تشكل ولاية أدرار خاصة والصحراء عموما خزانا في مجال المخطوطات، بعضها نادرة، نظرا لكون هذه المنطقة كانت على مر الزمان والحضارات ممرا للقوافل التي لا تعتبر فقط طريقا للتجار، لكنها أيضا كانت طريقا للعلماء الذين جابوا الأمصار والأقطار، ما تزال الكثير من تلك الكنوز مدفونة في خزائن العائلات والزوايا، الأمر الذي دفع وزارة الثقافة إلى إنشاء المركز الوطني للمخطوطات 2006 وجعلت مقره ولاية أدرار، لكن وبعد 12 سنة من إيجاده لا تبدو مهمة سهلة، حيث أحصى هذا المركز ما يربو عن 9500 مخطوط على مستوى 76 خزانة على مستوى أدرار وانطلق المركز مؤخرا في عملية جرد و إحصاء المخطوطات خارج أدرار بكل من عين صالح وتندوف وتمنراست. قالت مديرة المركز الوطني للمخطوطات السيدة لعجالي صليحة أن المركز يدرس مشروع إطلاق تطبيق يتيح للباحثين الوصول إلى المخطوطات عن طريق كتابة العنوان ومكان التواجد وهذا عبر الخزانة المرقمنة، ما من شأنه أن يختصر الجهد والوقت للمختصين للتوجه مباشرة للجهة أو المكان الذي يتواجد به المخطوط، وأضافت المتحدثة للشروق أن المركز الذي يتوفر حاليا على مصلحة الفهرسة والجرد والدراسات المسبقة التي تساعد على تحديد الفترة التاريخية للمخطوط وأهميته. وكشفت السيدة لعجالي أن التاريخ والأدب والطب والتنجيم وخاصة الأعشاب والأنساب والنوازل وكرامات الأولياء الصالحين والصوفية هي أبرز المواضيع التي تتناولها عادة المخطوطات التي وقف عليها المركز. وصفت المتحدثة عملية إحصاء وجرد المخطوطات بالصعبة والشاقة، نظرا لعدة اعتبارات أهمها عقلية أصحاب الخزائن ومالكي المخطوطات الذين يتعاملون عادة بتحفظ كبير مع موظفي المركز، حيث يصعب كثيرا الوصول إلى المخطوطات النادرة، إلا إذا جاء المعني عن طريق الزوايا أو معرفة مسبقة بأصحاب الخزائن الذين يتحفظون إزاء الجهات الرسمية لأنهم يعتقدون أن المخطوطات سيتم مصادرتها أو أخذها، لهذا فهم قد يستقبلون مرة أو مرتين المبعوث من طرف المركز ثم يغلقون دونه الأبواب في حال تكررت زيارته، مع العلم تضيف مديرة المركز أن عملية ترميم المخطوطات تأخذ وقتا طويلا بداية من تحديد فترتها التاريخية ووضعها في إطارها الزمني، وصولا إلى ترميمها ورقمنتها وحفظها وهي مهمة شاقة كون مجال المخطوطات والترميم حديث العهد ليس في الجزائر فقط، لكن في الوطن العربي بصفة عامة والخبراء في هذا المجال قليلون جدا، ولتجاوز هذه الصعوبات قالت المديرة إن المركز تربطه اتفاقيات شراكة مع المكتبة الوطنية التي تملك خبرة وأجهزة أكثر تطورا من المركز. من جهته القائم على الزاوية البكرية قال إن مكتبة الزاوية تضم أزيد من4500 مخطوط في مختلف المواضيع، ما تزال الزاوية البكرية تحافظ عليها لأن "نسل العلماء لم ينقطع في هذه العائلة" بعض هذه المخطوطات ثمين ونادر مثل نسخة من صحيح البخاري مكتوبة بماء الذهب عمرها أزيد من 3 قرون خلت"، وأضاف شيخ الزاوية أن الجد الأول للعائلة كان قاضيا، وترك وصية تقول إن الخزانة توضع في خدمة العلماء وتبقى محفوظة "لا يمكن أن يمّكن منها مبتدع ولا يمنع عنها طالب علم"، وأكد أن العديد من البحوث والرسائل الجامعية تم انجازها انطلاقا من خزانة الزاوية البكرية. واعترف القائم على الخزانة بوجود حاجز بين أصحاب الخزائن والمركز الوطني للمخطوطات، وقال إن هذا المشكل على المسؤولين على المركز أن يجدوا له حلا وهم الذين يجب أن يعالجونه، واعتبر المتحدث أن أرباب الخزائن الذين حافظوا على تلك المخطوطات قرونا خلت بإمكانهم الاستمرار في حفظها ولا فرق بين الخزائن الموجودة لدى العائلات وتلك الموجوة في المركز، وكشف المتحدث أنه من بين الأسباب التي تدعوا أرباب الخزائن إلى التحفظ إزاء المؤسسات الرسمية، ما حدث للزاوية البكرية مثلا، حيث قدم مخطوطا للمكتبة الوطنية من أجل تصويرها وسلم له وصلا عن التسلم، لكن المخطوط لم يعد إلى الآن بعد مرور سبع سنوات، متسائلا هل التصوير يستغرق سبع سنوات.