انتقد خبراء وممثلون عن جمعيات نسائية وشبابية وحقوقية وأئمة في ندوة الشروق حول "الحراقة" تعاطي السلطات الوصية مع تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية بالتجريم والتحريم والسجن والتخويف، ما ساهم في انتشار خطاب اليأس والإحباط وسط الشباب الذين حولوا "الحرقةّ" إلى مشروع حياة. وحذر ضيوف "الشروق" من استغلال الحراقة للأطفال والنساء كدروع بشرية لتسهيل دخولهم إلى أوروبا والإفلات من العقاب والمتابعات ما شجع على ظاهرة الهجرة الجماعية للعائلات رغم المخاطر والمآسي، كما تحدثت الشروق إلى بعض "الحراقة" الناجين من الموت والذين أكدوا إصرارهم على الهجرة بسبب سوء الأوضاع الاجتماعية.
أكد وجود 17 ألف حراق جزائري في السجون الأوروبية.. عبد الكريم عبيدات: التقيت حراقة جزائريين بإسبانيا حقنوا أنفسهم بالسيدا لطلب المأوى دعا عبد الكريم عبيدات، رئيس المجلس الوطني لرعاية الشباب، إلى استراتجية وطنية للوقاية الجوارية، فيما يخص الشباب الجزائري للتكفل بالمشاكل التي تتخبط فيها هذه الفئة، وقال إن مليون مدمن جزائري على المخدرات مؤشر مخيف وقد يكون ذلك وراء تفاقم آفة الهجرة غير الشرعية بشكل خطير، حيث حسب آخر المعطيات، فإن 17 ألف شاب جزائري حراق في كل من اسبانياوفرنسا وايطاليا وبلجيكا. وقال عبيدات إن "الحرقة" أصبحت في مثل ظاهرة المخدرات في الجزائر، وأن الشاب بات يغامر بنفسه دون تردد أو خوف رغم أن 99 بالمائة منهم يتم القبض عليهم أو الغرق في عرض البحر. وأكد رئيس المجلس الوطني لرعاية الشباب، أنه زار مراكز إيواء الحراقة في اسبانيا ووقف على حالات يؤسف لها ومؤثرة في النفس، حيث اضطر بعض المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين إلى حقن أجسادهم بدم يحمل فيروس السيدا حتى يضمن لأنفسهم فرصة الإيواء وعدم البقاء في العراء تحت رحمة البرد. ووصف ذات المتحدث، الهجرة غير الشرعية بمغامرة تكلف صاحبها 60 مليون سنتيم، والتي لابد أن تتحرك السلطات العليا لإيقافها، مشيرا إلى أن 100 ألف جمعية جزائرية تهتم بالشباب ولكن نشاطها غير مطبق على أرض الواقع، مرجعا ذلك لعدم التنسيق في أمور تتعلق بمستقبل الفئات الاجتماعية المهمة، وأضاف أن هذا العدد الهائل للجمعيات هو قوة وطنية يمكن أن تشخص وتضع الحلول فيما يخص ظاهرة الحرقة. وأوضح عبد الكريم عبيدات، أن مركز علاج المدمنين التابع للمجلس الوطني لرعاية الشباب، يستقبل يوميا 30 حالة إدمان وهذا مؤشر حسبه، أن الشباب الجزائري يرغب في أن يكون له مستقبل ودور فعال، وفيما يخص مساعي المجلس لعلاج الآفات الاجتماعية بينها "الحرقة"، قال عبيدات أن وزارة الشؤون الدينية سمحت له بطرح مواضيع توعوية اجتماعية داخل المساجد وذلك يوم الجمعة، حيث زار لحد الساعة 25 مسجدا عبر الوطن، وسيكون موضوع الحرقة، مطروحا في باقي المساجد التي سيزورها. وحمل عبيدات، البرلمان الجزائري مسؤولية إعادة النظر في القوانين، وفيما يتعلق بمستقبل الشباب الجزائري، وطالبه بأن يتدخل في البحث عن آليات تسهل لهذه الفئة، الهجرة بطريقة شرعية إلى دول أوروبية أصبحت تفرض شروطا تعجيزية لعرقلة هجرة الشباب العربي إليها. وقال إن أموال لونساج التي تمنح بالدينار الجزائري لبعض الشباب، أصبحت تحول في السوق السوداء إلى عملة صعبة، يدفعها هؤلاء لمحتالين من ملاك البواخر من اجل الحرقة.
