لها مواقف مشرفة من القضية الفلسطينية من خلال الدّعم المتواصل لسكان غزة واحتضان رموز المقاومة. وإذا كان الخلاف مع قطر معقولاً عندما يتعلق بدورها في دعم الجماعات المتشددة في سوريا وليبيا، فإنّ تجريم دعمها لحماس واحتضانها لقادتها، لا يمكن إلا أن يكون دعما مباشرا وعلنيا لدولة الاحتلال على حساب حقوق الشعب الفلسطيني. حركة حماس إلى جانب فصائل المقاومة الفلسطينية خط أحمر، ولا يحق لأي نظام عربي أن يتواطأ مع أمريكا وإسرائيل ضد الحق في مقاومة المحتلّ الذي تقرّه كل الشرائع والقوانين والأديان، ولا يمكن وضع تصريحات وزير الخارجية السعودية عادل الجبير الذي قال: "طفح الكيل وعلى قطر وقف دعم جماعات مثل حماس والإخوان"، إلا في سياق التوجُّه الجديد الذي يقوده ترامب بتحييد المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية. وليت الأمر تعلّق بعباراتٍ قاسية على لسان دبلوماسي غاضب فقط، ولكن تجريم المقاومة وطرد حماس من قطر وارد في الشروط الغريبة التي فُرضت على قطر لإعادة تطبيع العلاقات مع الدول التي شاركت في المقاطعة، وبعد ذلك يتهمون المقاومة الفلسطينية بإقامة علاقات مع إيران، فهل تركوا لها غير إيران للحصول على الدعم السياسي والمالي والتزود بالسلاح؟! وبعد هذه التطوُّرات المؤسفة أصبح من الخطإ النظر إلى الأزمة الخليجية على أنها خلافاتٌ داخل البيت الخليجي، بل نحن بصدد توجّه جديد يقوده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحوَّل معه عددٌ من الدول الفاعلة في المنطقة إلى مجرد أعوان لتنفيذ السياسة الأمريكية، والدليل سيل التّغريدات التي أطلقها ترامب وهو يزكي الإجراءات العقابية الإماراتية السعودية على قطر، ويصف عزلها ب"بداية نهاية الإرهاب".. يحدث هذا مع قطر مع أنّ التّورط في دعم الجماعات المتشدّدة في سوريا ليست صناعة قطرية فقط!