يقول مدير الضرائب مصطفى زكارة إن الضريبة على الثروة ومختلف الضرائب الأخرى المتضمنة في قانون المالية 2018 جاهزة للتطبيق "لكن يبقى هنالك مشكل واحد" هو.. أنّ مصالحه ومختلف المصالح المختصة الأخرى تجهل من هم الأثرياء الذين يجب فرضُ الضريبة عليهم؟ وكم عددهم!؟ لا يجد مدير الضرائب مانعا وهو يواصل اعترافاته التي تناقلتها الصحافة يوم أمس، من كون مصالحه لم تعمل شيئا لجرد هؤلاء الأثرياء متذرعا بتهربهم من دفع الضرائب لسنوات طويلة، والسؤال هنا: إذا كان هؤلاء لا يدفعون الضرائب ويتهربون منها وهي ضرائب سهلة وواضحة ومعلومة، فهل سيدفعون أو يلتزمون بضريبة الثروة الجديدة؟! السلطة القوية هي التي تملك المعلومة، وتتحرك بناء عليها، كما لا يوجد سلطة عاقلة تقول مثلما قالت مديرية الضرائب إنها ستراقب الناس من خلال علاماتهم الخارجية، فتلاحق أصحاب الفيلات والشقق الفاخرة وقوارب النزهة والسيارات الفخمة! ثم هل ستتحرك مديرية الضرائب بما يعاكس وزارة المالية التي تدعو مرارا وتكرارا الأثرياء والمستوردين إلى وضع أموالهم في البنوك من دون مساءلة ولا تدقيق ومن دون حتى طرح السؤال المزعج: من أين لك هذا؟ فهل تستطيع مديرية الضرائب التحقيق في الثروات بينما تمارس وزارة المالية العفو الاستباقي وتقدِّم العروض المغرية للمصالحة من دون تفاعل ايجابي حتى الآن؟! ثم هل يستطيع مدير الضرائب فعلا أن يلتزم بكلامه وتعهُّداته بخصوص متابعة وملاحقة المظاهر الخارجية للأثرياء؟ هل يستطيع أن ينكر مثلا بأن الكثير ممن مارسوا السلطة أو تحالفوا معها أو حتى تصاهروا مع رموزها يرفضون التصريح بأدنى ممتلكاتهم فما بالك بالممتلكات الحقيقية؟ هل يستطيع أن يحصل على قائمة رسمية بأسماء من يهرِّبون الأموال الصعبة بالملايير نحو الخارج وذلك باعتراف السلطة نفسها في وقت سابق وحسب تقارير أمنية رسمية؟ هل يستطيع مديرُ الضرائب أن يصل إلى البنوك السويسرية مثلا لمعرفة رقم الحسابات الخارجية التي فتحها مسؤولون سامون، سواء من كانوا في المسؤولية وغادروها أو من لازالوا في مناصبهم حتى الآن؟ ألم تفشل دولٌ وشعوب بأكملها شهدت ثورات شعبية وأطاحت بحكام مستبدِّين وأزالت دكتاتوريات ظالمة في استرجاع الأموال المهرَّبة أو حتى تجميد الحسابات البنكية في الخارج لأعتى المستبدين وأشهر الفاسدين والمفسدين؟! على مدير الضرائب أن يقول كلاما واقعيا يصدّقه الجزائريون، وعليه أيضا أن ينسِّق مع الوصاية التي يمارس وظيفته تحت سلطتها، ويتفقان، ما إذا كانا يريدان ملاحقة الأثرياء، الجدد منهم والقدامى، فعلا أم تغيب الإرادة السياسية وتسقط النوايا وتحفظ القضايا وتُغلق الملفات حتى قبل فتحها؟!