"الرافال الفرنسية" إحدى الأيقونات الرئيسية التي يعتز بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ إذ إنه أصر على مشاركتها في افتتاح حفل قناة السويس الجديدة الباذخ، ولكن زيارته لباريس مؤخراً أظهرت أن الصفقة الإضافية لهذه الطائرة، التي كانت القاهرة أول مشترٍ خارجي لها، أصبحت في مهب الريح. وجاء هذا التطور متزامناً مع تعرّض السيسي قبل وفي أثناء زيارته لفرنسا، لانتقادات إعلامية وتنديدات حقوقية إزاء ما وُصف بالوضع البائس لحقوق الإنسان في مصر منذ توليه الحكم. ففي مقال مطول لصحيفة liberation الفرنسية عن الزيارة، وصف الكاتب الصحفي ستيفان قبريليني مصر بأنها "مقبرة حقوق الإنسان". وبالصحيفة ذاتها، كتب المراسل الصحفي الفرنسي في القاهرة إيريك تقريراً تحدث فيه عن ربيع الشباب الثائر الذي تحول لشتاء، ناقلاً صورة سلبية عن حقوق الإنسان في ظل الانقلاب العسكري بقيادة السيسي. وفِي يوم زيارة السيسي، نشرت صحيفة la tribune الفرنسية، مقالاً تحت عنوان: "الحكومة الفرنسية تجمد صفقة بيع 12 طائرة رافال لمصر". الصحيفة كشفت أن سبب تجميد هذه الصفقة ليس مرتبطاً بالاتهامات الموجهة للحكومة المصرية بممارسة انتهاكات حقوق الإنسان، ولكن بسبب عدم قدرتها على السداد. الصحيفة أشارت إلى وقف الحكومة الفرنسية توقيع عقد بيع 12 طائرة مقاتلة "رافال" إضافية؛ وذلك لطلب مصر تسهيلات للتسديد على غرار عقود شراء سابقة، حيث يُفترض تطرُّق عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته هذه لباريس، مع نظيره الفرنسي إلى مسألة التعاون الاستراتيجي المصري-الفرنسي الذي باشره البلدان منذ 2015. وكانت القاهرة انطلقت في تحديث أسطولها الجوي باقتناء 24 رافال وأسطولها البحري بتزويد البحرية المصرية بسفن حربية من نوع قويند وفريم وبيبسي، بما يصل قيمته إلى 6.83 مليار دولار. وليست هذه هي الصفقة الوحيدة التي تجمدها الحكومة الفرنسية؛ بل تم وقف كل العقود مع مصر، سواء العسكرية منها والمدنية؛ ذلك بسبب تصنيف مؤشر النمو المصري من قِبل المؤسسات الفرنسية والذي يعتبر متدنياً جداً وأن الرئيس ماكرون لا يمكنه المضي في مثل هذه العقود بمعدل نمو لا يتجاوز 6/100 لهذه السنة. ونقلت صحيفة la tribune عن مصادر قولها إن الجانب المصري كان قد وفّى بالتزاماته السّابقة وقادر على الوفاء بما هو آت من مستحقاته، اعتماداً على مداخيله من عقود بيع الغاز الطبيعي الذي تم اكتشافه من قِبل شركة "إيني"الإيطالية في البحر المتوسط قبالة مدينة بورسعيد الواقعة على مدخل قناة السويس الشمالي، تحديداً عبر البئر البحرية المسماة "زُهر"، والذي سيدخل حيز الاستغلال بدءاً من العام القادم (2018)، ويُنتظر أن يسد حاجات الاستهلاك الداخلي المصري ويسمح أيضاً بالتصدير. وأمام انتقادات الإعلام الفرنسي، وتنديد منظمات وجمعيات حقوقية فرنسية بوضع حقوق الإنسان في مصر، وتجميد الحكومة الفرنسية مجموعة من الاتفاقيات، خاصة المتعلقة ببيع الأسلحة الجوية- أطل الرئيس الفرنسي الشاب، إيمانويل ماكرون، بتصريح اعتبره الكثيرون مفاجئاً، ليؤكد تشديده على توطيد العلاقات الثنائية وامتناعه عن إعطاء دروس للسيسي في حقوق الإنسان.