من ينظر إلى التعامل الإعلامي مع الوثائق الأخيرة التي تم تسريبها عن اتفاق الرياض والتي تكشف تعهّد الدوحة بوقف دعم ما تسمى التنظيمات المتطرفة، قبل 4 سنوات، سيلاحظ ويفهم الكثير من أبعاد الأزمة الخليجية حاليا!! أولا، من سرّب وفجر تفاصيل الاتفاق ونشر تلك الوثائق هي قناة "سي أن أن" الأمريكية، وليس احدى القنوات السعودية أو الاماراتية رغم الترسانة التي تملكها الرياض وأبو ظبي والتي تم توظيفها بشكل مبالغ فيه منذ بداية الأزمة! ثانيا: "السي أن أن" تعاملت مع الوثائق بتجرد كامل، حيث نشرت بعض الأوراق لكن دون إعطاء تحليل خاص أو توجيه الرأي العام، ذلك أن القناة الأمريكية التي اتخذت من الرئيس ترامب خصما سياسيا، لا تريد أن تظهر وكأنها تنحى باتجاه الانتصار لطرف ما في الأزمة ! ثالثا: بمجرد نشر الوثائق، سارعت قناة سكاي نيوز عربية لتخصيص برامجها بالكامل للحديث والتعليق حول التسريبات، حيث استضافت عددا من الشخصيات السياسية المؤيدة للموقف السعودي والاماراتي، وراحت تتهجم على قطر علما أن الجميع استعمل وصفا يكاد متفقا عليه، وهو أن الأمور بدأت تتوضح بشكل كبير، وبأن الدوحة هي من تتآمر وتتراجع عن مواقفها حاليا.. رابعا: لم تتعامل الجزيرة مع قصة الوثائق المسربة بشكل مباشر، لا بل إنها أسقطتها من قائمة المواضيع في حصادها الإخباري أول أمس، ولم تخصص أي نقاش للقضية وظهرت الجزيرة وكأنها تنتظر موقفا رسميا من الخارجية القطرية أو جهات رسمية أخرى، وعلى شاكلتها، مضت بقية القنوات القطرية مثل التلفزيون العربي في لندن.. المهم في القضية، أن البعد الإعلامي ما يزال قائما بقوة، وسيحدد المنتصر والمنهزم في الصراع قريبا، ان كان هنالك منتصر أصلا، كما أن "الإخوة الأعداء" في الخليج، بينوا مجددا أن ترامب كان تمهيدا لتفجر الأزمة بزيارته للرياض، وأنّ أمريكا عبر محطتها الشهيرة "سي أن أن" ما تزال هي المحرك الفعلي للأحداث من خلال امتلاكها الحصرية في نشر المعطيات الجديدة...والعرب مجرد "ّكومبارس"!!