أكدت أن الحراقة لا يتزوجون في أوروبا إلا المنحرفات.. شائعة جعفري العائلات التي "تحرق" بأبنائها عديمة المسؤولية رفضت رئيسة المرصد الجزائري للمرأة، شائعة جعفري، إطلاق تسمية الظاهرة على "الحرقة" فإذا سلمنا بهذا فسنمنحها حجما أكبر مما هي عليه، وفضلت المتحدثة إطلاق مصطلح الآفة أو السرطان الدخيل الذي يهز النسيج الأسري والمجتمع عليها. وطالبت المتحدثة بضرورة التعرف على أصحاب قوارب الموت وتحديد هوياتهم فهم يغامرون بحمل 40 أو 50 شابا يزرعون في عقولهم الأفكار والأحلام الوردية ويزينون لهم الضفة الأخرى. وأوضحت جعفري أنهم من خلال التحقيقات اتضح بأنهم أشخاص ميسورو الحال زرعوا أفكارا سوداوية حول الواقع المعيش وعندما يصلون للضفة الأخرى لا يجدون أحدا بانتظارهم، وأضافت المتحدثة أن الهجرة غير الشرعية "الحرقة" تقتصر على فئة معينة ممن لا يملكون مستوى تعليميا يتعاطون المخدرات فجلهم ليسوا في وعيهم عند إقدامهم على هذه الخطوة، وقد أصبحوا يتعمدون الترويج لها من خلال التقاط صور السيلفي قبل سفرهم وعند وصولهم. وذكرت رئيسة المرصد الجزائري للمرأة أن الظروف الحالية التي نعيشها الآن هي أفضل بكثير مما كانت عليه إبان الحقبة الاستعمارية ورغم هذا لم يتخل عنها أبناؤها وجاهدوا للحصول على الاستقلال، واستشهدت المتحدثة بنماذج لشباب سافروا يعملون في ظروف مزرية لا يتعرضون لأشعة الشمس سوى مرة واحدة في الأسبوع حتما ما كانوا سيرضون بهذه الظروف في أرض الوطن. واستغربت المتحدثة من إقبال الفتيات على الهجرة غير الشرعية وهو ما يعرضهن للوقوع ضحايا شبكات مختصة في الدعارة وأصبحن يعملن في الحانات، فالمسؤولية لا تقع على عاتق المسؤولين والحكام الجزائريين فقط بل الجميع مسؤولون. واصفة صور هجرة العائلات في مجموعات دليل على عدم النضج الكافي وهو ما يدفعهم إلى المغامرة بأبنائهم.
خالد بن تركي رئيس جمعية مستقبل الشباب بارونات يشجعون الحراقة بغرس اليأس وسط الشباب من جهته رئيس جمعية مستقبل الشباب خالد بن تركي، شدد على أن موضوع الحرقة هو موضوع الساعة، خاصة بعدما شمل العائلات والرضع والفتيات وكل فئات المجتمع بعدما كان يقتصر سوى على الشباب، وصرح بن تركي، "أن شبابنا من أحسن الشباب أحب من أحب وكره من كره"، وإتباعهم لظاهرة الهجرة غير الشرعية، ناتج عن الكثير من الأسباب، مؤكدا، إن "شبابنا ما هم إلاّ ضحايا للظروف الاجتماعية القاهرة التي يتخبطون فيها هنا في البلاد" وأضاف رئيس جمعية مستقبل الشباب، إن عدم التوجيه، وغلق أبواب الحوار من أهم الدوافع التي تدفع بالشباب للتفكير في مغادرة البلاد بأي طريقة، فعندما تغلق في وجوههم جميع الأبواب، حسب المتحدث، يطلبون عملا فلا يجدون، ويبحثون عن مسكن فيكون طلبا من سابع المستحيلات، ويحتاجون للتعبير عن مشاعرهم، فلا يجدون حتى آذانا صاغية تسمع انشغالاتهم، فلا يُفكّرون في حلول أمامهم سوى أنّ البحر من أمامهم والموت من خلفهم. وتساءل بن تركي في سياق ذي صلة، عن الأطراف الخفية التي تحرك ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتشجعها بهذا الشكل العجيب، قائلا أنه "لا دخان بدون نار"، مؤكدا أن الشباب الذين يلجؤون للحرقة، ما هم إلا ضحايا لعصابات تشجع على العملية، مضيفا "نحن لا نشجع على الحرقة، وإنما نتحدث عن معاناة الشباب من جميع النواحي، التي تجعله يختار المغامرة والمخاطرة بحياته، وأحيانا بأطفاله الصغار وعائلته، واللجوء لركوب قارب الموت"، وذكر بن تركي، أنّ غياب العدالة الاجتماعية وعدم فتح أبواب الحوار مع الظروف المعيشية القاهرة من أهم الدوافع المشجعة على الهجرة غير الشرعية. وطالب بن تركي، بضرورة خلق مركز وطني يدرس مختلف انشغالات الشباب ويفتح معهم أبواب الحوار، للوقوف على الواقع المعيشي الذي يتخبطون فيه.
