السيدة منصوري تترأس أشغال الدورة ال 38 لاجتماع لجنة نقاط الاتصال الوطنية للآلية على المستوى الأفريقي    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    وزارة التضامن الوطني تحيي اليوم العالمي لحقوق الطفل    فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    "صفعة قانونية وسياسية" للاحتلال المغربي وحلفائه    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    ..لا دفع لرسم المرور بالطريق السيار    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية بولايات الوسط    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزراء تحايلوا على الخزينة وصناديق خاصة أهدرت المال العام
الشروق تنشر أول تقرير لمجلس المحاسبة منذ عقدين، حول صرف ميزانية الدولة:‬
نشر في الشروق اليومي يوم 28 - 12 - 2010


تصوير: يونس أوبعييش
مسؤولون يوقعون على مصاريف مهام وهمية في الداخل والخارج‬
تقديرات "ارتجالية" عند إعداد الميزاميات
رسم مجلس المحاسبة صورة سوداء لطريقة صرف نفقات التسيير والاستثمار في مختلف القطاعات الوزارية وأجهزة الدولة مركزيا ومحليا، ورصد قضاة المجلس عشرات المخالفات الخطيرة ذات الطابع المالي والإداري التي ارتكبها الآمرون بالصرف، وفي مقدمتهم الوزراء، ومعهم مسؤولون تنفيذيون مركزيا ومحليا يشرفون على تسيير وصرف ميزانية الدولة التي صادق عليها البرلمان، وجاءت ملاحظات مجلس المحاسبة في أول تقرير تقييمي شامل حول ميزانية الدولة، منذ أكثر من 20 سنة، أي منذ عودة الحكومة لاستئناف العمل بالنصوص الدستورية التي أوقفت العمل بها منذ نهاية الثمانينيات، متنصلة من تقديم حصيلة سنوية مفصلة للبرلمان عن تسيير وصرف ميزانية الدولة.‬
*
تقرير مجلس المحاسبة حول طريقة صرف ميزانية الدولة، أعدته وصادقت عليه بتاريخ 29 سبتمبر الماضي، لجنة تتكون من 15 قاضيا من مجلس المحاسبة منهم رئيسه عبد القادر بن معروف ونائبه، ورؤساء الغرف في المجلس، جاء في 138 صفحة، ويرصد صرف ميزانية الدولة إلى غاية سنة 2008، وهو النص الأبرز من بين عدة تقارير أخرى، بدأت لجنة المالية في المجلس الشعبي الوطني مناقشتها مع وزراء الحكومة تباعا ضمن مشروع قانون ضبط‮ الميزانية.‬
*

*
مئات التسخيرات لإجبار مسؤولي الدولة على تقديم وثائق أخفوها
*
جاء في أول ملاحظات قضاة مجلس المحاسبة أن تقريرهم "دون معايناته وملاحظاته وتقييماته حول نقص الصرامة في تسيير الميزانيات القطاعية في تقارير رقابة خاصة وجهها إلى الإدارات والمسيرين والمعنيين"، وذكر من ذلك عدم تطابق المحاسبات الإدارية مع المحاسبات المالية لدى مختلف المصالح المعنية، و تباين في شكل ومحتوى الحسابات الإدارية ومضمونها المودعة لدى المجلس، وعدم تقديم الحسابات من قبل بعض الآمرين بالصرف والمحاسبين وهذا ما يخالف أحكام الأمر الرئاسي المتعلق بمجلس المحاسبة، ويكشف هنا أن تهرب ورفض الآمرين بالصرف في تزويده بالمعطيات والوثائق المالية التي قبلها دفعته إلى ‮"‬إعداد مئات التسخيرات وإصدار قرارات في إطار متابعة تقديم الحسابات لإرغام الآمرين بالصرف والمحاسبين المعنيين على الامتثال لواجب تقديم الحسابات وإن اقتضى الأمر تغريمهم وذلك تطبيقا للقانون‮"‬.
