عندما يكون عدد "المتحرشين" بالمجالس "المخلية" ممّن لا يتعدّى مستواهم الابتدائي، بالآلاف، فهنا ينبغي "نطح" أقرب جدار يُقابل الجامعيين في طريقهم، وهذا لا يعني أن حملة الليسانس والماجستير والدكتوراه، أحسن بالضرورة من النوع الأول، في فن التسيير والتدبير، لكن الأرقام تكشف في كلّ مرّة، أن الطبقة السياسية لم تعد تهتمّ كثيرا بالمستوى الدراسي، وتبحث عن مستويات أخرى لها علاقة بالعشائرية والدشروية والولاء و"الشكارة"! ليس بالضرورة أن "يتفوّق" الطبيب والمهندس والإطار والأستاذ، وعيرهم من نخبة المجتمع، ممّن كان يشار إليهم بالبنان، لكن عندما ينتصر على هذا النوع "العسّاس" والأمّي و"البقار" وصاحب "البازار" وبائع الأورو والدولار، ففي مثل هذه الحالة، مرض مستعص، يجب البحث عن الأدوية الملائمة لعلاجه، بعد تشخيص أورامه كلما عادت المحليات! نعم، لقد انهارت القيّم وانتحرت الأخلاق، ولذلك لم يعد المنبوذون يستحون من أخيار المدينة، ولا يتعاملون معهم باحترام، طالما أنهم يعتقدون أنهم ترشحوا وسيفوزون بعد ما جرّبوا ونجحوا ودخلوا المجالس البلدية والولائية بكلّ أريحية وسهولة، إمّا بشراء مقاعدهم، وإمّا بالابتزاز والمساومة، وإمّا بتحالفات الذئب والنعجة، وإمّا بالوعود الكاذبة و"التبلعيط"! لو كانت الأحزاب أحزابا، قولا وعملا، لأسقطت كلّ فاشل ومحتال وناهب للمال العام وبزناسي وسمسار ومتلاعب، ومنعت "الجاهلين" -ولا أقول الأميين- من الترشح في صفوفها وباسمها، والتحرّش بأصوات المواطنين، ثم اللعب بمصالحهم وانشغالاتهم على مستوى الجماعات المحلية! ليس عيبا لو قلنا أن هناك من "الأميين" من يصلح لتسيير بلدية أحسن من "بوعرّيفو"، لكن هذه المقاربة تبقى فعلا معزولا، وحالة شاذة، والشاذ يُحفظ ولا يُقاس عليه، أمّا أن تعمّم الأحزاب الظاهرة، وتلجأ إلى النطيحة والمتردية، وتبدأ بهم قوائمها، وتضع "الكفاءات" في ذيل الترتيب، فهذا غريب عجيب لن يحلّ المشاكل بالبلديات والولايات! لكن، بالمقابل، يجب القول وبالفمّ المليان، بأن "الكفؤ" والإطار والمحترم، الذي يرضى لنفسه بأن يكون "قاعدة خلفية" لمن لا يعرف كتابة اسمه أو يقرأ مداولة المجلس بالطريقة الصحية، يستحقّ أن يُفرغ عليه المواطنون "شكارة حليب" عند باب البلدية ليدور عليه "الذبّان"، جزاء له على سذاجته و"طمعه" اللذين استعملهما ضده الأقلّ منه مستوى واحتراما لمخادعته وبهدلته! هكذا هي الترشيحات للانتخابات المحلية، "تطيّح قدر" البعض، وتفضح البعض الآخر، وتجرجر آخرين، فيما تطلّ "ليلة القدر" على محظوظين!