البروفيسور في علم النفس أحمد قوراية: "الحراقة" لا يشعرون بالانتماء إلى وطنهم فقرروا الهرب فسّر المختص في علم النفس، البروفيسور أحمد قوراية، الأسباب التي تدفع الشباب ل"الحرقة"، فقال إن غلق الأبواب أمام الشباب، وظهور أزمة اجتماعية حقيقية، بسبب انتشار البطالة وما اعتبره "الظلم والحقرة ضد الشباب" يجعلهم ينهارون نفسيا، ويشعرون بعدم الانتماء إلى هذا الوطن، فيبحثون عن الهروب "من هذا الواقع المر، الذي جعلهم لا يتقدمون ولا يتطورون ولا يعيشون..". ومعتبرا أن عدم اهتمام الدولة بفئة الشباب وبتوظيفهم، وعدم فتح المجالات وتكافؤ الفرص أمامهم، جعلهم لا يشعرون باطمئنان نفسي تجاه وطنهم، ومن الأسباب أيضا يقول "كثيرٌ من أصحاب الشهادات الجامعية ممن لا يملكون - المعريفة- من دون شغل..". فيما وصف قوراية، الشباب الذين يغامرون بأنفسهم عن طريق الحرقة، رغم عيشهم عيشة هانئة ومطمئنة في بلدهم "بضعاف الشخصية المقلدين لغيرهم"، وهؤلاء هم أصحاب الشخصية التبعية، التي تعطل تفكيرها ونفسيتها إرضاء لحب التقليد الذي يتملكهم.
سيد علي شاحي ممثل عن قدماء الكشافة الجزائرية: من يغامر بأبنائه وزوجته في البحر "ماشي راجل" يرى الشاب سيد علي شاحي، ممثل عن قدماء الكشافة الجزائرية، أن الهجرة غير الشرعية في الجزائر، ظاهرة غير واضحة الأسباب، ولكن يعتقد أن أفكارا غريبة غرست في أذهان المراهقين وتحولت إلى ثقافة، واصفا إياها بالوهم الذي يهرب إليه اليائس,ن من الشباب في بعض الأحيان. وقال إن الجانب الاقتصادي والاجتماعي اثر في الآونة الأخيرة على فئة كبيرة من الجزائريين، مستنكرا تخفي بعض "الحراقة" وراء نسائهم وأطفالهم، متخذين من عائلاتهم نقاط استعطاف في حال القبض عليهم على السواحل أو في الضفة الأخرى، وعلق سيد علي شاحي ممثل عن قدماء الكشافة الجزائرية، قائلا "من يغامر ببناته وزوجته في البحر.. ماشي راجل". ووصف كل جزائري يقوم بمغامرة الهجرة غير الشرعية، على انه إنسان غير طبيعي، لأنه يعلم مسبقا، أن النتيجة سلبية وأنه سيتخبط في مشكل اكثر خطورة من تلك التي هرب منها في الجزائر.
