لا تزال سوق السيارات المستعملة تشهد ارتفاعا جنونيا، بعد ما وصلت إلى مستويات قياسية، جعل من الصعب على أي مواطن إيجاد سيارة بأقل من 100 مليون سنتيم، في حين سجلت السيارات المركبة محليا في سنة 2017، حضورا قويا وبأسعار خيالية، اكبر بكثير مما هي معروضة على مستوى المصانع. الساعة كانت تشير إلى السابعة والنصف صباحا عندما دخلت "الشروق" سوق "تيجلابين" ببومرداس لبيع السيارات، وكالعادة تزين بآلاف السيارات التي كانت مركونة بغرض بيعها من طرف أصحابها، منها الجديدة والقديمة. العشرات من المواطنين المتوافدين من جميع الولايات، تهافتوا على السوق منهم من جاء به الفضول وآخرون للشراء، وسماسرة همهم إيجاد سيارة بسعر مغر لإعادة بيعها.
كل الماركات موجودة و"السومة" تصنع الحدث ...مداخل السوق الشمالية والجنوبية مكتظة عن آخرها بسيارات من مختلف "الماركات" والأحجام وبلوحات ترقيم للولايات ال48 وبمختلف التواريخ.. تخلينا عن سيارتنا على بعد أمتار من المدخل الرئيسي للسوق وقررنا تركها ومواصلة باقي المسافة مشيا على الأقدام عوض تضييع الوقت في الازدحام الخانق عند مدخل السوق، باعتبار أن مهمتنا استطلاع وضعية السوق، "تجميد" استيراد السيارات بشكل مؤقت جراء عدم تسليم رخص الاستيراد الخاصة بسنة 2017، فضلا عن مدى تأثير الأزمة المالية من جهة ودخول المصانع الجديدة حيز الخدمة عن سوق السيارات. وحسب بعض السماسرة والعارفين بالسيارات ممن تحدثت إليهم "الشروق"، فإن السيارات لا تزال تسجل مؤشرات قياسية، وفي ذات الصدد قال إبراهيم وهو احد الأشخاص المتخصصين في بيع وشراء السيارات، أن سوق السيارات المستعملة لم تشهد تراجعا بدليل أن أرخص مركبة لا تقل عن 100 مليون سنتيم حتى لو كان ترقيمها لسنوات 2010 و2011.
أسعار ليست في متناول الجميع وبالعودة، إلى بورصة السيارات، بقيت سيارة السامبول محافظة على مستوياتها، حيث تراوح سعر السيارة المرتقبة سنوات 2012 2013 – 2014 ما بين 110 و120 مليون سنتيم في حالتها الجيدة، أما في سنة 2016 فقد بلغ سعرها 160 مليون سنتيم، كما تراوح سعر السيارات الصغيرة على غرار ايون سنة 2015 حوالي 130 مليون، وبيكانتو 2015 وصل سعرها 140 مليون ولوغان 2016 وصلت إلى 140 مليون سنتيم، أما سيارة سبارك 2012 فقد بلغ سعرها 108 مليون سنتيم، بينما تراوح سعر السيارات القديمة التي تعود لسنوات الثمانينات بين 40 و50 مليون سنتيم.
سيارات أغلى من سعر المصنع.. وأرباح ب20 مليونا للمركبة الأمر اللافت هو وجود عشرات السيارات التي تحمل سنة الترقيم لسنة 2017، والمركبة محليا من مختلف العلامات سواء تعلق الأمر بسيارات هيونداي أو توكسن، وكذا سيارات سامبول وداستر، ناهيك عن سيارات بيكانتو التي دخلت السوق مؤخرا ومركبات كادي لفولسفاغن، حيث يبلغ سعر هذه الأخيرة 380 مليون أي أكثر مما هو معروض في المصنع، في حين عرض على صاحب مركبة سامبول 2017، مبلغ 180 مليون سنتيم ورفض بيعها، آما سيارة بيكانتو الذي حدد مصنع تركيبها بباتنة وصل سعرها إلى 169 مليون سنتيم، وقد تجاوز سعر إحدى المركبات المعروضة والتي تحمل هذه العلامة 193 مليون سنتيم، حيث أكد صاحبها انه يطمح إلى بيعها بمبلغ 200 مليون سنتيم، أما مركبة ايبيزا المرقمة في سنة 2016 فقد بلغت 220 مليون سنتيم. وهو ما دفعنا إلى التساؤل حول سبب ارتفاع سعر هذه المركبات وتوفرها في سوق السيارات المستعملة مقارنة بأسعارها على مستوى الوكلاء والمصانع، إلا أن احد العرفين أكد أن بعض السماسرة شكلوا شبكات لاقتناء عدد من السيارات من اجل المضاربة فيها وبيعها بفوائد تصل إلى 20 مليون سنتيم للمركبة الواحدة، وهو ما جعل سوق السيارات تلتهب وتصل هذا المستوى. واللافت للانتباه هو وجود العشرات من المركبات الفارهة التي عرضت للبيع، مقابل إقبال عليها، على الرغم من الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، حيث ترواحت أغلبها بين 600 مليون ومليار سنتيم. وفي مقابل وضعية سوق السيارات المستعملة فإن بيعها لايزال يشهد ركودا بشهادة مرتاديه، فالسيارات المعروضة متوفرة كمّا ونوعا، إلا أنه قلما تباع سيارة، وفي محاولتنا لمعرفة أسباب هذا الركود، أكد بعض البائعين والسماسرة أن السوق يعرف هذه الحالة منذ أشهر وهذا راجع حسبهم بالدرجة الأولى للارتفاع الصاروخي للسيارات منذ توقيف عمليات الاستيراد وفرض رخص الاستيراد وتراجع القدرة الشرائية.