أثار مسلسل "الجماعة"، للمؤلف والسيناريست وحيد حامد، والذي يتناول تاريخ جماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسهم مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا، جدلا واسعا قبل عرضه في شهر رمضان القادم. ففي أول رد فعل على هذا المسلسل، قام سيف الإسلام حسن البنا، برفع إنذار قضائي ضد كل من وحيد حامد ومحمد ياسين المخرج وشركة "الباتروس" للإنتاج الفني بعدم عرض المسلسل إلا بعد مراجعته وإلا فإنه سيتخذ الإجراءات القانونية لوقفه، باعتبار أن ذلك المسلسل يمس في جزء منه حياة والده وجماعة الإخوان المسلمين. * * اتهمت جماعة الإخوان المسلمين على موقعها الرسمي، أجهزة النظام المصري بعرض مسلسل "الجماعة" قبل انتخابات مجلس الشعب القادمة في محاولة للتأثير على صورة الجماعة وشعبيتها وسمعتها. * على الجانب الآخر، نفى السيناريست وحيد حامد تلك الاتهامات، مؤكدا على أن المسلسل بدأ الإعداد له قبل انتخابات مجلس الشعب، وأن توقيت عرضه ليس مرتبطا بالانتخابات، بل أن عرضه تحدّد خلال شهر رمضان، نظرا لإقبال الجمهور على المسلسلات في هذا الشهر. كما اعترض عدد من المثقفين والأدباء على تهديد نجل حسن البنا بوقف المسلسل، على اعتبار أن الإمام حسن البنا شخصية تاريخية من حق أي كاتب تناولها. * من جهته قال الكاتب خيري شلبي: "لا أعتقد بأنه من حق الورثة الحجر على هذا الإبداع"، وأكد على أن "محاربة المسلسل بدأت منذ الإعلان عن كتابته، إذ أن الورثة تلاحقه بالإنذارات والتهديدات"، وشدد شلبي على »أنه قانونا من حق الكاتب أن يعرض عمله ثم ينظر في أمره بعد ذلك، إذا كان هناك إساءة متعمدة فيخضع للمساءلة القانونية، أما أن نبادر بإيقاف العمل قبل أن يعرض فهذا غير مقبول، ووحيد حامد لم يؤلف العمل عن حسن البنا فقط لكن المسلسل عن الجماعة، وهؤلاء أصبحوا ملكا للتاريخ، ومن حق أي مبدع أن يتناول هذه الشخصيات تناولا إبداعيا، أو تاريخيا، ومن حق من يرى أنه قد أصيب بأذى أن يتقدم للقضاء بعد العرض وليس قبله، وقد أعلن وحيد حامد من قبل بأنه مستعد للمثول أمام القضاء في حال وجود أي تهمة، ومن الإنصاف أن يترك العمل للعرض أولا". * أما الكاتب سعيد الكفراوي فيرى بأن »حسن البنا جزء من التاريخ الحديث، فقد طرح أفكارا وصنع لها منهجا وأقام لها بنية فكرية استمرت حين حل الجماعة في الخمسينيات"، قبل أن يوضح بأن »تناول هذه الشخصية إبداعيا هو في الحقيقة تناول لجزء من تاريخ مصر مثل تناول تاريخ الملك فاروق أو محمد علي وغيرهما من الشخصيات التاريخية، والبنا مهما كانت نظرتنا إليه هو جزء من التاريخ المعاصر لمصر، ثم ينظر بعد عرض المسلسل إذا كان وحيد حامد موضوعيا ونظر للتاريخ كمادة للفن، أم أنه خرج عن الحقيقة الواقعة وكان مدعيا على الشخصية أو الجماعة، وهنا يتدخل القانون أو أيّ نوع من أنواع النقد في الحكم على العمل الفني ليس باعتباره عملا سياسيا، ولكن باعتباره جزءاً من عمل درامي مصنوع بقصد طرح أسئلة وصياغة مرحلة من مراحل الواقع المصري، فليس من حق الورثة الاتهام قبل مشاهدتهم المسلسل". * من جانبه قال الكاتب مكاوي سعيد »لا يمكن الحكم على المسلسل حاليا فلم يتبيّن هو مع أم ضد، وهذا لا يحدث إلا بعد العرض إذا ظهر للورثة حق، ولو هناك اتجاه لوقفة أو الرد عليه فيكون هذا بإبداع موازي وليس قضائيا، لكن استخدام القانون لإيقاف أعمال إبداعية أمر مرفوض، لأن الشيخ حسن البنا شخصية عامة ومن حق أي مبدع أن يتناولها، ولا يجب أن تتدخل الأسرة في منع العمل". * ويرى الكاتب كمال رحيم بأن: »الإمام حسن البنا شخصية نكنّ لها كل احترام وتقدير وهو أحد الزعماء الدينيين والسياسيين، لكن لا يمكن أن تتدخل أي