الإمام والمفتش بوزارة الشؤون الدينية سليم محمدي: حرمنا "الحرقة" لما شهدناه من جثث في الشواطئ ومجازر في البحر أكد الإمام الشيخ سليم محمدي، تأييده للفتوى المحرمة للهجرة غير الشرعية "الحرقة" لما تحمله هذه المغامرة من أضرار ومخاطر ومفاسد ومهالك فوق الحصر، فرسالة الإمام في المسجد يجب أن تكون في مستوى المعالجة النفسية، الاجتماعية والدينية للأزمات. وأوضح المتحدث بأن الظاهرة أصبحت مهولة ومخيفة نظرا للأرقام المتداولة حولها، فقوارب الموت تحمل يوميا أطفالا صغارا، نساء، حوامل، فأمواج البحر تقذف يوميا عشرات الجثت من كل الأصناف والأجناس. ودعا الشيخ محمدي لعدم الاكتفاء بتحريم الإمام فقط، بل لضرورة النظر للظروف والأسباب والجوانب التي دفعت الشاب لترك بلاده والمغامرة بنفسه، مبينا أن فتوى التحريم مؤسسة بناء على أدلة شرعية من القرآن والسنة النبوية كقوله تعالى "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، وقوله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"، وفي حديث للرسول صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي قال: "لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه". واعتبر الإمام القوارب التي لا تصلح للسفريات البعيدة، التخفي عن أعين رجال الأمن، مخاطرة أصحاب الزوارق بركوب البحر في أي وقت فالمغامرة فيها تكون أكبر من احتمالات النجاة وإذا وصل الشاطئ فستلازمه حالة الذعر أو يكون تجار البشر في انتظاره، فما يرافق هذه الرحلة من أهوال ومخاطر يدرجها في خانة الحرام وهناك فتوى لكبار العلماء المالكيين حول عدم جواز ركوب البحر في أوقات اضطرابه. واعترف الشيخ باستقباله حالات لشباب يرغبون في خوض تجربة الحرقة فيتمنى له الحياة الكريمة في بلاده، ليواجهه الشاب بظروفه الاجتماعية الصعبة والواقع المرير فيحاول إحراجه بأسئلته، لذا يميل الإمام لاستعطافه من خلال الجانب الديني والروحي فيحثه على القبول بعمل بسيط بجوار أهله أفضل من المخاطرة.
"الشروق" في بيت نادية الناجية من مأساة انقلاب زورق بسواحل وهران "شقيقتي فارقت الحياة بين يدي.. لكن سأركب البحر مجددا لبلوغ أوروبا" القنصلية الفرنسية رفضت منحي التأشيرة بالرغم من استيفائي جميع الشروط توعدت الشابة "نادية.ح" الناجية من مأساة انقلاب زورق بسواحل وهران، قبل أيام، الذي أدى إلى هلاك شقيقتها وشاب آخر، ونجاة الحراقة البقية، بمعاودة ركوب البحر مجدّدا، بعد ما فشلت في الحصول على التأشيرة بشتى الطرق القانونية. "الشروق" تنقلت إلى منزل الشابة "نادية.ح" البالغة من العمر 24 سنة، والمقيمة في حي أولاد فارس بالشلف. وفور وصولنا إلى منزلها، استقبلتنا رافضة الحديث مجددا عن الحادثة وفضلت قبر الأحداث مع دفن شقيقتها الصغرى 17 سنة. ومع إصرارنا، تحدثت عن مأساة فقدانها شقيقتها في عرض البحر، إثر انقلاب الزورق الذي كانت على متنه رفقة عدد من الحراقة بسواحل وهران، قبل أيام. تقول نادية وهي تتحدث عن تلك الليلة المشؤومة، إن سائق الزورق ومسؤول الرحلة الذي حاول الفرار من خفر السواحل، قام بزيادة سرعة المحرك ورفعها للسرعة القصوى للإفلات من قبضتهم، محاولا الدخول للمياه الدولية؛ فتسبب في فقدان توازن القارب، الأمر الذي أدى إلى تلاطم الأمواج وولوج مياه البحر بكثرة إلى داخل القارب، فغرق دون ملامسة سفينة خفر السواحل التي بقيت بعيدة عنه. وبعد انغماس الزورق في الماء تضيف نادية "سارعت وحدات البحرية