أعدّ مجلس المحاسبة ورقة عمل خاصة للحكومة، حملت طابع التوصيات والتوجيهات وجاءت تقريبا مطابقة "لنصائح" صندوق النقد الدولي والمنظمة العالمية للتجارة لتصويب سياساتها في التسيير، إذ أكدت هذه الهئية على ضرورة، تعزيز نطام الرقابة الداخلية في مختلف عمليات التسيير لاسيما في مجال تسيير أموال الدعم أو ما يعرف بأموال التحويلات الاجتماعية وتسيير الوقود ونفقات الاتصالات الهاتفية ودفع الأجور والتعويضات ومنح نفقات المهام، موازاة مع اللجوء الى التعاقد كصيغة للعمل في مجالات التربية، الصحة والصحة لتحقيق أقصى هوامش النجاح المدرسي، وتحسين الخدمة العمومية. وقد أرفق مجلس المحاسبة تقريره التقييمي المتعلق بالمشروع التمهيدي لقانون تسوية الميزانية لسنة 2015، بملحق خاص تضمن سلسلة من التوصيات شملت كل محور من محاور عمل الحكومة على حدا، وحمل كل جزء من التوصيات عنوان المحور الذي يخصه، واللافت في ملحق تقرير مجلس المحاسبة أن توصيات، هذا الأخير تقاطعت مع ملاحظات و"نصائح" صندوق النقد الدولي للجزائر، في آخر تقرير له حول آفاق الاقتصاد العالمي، حيث أكد مجلس المحاسبة في الشق المتعلق بنجاعة التسيير على ضرورة، احترام القواعد المتعلقة بمسك جرد الأملاك المنقولة والعقارية ومتابعته متابعة دقيقة. ونبه مجلس المحاسبة الجهاز التنفيذي إلى ضرورة بذل المزيد من الصرامة والفعالية في منح التخصيصات بعنوان دعم الدولة للمواد الغذائية الأساسية والمواد الطاقوية والمساهمة في نفقات قطاعي الصحة والتربية وهذا من خلال استحداث ملف يستهدف الفئات الاجتماعية الأكثر حرمانا، وذلك في إشارة واضحة من المجلس بضرورة الاستعجال في اعتماد الانتقائية في سياسة الدعم أو ما يعرف ب"السوسيال" كخطوة أساسية لترشيد الدعم وجعله حكرا على محتاجيه، على خلفية أن 17 مليار دولار سنويا أي 1700 مليار دينار تمثل لدى بعض الدول الجارة ميزانيات سنوية. كما أوصى المجلس باللجوء الى التعاقد كصيغة من صيغ العمل في مجالات التربية والتكوين والصحة، ويعتبر أصحاب الملحق هذه الصيغة الأنسب لتحقيق أقصى قدر ممكن من هوامش النجاح المدرسي وتحسين نوعية الخدمة، موازاة مع وضع آلية متابعة من شأنها ضمان تحقيق الأهداف المحددة لكل نوع من أنواع برنامج الإدماج الاجتماعي والمهني، فضلا عن أدوات التقييم الدوري التي يرى المجلس أنها ستساهم في تصحيح أوجه القصور المحتملة في حينها. كما خلص مجلس المحاسبة إلى ضرورة تدعيم وتقوية نظام الرقابة الداخلية، ولاسيما بواسطة دليل للإجراءات الملائمة ونظام المعلومات والحوكمة لتمكين تحقيق مهام الخدمة العمومية الموكلة لكل برنامج. ووسط الجدل الدائر حول خوصصة المؤسسات العمومية الصغيرة والمتوسطة، وفتح رأسمالها للخواص، يرى مجلس المحاسبة ضرورة تفادي تمويل ميزانيات المؤسسات العمومية من ميزانيات الدولة بطريقة شبه حصرية، خاصة في ظل انكماش القدرات المالية للدولة، وذلك بغية التخفيف إلى حد ما من حجم هذا التمويل، لاسيما باتخاذ تدابير تهدف الى تحسين الموارد الخاصة بهذه المؤسسات من خلال ممارستها للأنشطة المدرة للدخل، حتى تتمكن من الاعتماد على نفسها. أما في الشق المتعلق بتسيير الاعتمادات المخصصة لعمليات التجهيز أو ما يعرف بتمويل المشاريع، فعبر التقرير عن امتعاض صريح من إعادة تقييم المشاريع، ومراجعة التكاليف التي وصلت أحيانا إلى 300 بالمائة، حيث أوصى مجلس المحاسبة بالامتثال الصارم لأحكام المرسوم التنفيذي رقم 98-227 المتعلق بنفقات التجهيز للدولة، لاسيما ما تعلق بنضج المشاريع.. مجلس المحاسبة ركز على ضرورة الامتثال لنص التعليمة رقم 2 المؤرخة في الفاتح مارس 2010 المتضمنة تطهير مدونة الاستثمارات العمومية، أي المشاريع الممولة من الخزينة العمومية، لاسيما ما تعلق بالتطهير الدائم والمراجعة السنوية لمجمل المشاريع التي لم يشرع في تنفيذها، مع تكثيف الجهد لضمان نضج أحسن لعمليات التجهيز بداية بتعريف ودراسة قابلية التنفيذ والاستغلال والآثار المترتبة للحد من تجاوز الآجال وكذا التكاليف الإضافية الناتجة عن اعادات التقييم المتتالية . مجلس المحاسبة الذي أحال تقريره على المجلس الشعبي الوطني منذ 3 أسابيع، وشرعت لجنة المالية يوم الخميس المنصرم في استقبال الوزراء بخصوص الملاحظات التي تضمنها، أكد على الجهاز التنفيذي ضرورة ترتيب وتحديد أولويات برامج التجهيز التي تسعى لتحقيق التنمية المستدامة، وإشراك المواطنين والأطراف الفاعلة المحليين في خيارات وأولويات التهيئة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفق الشروط التي رسمتها الدولة، موازاة مع ضمان الاستعمال الرشيد والفعال للاعتمادات المخصصة لمخططات التنمية البلدية بهدف تحقيق التنمية للجماعات المحلية وتحسين مستوى معيشة المواطنين.