جهة في عمل المبدع، لأن ما يقدمه المبدع هو خليط من الحقيقة والخيال، وما يحدث هو حد من الإبداع، ولا يمكن محاسبة المبدع إذا لم يثبت مخالفته لأشياء تاريخية محققة، وكاتب السيناريو لا يرصد التاريخ لأن العمل الإبداعي ليس كتاب تاريخ، لكنها رؤية للمؤلف عن الإمام البنا والجماعة في فترة تاريخية معينة، فالمبدع من حقه أن يكتب طالما لم يخالف الحقيقة الفنية". * أما الكاتب إبراهيم عبد المجيد فيري بأن »هذه مسألة يحكمها القانون الذي لا يعطي للورثة الحق في الاعتراض، لأن الإمام حسن البنا شخصية عامة ومر على وفاته أكثر من 50 عاما، لكن كعادة أي ورثة دائما ما تهاجم العمل الأدبي إذا تناول أحد أفراد أسرتها، لكن الشخصيات العامة مثل حسن البنا ملك للجميع، وإن كان لدى أحد وجهة نظر مخالفة يمكن له أن يكتبها أو يعرضها بأي وسيله متاحة، فعشرات الكتب تم تأليفها عن حسن البنا والجماعة وعن هذه الفترة التاريخية ولم يظهر أحد ليعترض". * ويتفق الكاتب يوسف القعيد مع هذا الرأي عندما أوضح قائلا: »هناك فرقا بين الشخصية العامة والخاصة، ولا يستطيع أحد أن يمنع مجهود مبدع من الظهور، وليس من حق الورثة إيقاف المسلسل ومنع عرضه لأن البنا شخصية عامة، وإذا كان هناك رأي بإيقاف تصوير المسلسل يجب أن يكون هناك مطاعن واضحة ومحددة". * الترمذي والشاب جلول ونجيب عياش * * الديوان الوطني للثقافة والإعلام يحتفي بالأنشودة في رمضان * جمهور الأطلس على موعد مع الترمذي وجلول والحلاق وعياش * * وردة بوجملين * تأكدت رسميا مشاركة شيخ المنشدين السوري أبو محمود الترمذي، وكلا من الكويتي أحمد الهاجري ومروان الصباح ومحمد العزاوي إلى جانب عدد آخر من نجوم الإنشاد الديني بالجزائر في تنشيط »ليالي الإنشاد والمديح الديني" في قاعة الأطلس بحي باب الوادي الشعبي، التي ينظمها الديوان الوطني للثقافة والإعلام. * وبحسب برنامج الديوان، فإن أبي محمود الترمذي سيكون على موعد مع جمهوره في سهرة 18 أوت رفقة مجموعة من الفرق المحلية، كما سيكون جمهور نفس القاعة على موعد مع الموال العراقي في سهرة سيحييها المنشد محمد العزاوي يوم 28 من أوت، على أن ترافقه فرقة »الوصال". * وسينشط المنشد الكويتي أحمد الهاجري سهرة الخامس من سبتمبر مرفوقا بفرقة »أبو شعر" للإنشاد الديني السورية. ومن جهة أخرى سيكون جمهور الأطلس على موعد مع فرق الإنشاد المحلية، حيث من المنتظر أن تنشط سهراتها كل من فرقة »أهاليل تيميمون" من أدرار، وفرقة »العنابل" من ورقلة، وفرقة "أمسيلان" من الطاسيلي، وفرقة الإنشاد الديني تيزي وزو، وفرقتي "الضياء" و"الأشواق" من بسكرة، وغيرها من الفرق المحلية المعروفة على الساحتين الوطنية والعربية. * أما من المنشدين الجزائريين فسيكون جمهور قاعة الأطلس على موعد مع نجم أغنية الراي التائب والمنشد الشاب جلول، إضافة إلى زهير فارس. * وتعد "الشروق" قراءها بتقديم مواعيد هذه السهرات، إضافة إلى مواعيد النشاطات الفنية والثقافية الأخرى أولا بأول في ملحقها الخاص برمضان بداية من اليوم الأول للشهر الفضيل. * * مسكن ابن باديس وشقيقه * حكاية مكان * * * ناصر / تصوير: مكتب قسنطينة * * ما أجمل أن نبدأ ركن حكاية مكان بشيخ الجزائر والعالم الإسلامي العلامة عبد الحميد بن باديس وما أجمل أن نحكي عن رجل دين ودنيا مع اقتراب شهر الدين والدنيا رمضان المعظم. * رحلتنا إلى مسكن الشيخ الذي عاش فيه، أكدت لنا أن المكان أكثر صمودا من الزمان.. فقد ولد الشيخ وعاش وتتلمذ ومات في مدينة قسنطينة، ولم يبق من عائلته سوى شقيقه الأصغر عبد الحق بن باديس، الذي سيبلغ سن التسعين في 2011. * الرجل برغم ثقل السنوات مازال يذكر أيامه مع الشيخ الذين يسميه »سيدي"، وأكثر من ذلك مازال يعيش في ذات المسكن الذي تقدم لكم »الشروق" صورته التي التقطناها، أول أمس فقط، في حي القصبة بقسنطينة. * يتحدث الشيخ عبد الحق، بعد أن يعصر ذاكرته، عن شقيقه العظيم وكيف كان يقضي رمضانه: »كنا نجتمع نحن الإخوة حول مائدة الإفطار في شبه مأمورية حياتية بالغة الأهمية.. كان هو القائد رغم أن الوالد كان على قيد الحياة". * ولعلم القارئ الكريم فإن الشيخ ابن باديس توفي ووالده مازال حيّا. ويضيف شقيقه فيقول: »كان عبد الحميد لا يضحك إلا نادرا ولكن مرحه على مائدة الطعام ميزته الأولى، فعندما تزوّج في سن السادسة عشرة حافظ على صوم رمضان في بيته العائلي الذي لم يفارقه أبدا، ويقال إن انفصال الشيخ ابن باديس عن زوجته، وهي ابنة عمّه، كان بسبب إصراره على أن يبقى في بيت والديه، وللأسف فإن الشيخ لم ينعم برمضان مع ابنه الوحيد إسماعيل إلا في ثلاث مناسبات قبل أن تغدر رصاصة طائشة من بندقية صيد بابن الشيخ وعمره 17 سنة في مزرعة بمنطقة الهرية التي تبعد عن قسنطينة بنحو 20 كلم"... للأسف لم ينعم عبد الحميد بالأبوّة إلا 17 سنة فقط، وأمضى ما تبقى من شهور رمضان من دون أبناء ومات ولم يترك إلا بعض الإخوة الذين قضوا نحبهم ولم يبق سوى السيد عبد الحق. * كان الشيخ عبد الحميد بن باديس يؤدي رفقة أهله صلاة المغرب في الجامع، وهو مسجد سيدي قموش التابع للعائلة والذي لا يبعد بأكثر من خمس دقائق، ثم يعودون جميعا إلى سفرة الأكل، وفي الثلاثينيات من القرن الماضي كانت شوارع المدينة القديمة بقسنطينة تعج باليهود وبالفرنسيين وأيضا بالكراغلة، فكانت مائدة الإفطار مليئة بما لذّ وطاب، خاصة وأن عائلة ابن باديس قسنطينية أصيلة. * يقول الشقيق عبد الحق: »لا تختلف أطباق الثلاثينيات التي كان يشتهيها الشيخ عن أطباق اليوم، مع الاعتراف بأن الأطباق القديمة كانت أشهى وألذ". ولم يحدث وأن قضى الشيخ ابن باديس رمضانه خارج قسنطينة، بل إن بيته كان مفتوحا لتلامذته ولشيوخ جمعية العلماء المسلمين الذين كانوا يفطرون ويتذوقون من أيدي والدة الشيخ، وهي من أصول تركية، أشهى الأطباق، فكانت تقدم لهم الشربة، أو الجاري، وطبقا ثانيا عبارة عن أشهر طواجين المدينة. * وكان الشيخ ابن باديس يشتهي أكل اللحم المفوّر، أي المطبوخ على البخار، أما عن أكلته المفضلة فإنه لم يكن يتخيّر وما كان يجده يأكله. * وفي احتفالات عيد الأضحى المبارك كانت عائلة ابن باديس تحوّل بيتها إلى شبه مؤسسة ولا يسافر أي تلميذ من تلامذة الشيخ إلى بيته في المدن الأخرى والقرى المجاورة والبعيدة إلا ومعه نصيب من الحلويات القسنطينية التقليدية الشهيرة مثل »طمينة اللوز" و»الجوزية" و»القطائف" و"البقلاوة". * أما عن صلاة التراويح فكان الشيخ يؤديها خلف المقرئين رغم أنه حافظ لكتاب الله منذ أن كان في سن الثامنة، وقد صلى التراويح بالناس مرتين، حسب معظم الروايات، عندما كان سنّه 12 عاما. * ابن باديس في رمضان هو علامة دينية ودنيوة رائعة، فالرجل الذي امتهن الصحافة والتعليم كان يقوم مع الفجر ولا يعود إلى فراشه إلا بعد منتصف النهار. شقيقه عبد الحق بحث منذ 70 سنة عن سبب وفاة الشيخ وهو في سنّ الشباب وخلص هو والأطباء إلى أن الإجهاد هو السبب، فقد بلغ بالشيخ أن قدم في اليوم الواحد ستة دروس كاملة. * المؤسف الآن أن مسكن الشيخ لا يعرفه إلا القليلون، والمؤسف أكثر أننا لا نمتلك متحفا يؤرخ بالصورة وبالذكرى التي تنفع المؤمنين إلى التعرف والاقتداء بأعظم رجالات الجزائر والعالم الإسلامي. * * قالو لعرب قالوا * * * ارسل دينارك واقعد في دارك. * * استعمل دراهمك رسولا تقضي حوائجك ويضرب في استعمال المال لقضاء المصالح وليس قصد الرشوة. * *