لرمي الحبال والعجلات المطاطية لإنقاذنا، فمسكت بشقيقتي بيد والحبل بأخرى لمدة قاربت الربع ساعة، لكن عدم قدرة أختي على السباحة جعلها تشرب كميات كبيرة من الماء وفارقت على إثرها الحياة بين يدي وهي اللحظة التي لا أنساها ومازالت راسخة في مخيلتي". وكشف نادية بأنها أخذت شقيقتها معها رغبة منها في مواصلة دراستها في الخارج، لكن حياتها توقفت بين أمواج البحر لتعود إلى البيت جثة هامدة وهي تحت التراب. تقول نادية، إنّها أودعت ثلاث مرات طلبا للحصول على التأشيرة بقنصلية فرنسابوهران، لكن قوبل بالرفض، بالرّغم من استيفائه لكامل الشروط حسبها، حيث حاولت وهي المتخرجة بشهادة الليسانس علوم آثار قديمة بالقطب الجامعي لأولاد فارس التضحية بنفسها لأجل علاج أبيها من مرض الزهايمر ومرافقته بفرنسا ومساعدته على التكفل بمتطلباته اليومية. وأوضحت المتحدّثة بأنّها ضمّنت ملف طلب التأشيرة بشهادة طبية من طبيب نفساني مختص، مدعمة بشهادة ثانية لمراسلة من طبيب بفرنسا تسمح لها بمرافقة والدها إلى خارج الوطن، "لكن دون جدوى وتم رفض طلبي، الأمر الذي جعلني أفكر في الحرقة لأجل علاجه وضمان راحته ومرافقته بدواء الضغط الدم المفقود بصيدليات الوطن، ناهيك عن إقامته بفرنسا في إقامة جماعية مما يصعب توظيف خادمة للتكفل به هناك". وبالرّغم من فقدانها شقيقتها في رحلة مشؤومة عبر قارب الموت، إلا نادية تقول إنها ستركب البحر مجدّدا، ومصرّة على الوصول إلى الضفة الأخرى بأي طريقة.
سيد علي لعبادي رئيس جمعية حماية الأحداث: "البيروقراطية" والبطالة أفقدتا الشباب عقولهم اتهم سيد علي لعبادي، رئيس جمعية حماية الأحداث، السياسات الحكومية المتعاقبة تجاه الشباب بالبيروقراطية والوهمية، مؤكدا أن الأرقام التي يقدّمها قطاع العمل عن التشغيل وهمية وبعيدة عن الواقع داعيا وزير العمل للنزول إلى الشارع والاحتكاك بالشباب في الأحياء الشعبية. وقصد مواجهة ظاهرة الحرقة اقترح لعبادي توفير مناصب عمل تضمن كرامة الجزائري بأجر محترم وخلق أماكن ترفيه واستجمام. داعيا إلى ضرورة تنظيم ندوة وطنية يحضرها نخبة الفاعلين في المجتمع من خبراء وجمعيات وسياسيين للوصول إلى حلول فعلية تضع حدا للظاهرة التي تستنزف أبناءنا. ولخّص رئيس الجمعية مشاكل "الحراقين" في السكن والعمل والصحة والبيروقراطية، واستشهد فيما يخص البيروقراطية بتجربة حديثة للجمعية لتوظيف الشباب المسبوق قضائيا بعد انتهاء العقوبة وعددهم كان 25 في البداية غير أنهم اصطدموا بعراقيل بيروقراطية جعلت أغلبهم لا ينجح في التوظيف ماعدا 13 فقط وبأجور زهيدة جدا لا تتعدى 14 ألفا، حتى أن بعض من لم يتمكن من الحصول على الشهادات فكر في تزويرها وهي سياسات تدفع بالمواطن الجزائري إلى التحايل على القانون واختراقه. ودعا لعبادي السلطات إلى منح جوازات السفر للمسبوقين قضائيا وفتح الآفاق أمامهم وضرورة إيجاد حلول لإدماج الشباب في وظائف دائمة. وتطرق المتحدث إلى بعض المبادرات التي أطلقتها جمعيته لدى بعض المجمعات الاقتصادية إلا أنّها باءت بالفشل ولم يتجاوب معها أحد. باختصار يقول لعبادي الشعب ينتحر في ظل كل هذه الظروف السوداء، متسائلا عن السياسة العرجاء المنتهجة التي تسعى إلى تكثيف حراسة الحدود وتوظيف المزيد من البحرية لذلك بدل الاستثمار في تغيير الأوضاع لصالح الشبيبة. وأشار رئيس جمعية حماية الأحداث إلى ورشات صناعة قوارب الموت التي تنشط في الخفاء لاستنزاف أموال وأرواح الجزائريين.
