أخذ الاهتمام بمجال الاستثمار في المائيات بولاية غرداية يزداد شيئا فشيئا، خلال الفترة الأخيرة، من خلال بروز العديد من المبادرات ذات الصلة بهذا القطاع، الذي يتطلب تكوينات وظروف خاصة، من أجل تحقيقه، في الوقت الذي ما تزال ولاية غرداية تابعة للناحية الجهوية بورقلة. يعتبر مجال تربية المائيات بولاية غرداية، مجالا جديدا في مراحله الأولى، مقارنة بولايات جنوبية أخرى مثل ورقلة، أدرار والوادي، مما وجب على السلطات المحلية تقديم الدعم للمستثمرين في هذا المجال، للمساهمة في إنعاش الاقتصاد المحلي والوطني. وأوضح بوقرينات عمر ل "الشروق" أن تربية المائيات في ولاية غرداية ما تزال عبارة عن مبادرات شخصية، وأنشطة لا تعدو أن تكون سوى تكوينات وأيام دراسية، إلا أنه وبحكم الاهتمام الفعلي بهذا القطاع الحيوي، تم إنشاء جمعية مهنية متخصصة في تربية المائيات تدعى "تغاوسة"، وهي الوحيدة على مستوى الولاية، انضم إليها نحو 50 مستثمرا، يوجد من بينهم 20 شخصا قاموا بإنشاء مفرخة لصغار سمك القط "السلور" ببلدية القرارة، وتصل كميات إنتاج هذه المفرخة إلى 300 ألف يرقة في السنة كمرحلة أولية، إضافة إلى تربية سمك البلطي الأحمر، البلطي الرمادي "النيلي"، مضيفا أن الجمعية تسعى لمضاعفة الإنتاج، وتفريخ أنواع أخرى من الأسماك، حسب الإمكانيات المتوفرة. وأفاد ذات المتحدث أن هناك عدة تحديات تواجه المستثمرين في تربية المائيات بولاية غرداية، في مقدمتها الجانب المادي الضعيف، الذي لا يعكس صورة متطلبات إنتاج المائيات، من مصاريف مختلفة، كما تشكل أغذية الأسماك تحديا كبيرا، خاصة وأنه يعرف ندرة في السوق الوطنية بالمعايير المطلوبة، رغم أنه هناك مبادرات لإنشاء مصانع على المستوى الوطني لتوفير هذا الغذاء. وعن أبرز الانشغالات التي يرفعها المستثمرون في تربية المائيات، أكد عمر بوقرينات أنه على الدولة تشجيع إنشاء المفرخات الخاصة لإنتاج صغار الأسماك؛ لأنه يوجد نقص فادح في تفريخ الأسماك، وليس هناك إطار قانوني للقيام بذلك، مقارنة بحجم المسطحات المائية المنتشرة عبر ربوع الوطن، بالإضافة إلى تشجيع المستثمرين لتوفير الأعلاف الخاصة بالأسماك، ذات نوعية جيدة، وبأسعار معقولة. وأشار نفس المصدر إلى أن ولاية غرداية ليس لها أي ممثل على مستوى المديرية الجهوية للصيد البحري بولاية ورقلة، ولا يوجد لها حتى فرع بالولاية، ليتمكن المستثمرون في المجال من طرح انشغالاتهم، والتنسيق مع الإدارة الوصية. وتسعى جمعية تغاوسة المتخصصة في تربية المائيات إلى ترقية وتطوير تربية المائيات بالمنطقة الصحراوية، وتحسين الظروف المعيشية للعائلات الصحراوية من خلال السعي لإنشاء فرص عمل جديدة، وكذا الاكتفاء الذاتي في إنتاج الأسماك، بزيادة عدد المربين المحليين، من خلال تأطيرهم وتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم، وتطوير قدراتهم لمسايرة التقنيات الحديثة، أمام توفر معظم بلديات ولاية غرداية، على غرار بلدية القرارة على بعض مقومات الاستثمار في تربية المائيات المتمثلة في الآبار التقليدية، وأحواض السقي الفلاحي، فضلا عن المناخ الجيد لنمو الأسماك في معظم أوقات السنة، ووجود سوق واعدة محليا وولائيا ووطنيا.