*
ويضيف أن الأهمية التي يجب إيلاؤها لعملية إعداد الميزانية والصرامة التي يجب أن تميزها، عوامل مهمة من أجل إعداد ميزانية عقلانية ومتوازنة وفقا للاحتياجات والقدرات ‮"‬لكن هذه العوامل تكاد تكون منعدمة لدى الآمرين بالصرف‮"‬. ‮
*
ورأى التقرير أن فحص الطلبات على الاعتمادات المالية المقدمة من قبل الوزارات "بين أن تقديرات الميزانية كما في السنوات السابقة لا تعتمد على المعايير و المقاييس المبنية حقا على احتياجات التمويل، بل تتم على أساس اعتباطي مرجعه الرئيسي هو الاعتمادات المطلوبة و المخصصة في السنة المالية المنصرمة‮"‬، وقد أدت هذه المنهجية إلى زيادة هامة في الاعتمادات المالية من سنة إلى أخرى ‮"‬ما يغير جوهريا الأغلفة المالية الأولية المصوت عليها‮"‬.‬
*
واتهم التقرير القطاعات الوزارية "بالإفراط في منح مصاريف المهام التي تخضع بغير وجه حق لأعوان تنفيذيين على وجه الخصوص لتمثل في الواقع أجورا تكميلية وهذا ما تم ملاحظته لدى العديد من الآمرين بالصرف"، وقال إنه هناك وزارات أخرى "دفعت مرتين فواتير أو مصاريف مهام داخل الوطن وخارجه وهذه النفقات المخالفة للقانون تتعلق على وجه الخصوص بمصاريف الإطعام والإيواء، استئجار وسائل النقل، النقل الجوي، شراء مستلزمات منزلية، مصاريف الاستقبال، مصاريف الإشهار" ولاحظ مجلس المحاسبة التكفل بمصاريف "غير مبررة بما فيه الكفاية ولا سيما لدى بعض الوزارات بمناسبة تنظيم اجتماعات وندوات حيث لا تعد قائمة المشاركين والمستفيدين (بالنسبة للإطعام والإيواء)، كما لاحظ أيضا "اللجوء المفرط إلى إعداد الشهادات الإدارية لتغطية هذا الصنف من النفقات لا سيما بشأن الإطعام والإيواء دون تقديم معلومات عن المشاركين ولا عن موضوع الاجتماعات أو الندوات واللقاءات". ولقد بلغت هذه المصاريف أكثر من 13 مليار سنتيم بالنسبة لوزارة الشباب والرياضة على سبيل المثال، كما منحت عدة إعانات تسيير من قبل بعض الوزارات إلى مؤسسات تحت وصايتها "دون أن يتم تقييمها ولا متابعتها بشكل صحيح ولا مراقبة استعمالها، وهذه الملاحظة تنطبق تقريبا على جميع الآمرين بالصرف، المنفذين لعمليات في هذا القبيل وتختلف أهميتها من وزارة إلى أخرى وتبقى وزارات التربية والتكوين هي المعرضة و بصفة خاصة، ووزارة الصحة والثقافة والرياضة والعمل الاجتماعي بصفة عامة".
*
ويثير قضاة مجلس المحاسبة ظاهرة "ترحيل الأعباء السنوية"، حيث يلج المسيرون في هذا الحالة كل سنة إلى أن يدفعوا، في المقام الأول، كل النفقات "العالقة" بالسنة المنصرمة ثم التكفل بجزء فقط من النفقات الخاصة بالسنة الجارية في حدود الاعتمادات المتوفرة. ويقولون إن عملية الترحيل هذه "أصبحت ظاهرة متكررة منذ عدة سنين، حيث اعتاد المسيرون على الالتزام بالنفقات خارج حدود الميزانية المرخصة ليتم دفعها من اعتمادات السنة الموالية". ومع أن التقرير يستدرك هنا ليقول إنه من حيث المبدأ قد تكون هناك ضرورة لذلك أحيانا "ولكن لا يمكن إطلاقا وصف الحالات الملاحظة بالحالات المنعزلة، بل هي ممارسات شبه دائمة تمس كل المسؤوليات المالية وتخص العديد من فصول النفقات‮"‬.‬
*

*
دراسات سطحية لمشاريع يتم تعديلها كلية بعد تسجيلها
*