نور الدين بن إسعد رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان: عار أن تتصدى السلطات للحراقة بالتحريم والتجريم أكد المحامي، نور الدين بن إسعد، رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن الهجرة غير الشرعية تعد جنحة يعاقب عليها القانون بستة أشهر حبسا مع وقف التنفيذ، وأضاف أن "الأسباب اقتصادية اجتماعية، فشبابنا عاجز عن تحقيق أحلامه والآفاق كلها مغلقة أمامه، بينما هناك وراء الحدود يستطيع أن يعمل ولو في السوق السوداء وأن يحقق أحلامه ومساعدة أهله وأصدقائه.. الوضع الآن مخيف فحتى القطاع العمومي الذي كان يوظف في السابق انهار هو الآخر ولم يعد يستوعب الكم الهائل من البطالين وفي الرابطة شكاوى من مختلف الشباب الذين يبحثون عن عمل سواء بشهادات أو من دونها ولكن لا توجد استجابة". وربط المتحدث الحرقة في بلادنا بمشكل الحريات العامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأسوأ هو سياسة القمع التي تتعامل بها السلطات مع الظاهرة والزج بهؤلاء الشباب في المحاكم رغم أنهم يجهرون بأنهم لم يقتلوا ولم يسرقوا، فكيف نحاكم إنسانا لم يقتل ولم يسرق وكل ذنبه أنه يبحث عن فرصة عمل لعيش كريم؟ واستطرد قائلا"الحراق يتعرض للموت لأن الظروف التي يذهب فيها مؤسفة في غياب سياسات عمومية للتعمق في الظاهرة لاسيما أنها ظاهرة عمرت لسنوات ولا تزال". هناك حراقة اعتقلوا وإلى الآن لم نعثر عليهم بل أكثر من هذا هناك من يقول إن أعضاءهم انتزعت منهم فضلا عمن وضعوا في الحبس رغم أن القانون ينص على وضعهم في مراكز، وهذا إشكال دولة فلا بد من معاملتهم كبشر. وتساءل ممثل الرابطة عن دور النخبة في القيام بدراسات معمقة سوسيولوجية واقتصادية وسياسية للظاهرة التي تعبر حسبه عن فشل المجتمع في احتواء هذه الفئة، حيث تشير الأرقام إلى وجود 3 ملايين إفريقي بمن فيهم جزائريون يحاولون الحرقة سنويا ومنهم من يكرر المحاولات مرات عدة في حالة الفشل. ودعا المختص الجميع إلى تجنب الحكم على هؤلاء الحراقة مؤكدا أن القاسم المشترك لكل الدول المصدرة لظاهرة الحرقة هي فقدان الحريات في أوطانها ولذا لا بد من دراسة عميقة وحتى المعلومات التي يريد البعض الحصول عليها من حيث الأرقام والمستوى التعليمي أو الاجتماعي لهؤلاء تعتبر بمثابة سر من أسرار الدولة ولا تقدم للمختصين وحتى الطلبة للاستعانة بها في بحوثهم الجامعية.