نقطة أخرى سجلها التقرير التقييمي دائما في قسم التسيير في ميزانية الدولة هي ما أسماه عدم مراعاة القواعد السارية على جرد الأملاك المنقولة والعقارية في عدد كبير من الإدارات والمؤسسات الخاضعة للرقابة، "كما أن المتابعة خارج المحاسبة لا تتم بصفة سليمة والوثائق المرافقة غير كاملة ما يجعل استغلالها صعبا، وقد شملت هذه العيوب معظم الهيئات الخاضعة للرقابة على الرغم من التوصيات المقدمة من مصالح المراقبة الداخلية والخارجية‮".‬
*
وتم إجراء عدة عمليات نقل اعتمادات خلال السنة المالية الخاضعة للرقابة، بنسبة 4.71 بالمائة من إجمالي الاعتمادات المرصودة في ميزانية التسيير "ما تسبب بشكل ملموس في تغيير توزيع الاعتمادات التي صوت عليها البرلمان"، ومع إقرار مجلس المحاسبة أن ذلك يستجيب جزئيا لتنظيم ضروري للميزانية ما بين مختلف الوزارات، ولا يؤثر على الغلاف المالي الإجمالي المرخص به، فإنه يشير إلى أن "يثير قضية حجم هذه الحركات وتكرارها لا سيما الجارية بشكل خاص في نهاية السنة، وهذا اللجوء المتأخر إلى تعديل الاعتمادات يطرح من جديد ضرورة مراعاة التقديرات‮".‬
*
ونفس الملاحظات تقريبا سجلها تقرير مجلس المحاسبة حول نفقات التجهيز والمشاريع التنموية المدرجة في ميزانية الدولة، أبرزها "نقص تحضير المشاريع وتقييم غير دقيق للاحتياجات وعدم نضج المشاريع مع كل ما يترتب عليها من آثار على التمويل والإنجاز، ودراسات سطحية، وتقييم غير كامل للضغوطات الخاصة، وضعف التقدير المالي ، وتجاوز هام في آجال الإنجاز"، وحسب المعلومات التي جمعها المجلس هناك مشاريع عديدة من البرنامج القطاعي غير المركزي "انطلقت دون نضج مسبق، كما هناك مشاريع ضخمة تم اقتراحها بناء على دراسات سطحية ليتم تعديلها كلية وقت تسجيلها عقب إخضاعها لدراسات معمقة"، كما تحدث عن إجراءات غير صارمة في منح الصفقات، وهيمنة إجراء التراضي لصالح المؤسسات العمومية (حتى لو كانت في وضعية مالي صعبة) أو لصالح مؤسسات خاصة وطنية وأجنبية.
*
ويعطي أمثلة على ذلك من قبيل استفادة 30 مشروعا على مستوى وزارة الشباب والرياضة بمبلغ يقارب 300 مليار سنتيم من رخص البرامج المسجلة لفائدة المصالح المركزية، وقال التقرير إنها "عرفت استهلاكا لا يستحق الذكر على الصعيد المالي قدره 15 مليار سنتيم فقط" أي نحو 5 بالمائة "ولم ينطلق إنجاز معظمها ومنها 21 يعود تاريخ تسجيلها أحيانا إلى 1998 و 2002"، كما أبرزت تحريات المجلس أنه من بين 12 مشروعا كان من المقرر إتمامها بمناسبة الألعاب الإفريقية لسنة 2007 فإن 7 مشاريع منها لم تكن قد انطلقت أصلا و5 أخرى نفذت بنسبة جد ضعيفة، ومن ذلك أيضا 13 عملية مسجلة لفائدة وزارة الثقافة منذ سنة 2004 بقيمة 170 مليار سنتيم و13 عملية مماثلة بقيمة 110 مليار سنتيم على مستوى وزارة العمل وأخرى بقيمة 35 مليار لدى وزارة الاتصال وغيرها‮.‬
*

*
60 صندوقا خارج الرقابة وأخرى تكدس أموالا ولا تصرفها
*