انتقد غياب الإرادة السياسية لحل المشكل.. المحامي زكريا بن لحرش: تحريم الحرقة هدفه استغلال الدين لتخويف الشباب قال الأستاذ زكريا بن لحرش، عضو الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان، إن مشكل الهجرة غير الشرعية في الجزائر هو سياسي أكثر منه اقتصادي اجتماعي، موضحا أن حديث السلطات المعنية عن "الحرقة" في وسائل الإعلام، يطغى عليه الجانب السياسي دون إعطاء الأبعاد الاجتماعية للموضوع ومحاولة التقصي عن الأسباب والحلول واتخاذ مواقف رسمية صارمة. ويرى أن الشباب الجزائري يحسس دائما إلى الجانب الديني، لكن أن يوظف الدين في السياسة حسبه، لتخويف الشباب أو ضغط عليه، فإن ذلك مرفوض من طرف جمعيات حقوق الإنسان، مستنكرا ما صرح به وزير الشؤون الدينية والأوقاف مؤخرا، محمد عيسى، حين قال إن الحرقة حرام، وهذا يعكس في رأي الأستاذ زكريا بن لحرش، محامي لدى مجلس قضاء العاصمة، عجز الدولة عن حل مشكلة الهجرة غير شرعية للجزائريين نحو الضفة الأخرى. وقال ذات المتحدث، في ندوة الشروق، إن الحلول هي اجتماعية وإن تجربته في القضاء أثبتت أن المتابعين قضائيا، في الجزائر، أغلبهم شباب. وأشار إلى أن فكرة "ياكلني الحوت ولا ياكلني الدود" في حد ذاتها تعبير عن عجز هذه الفئة عن الحياة في بلادها ولذلك يفضلون الذهاب إلى الخارج على أن يبقوا في الجزائر.
فرصاوي عبد الوهاب رئيس جمعية "راج" للتكفل بالشباب الحرقة تحولت إلى "مشروع" بسبب اليأس والإحباط صرح رئيس الجمعية الوطنية للشباب راج، عبد الوهاب فرصاوي، أن الحرقة أخذت أبعادا خطيرة، وصارت منتشرة في توفر جميع الظروف وليس بسبب الحرمان والفقر وعدم الحصول على فرص في الحصول على عمل وسكن وغيرها من الأمور، وإنما حتى الفئات الذين يمتلكون كل ظروف الراحة من عمل ومسكن وأمور اخرى، تجدهم غير مقتنعين بالواقع المعيشي للبلاد، ويرغبون في الهجرة بشتى الطرق، خاصة في ظل الأحلام الوردية التي تخطر على عقولهم بأنهم سيتركون النار خلفهم ويذهبون للعيش في جنة النعيم. وأكد فرصاوي أن الحرقة تحولت بين ليلة وضحاها وأصبحت بمثابة مشروع يخطط له الكثير من الشباب لتحقيقه والنجاح فيه، حيث يجاهدون ويجتهدون للوصول إليه شأنها شأن مشروع الزواج وبناء اسرة وغيرها من المشاريع التي يجتهد عليها الشاب لنيلها، مضيفا أنها تعكس الواقع الاجتماعي للكثير من الشباب الذين يتخبطون في مشاكل عديدة، وضرب المتحدث في سياق ذي صلة مثالا بالتشريعيات السابقة التي خرج فيها رؤساء الأحزاب والوزراء بوعود واهية تقضي بتحقيق أحلام الشباب من فرص عمل ومسكن وغيرها من الأمور، وبخّروا تلك الوعود بعد الانتخابات مباشرة، وقال رئيس جمعية راج في هذا الشأن أن"الشباب فقدوا ثقتهم بالمسؤولين". وقال المتحدث "لدينا ثروة شبابية هائلة تتعدى ثروة البترول، لكنها لم تستغل بالشكل الصحيح، ولو قمنا باستغلالها، لساهمت في بناء الاقتصاد الوطني ورفعه إلى أعلى مستوياته"، ليضيف أن الشباب صاروا لا يرون أمامهم سوى 3 خيارات "إما الحرقة حتى ولو كان أمل النجاة منها 1 بالمئة، أو الإجرام، أو الالتحاق بالجماعات الارهابية"، والسبب كما ذكر فرصاوي راجع إلى عدة عوامل أهمها اليأس، فغالبية الشباب يئسوا من البقاء في البلاد دون فائدة، وسئموا من وعود السلطات العمومية التي لا تفتح معهم أبواب الحوار ولا تستمع حتى إلى انشغالاتهم، وأبسطها كما قال المتحدث رؤساء البلديات يرفضون حتى استقبال الشباب وفتح لغة الحوار معهم وأخذ مشاكلهم بعين الاعتبار..