وأفرد قضاة مجلس المحاسبة جزءا كبيرا من تقريرهم لطريقة تسيير وصرف أموال الصناديق الخاصة، التي تجاوز عددها 60 صندوقا موزعة على الكثير من القطاعات الوزارية، وبلغ رصيدها 1450 مليار دينار، بعنوان عمليات التسيير على اختلاف أنواعها، وقال إن إحداث بعض الصناديق والحسابات الخاصة يفتقد إلى الصرامة ما يطرح إشكالية تسييرها ومتابعتها، إذ أن إنشاء بعض هذه الحسابات لم يتبعه النصوص التطبيقية اللازمة ما يطرح إشكالية سير عملها، وبعض هذه الحسابات لم ترفق لا ببرامج نشاط بجداول إنجازها ولا يوضح آليات متابعتها وتقييمها، وأضاف أنه في هذا الصدد يجب أن تكون هذه الحسابات موضوع برامج عمل معد من طرف الآمرين بالصرف المعنيين، تحدد في كل حساب الأهداف المسطرة واستحقاقات الإنجاز بالإضافة إلى تدابير المتابعة والتقييم التي يحددها الآمرون بالصرف المعنيون ووزير المالية عند إعداد مدونة الإيرادات والنفقات‮.‬
*
وضمن عملية فحص أجراها القضاة على عدد من الصناديق وحسابات التخصيص الخاصة قال التقرير بشأن أهمها وهو صندوق ضبط الإيرادات، إن أمواله المودعة بالدينار لدى بنك الجزائر في حساب خاص، قدره 4280 مليار دينار، (حوالي 60 مليار دولار) "ينقص تسييرها بعض الشفافية، لأن مجلس المحاسبة لم يتحصل على كشف مفصل للاقتطاعات حسب طبيعة الديون ولا يتحصل على المستندات الثبوتية المرتبطة بها لا سيما فيما يتعلق بتوظيف الأموال بالفوائد لدى بنك الجزائر‮".‬
*
أما صندوق المساعدة على امتلاك السكن في إطار تدابير البيع بالإيجار، والذي تم استحداثه سنة 2002، لتمويل مشاريع السكن والطاقة والشبكات، ووصلت إيراداته خلال عام واحد إلى أكثر من 6 آلاف مليار سنتيم، "فإن نسبة الاستهلاك لم تتعد 43 بالمائة وبالرغم من ذلك استمر في تلقي دعم مالي إضافي كل عام"، لكنها على كل حال تبقى أكبر بكثير من نسبة الاستهلاك المسجلة في صناديق خاصة أخرى، التي لم تتعد 6 بالمائة فقط، مثلا بالنسبة لصندوق "تخفيض نسبة الفائدة على الاستثمارات" بالرغم من أن مداخيله المعتبرة تصل إلى ألفي ( 2000) مليار سنتيم‮.‬
*
أما الملاحظات الأكثر سلبية بالنسبة لتسيير الصناديق والحسابات الخاصة، فيسجلها تقرير مجلس المحاسبة عند فحصه للعمليات المالية التي قام بها صندوق تصفية المؤسسات العمومية، الذي يعتبر من أقدم الحسابات والصناديق الخاصة، حيث يعود تأسيسه إلى سنة 1993، ولخص مجلس المحاسبة ملاحظاته في التباطؤ غير المبرر في استكمال عملية تصفية كثير من المؤسسات العمومية، بعد سنوات طويلة على مباشرتها، وعدم تسوية الرصيد السنوي للصندوق، ونقص التنسيق ما بين الآمرين بالصرف والمحاسبين العموميين من جهة، والمصفين من جهة أخرى، وغياب التقييم ومتابعة أعمال التصفية من طرف الدولة.
*
ونالت الصناديق والحسابات الخاصة الموضوعة تحت وصاية وزارة الفلاحة، حصة كبيرة من ملاحظات التقرير، الذي يشير إلى أن المجلس له دراية وتجربة سابقة تعود لسنة 2007 مع صناديق وزارة الفلاحة، خاصة صندوق التنمية الريفية واستصلاح الأراضي عن طريق الامتياز، حيث تدخل مجلس المحاسبة بعد سلسلة الفضائح والتجاوزات الكبيرة في تسيير الصندوق، الذي تم إحداثه سنة 1998، والذي أسند تسيير البرنامج الخاص به إلى المؤسسة العامة للامتياز الفلاحي، وقال التقرير إن هذه المؤسسة باعتبارها صاحب المشروع ومكلفة بعدد هام من المشاريع مقابل تكفل الدولة بنفقاتها "لا تتوفر على إطارات مؤهلة، ولا على نظام الرقابة الداخلي، حتى تمكن من تفادي الفوارق العديدة، في عدة صفقات أبرمت ونفذت من طرف المؤسسة المذكورة دون الأخذ بعين الاعتبار قواعد الحيطة والحذر المتعلقة بالصفقات العمومية".
*

*
صناديق ضخمة دون برامج إنفاق معروفة
*
ونالت نصيبها أيضا من ملاحظات مجلس المحاسبة، الصناديق الخاصة التابعة لوزارة البيئة وتهيئة الإقليم، وهي أربعة صناديق، بلغ رصيدها مجتمعة حوالي ألفي ( 2000) مليار سنتيم، تراكمت لدى بعضها منذ أكثر من 10 سنوات على تأسيسه، وتراوح معدل استهلاكها السنوي ما بين 2.75 إلى 6.72 بالمائة فقط، إضافة إلى ذلك سجل التقرير بالنسبة لأهم وأكبر صندوق بينها وهو الصندوق الوطني للبيئة وإزالة التلوث، أن الأرقام التي قدمتها الوزارة عن إيراداته ونفقاته ورصيده النهائي تختلف وتتناقض مع تلك التي قدمتها الخزينة، وقال إن تحصيل الرسوم التي تغذيه‮ "‬بعيد كل البعد عن التوقعات وذلك بسبب نقس الانسجام والتنسيق ما بين المصالح المكلفة بتحصيلها، وتكتفي المصالح التابعة للوزارة المعنية بحساب وتقييد الوضعيات الواردة من الخزينة ليس إلا‮".‬
*
وهناك صناديق لم تنفق دينارا واحدا من إيراداتها بالرغم من ضخامتها، منها الصندوق الخاص بتطوير النقل العمومي، وهو الذي يتغذى من ضريبة السيارات الجديدة، التي سنتها الحكومة قبل سنتين وأثارت جدلا كبيرا في حينه، وبلغت إيرادات هذا الصندوق خلال عام واحد فقط أكثر من 500 مليار سنتيم، ونفس الأمر بالنسبة للصندوق الوطني للطرق والطرق السريعة، الذي‮ راكم خلال السنوات السبع الأولى على إنشائه أكثر من 930 مليار سنتيم "وعلى الرغم من إصدار جميع النصوص الخاصة بتسيير هذا الصندوق، ورغم أهمية الاعتمادات المخصصة له في كل سنة من أجل تحقيق أهداف أساسية، إلا أنه لم يسجل على حسابه أي نفقة"، وكذا صندوق دعم الاستثمار الذي دخل حيز الخدمة سنة 2001 وراكم منذ ذلك الوقت مبلغا قدره 650 مليار سنتيم، لكنه ‮"‬لم ينجز أي نفقة منذ إنشائه ولم تصدر المراسيم التطبيقية الخاصة به‮".‬
*
وبالرغم من إشادة التقرير بجهود القائمين على تسيير الصندوق التابع لوزارة التجارة لتعويض مصاريف نقل بعض المواد الأساسية الاستهلاكية ومواد البناء لمناطق الجنوب، إلا أنه قال إنه يتعرض للاستنزاف بشكل غير قانوني من طرف بعض الصادرات غير القانونية التي يقوم بها بعض المتعاملين في الشمال الذين يقومون بالتصدير نحو دول الجوار، للسلع والمواد المدعمة والمستفيدة من مساعدات الدولة والمقتناة مباشرة لدى بعض تجار الجنوب ضمن الحصص الموجهة السكان.
*
أما الصندوق الخاص بترقية الصادرات والذي كدس في حساباته مبلغا ماليا وصل في سنة واحدة فقط إلى 735 مليار سنتيم، فإن معظم النصوص التطبيقية الخاصة بطريقة عمله لم تصدر، باستثناء المتعلقة بتحمل الدولة جزء من مصاريف المشاركة في المعارض بالخارج، كما ظهرت الأرقام التي قدمتها الوزارة حول نشاط الصندوق الوطني لتطوير نشاطات الصناعات التقليدية، متناقضة مع أرقام الخزينة بفارق يصل إلى نحو 10 مليارات سنتيم.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.