رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور انتقد رئيس الحكومة الأسبق، أحمد بن بيتور، حالة "الستاتيكو" التي تطبع الحياة السياسية في البلاد، بسبب سطوة أحزاب التحالف الرئاسي، واعتبر غياب مؤشرات واضحة على قرب تجاوز هذه المرحلة، من شأنه أن يزيد في تعقيد الوضع. وأوضح بن بيتور أن أحزاب التحالف الرئاسي، ممثلة في جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وحركة مجتمع السلم، مسؤولة عن تعطيل الديمقراطية وتغييب الممارسة السياسية، وذلك بالنظر إلى تعاطيها مع الكثير من المسائل الحساسة والمصيرية التي تهم البلاد. وقال رئيس الحكومة الأسبق في محاضرة ألقاها بمقر الجمعية الجزائرية التابعة لمنظمة العفو الدولية أمس بعنوان "الفقر ليس حتمية"، إن "أحزاب التحالف الرئاسي الثلاثة تسيطر على الأغلبية المطلقة في المؤسسة التشريعية، ولكنها مع ذلك تبقى عاجزة عن التشريع. إنها توافق على كل ما يأتي من الحكومة، وبالمقابل تقف في طريق المبادرات التي يطرحها بها بقية الفاعلين في الحياة السياسية ". وربط المتحدث بين تفشي ظاهرة الفقر في الجزائر والطريقة التي تسير بها دواليب الدولة، رافضا أن تكون هذه الظاهرة قدرا محتوما على الجزائريين وغيرهم من شعوب العالم، وقدّر بأن الأساليب التنموية التي تبنتها الحكومات المتعاقبة، لم تحقق الأهداف المرجوة منها، لأنها لم تراع الكثير من الحقائق العلمية وخصوصيات الواقع المحلي . وأشار بن بيتور في هذا الصدد إلى أن السياسات السابقة والحالية عمدت إلى تغيير الأشخاص بحثا عن الإقلاع التنموي الذي يعتبر جانبا من علاج الفقر، إلا أن هذا الخيار ثبتت أيضا محدوديته، الأمر الذي يدفع إلى إعادة النظر أيضا في الآليات والمناهج التي تتوخى تحقيق التنمية . ولدى تشخيصه للواقع الاقتصادي، أوضح وزير الطاقة والمناجم سابقا، أن الجزائر تعتبر من بين الدول القليلة التي تقتات على تصدير الخامات، مثل موارد الطاقة بحثا عن الريوع، ووصل بها الأمر حتى إلى تصدير صانعي الثروة (المادة الرمادية)، وهي مؤشرات جد سلبية على مستقبل دولة مثل الجزائر تبحث عن الإقلاع التنموي . وبلغة الأرقام، قال بن بيتور إن الجزائر تنام اليوم على ما يعادل 147 مليار دولار كاحتياطي صرف، مقابل خمسة ملايير دولار هي عبارة عن ديون خارجية، ومعنى ذلك، يضيف المتحدث، أن الجزائر تصدر 30 دولارا (في صورة موارد طبيعية غير متجددة)، مقابل دخول دولار واحد، وهو ما دفعه إلى القول بأن اقتصاد الجزائر لا زال بعيدا عن التحرر من التبعية لاقتصاد الريع، الذي لا يمكن اعتباره بأي حال من الأحوال، اقتصادا حقيقيا. وبالنسبة لبن بيتور، المشكلة هي أن الجزائر تستهلك اليوم أكثر مما تنتج بكثير، وهي وضعية يتعين معالجتها قبل التفكير في مرحلة ما بعد البترول، لأن كل المشاريع الحالية مموّلة من الموارد الآتية من تصدير البترول والغاز.. وما دام الأمر هكذا فلا يمكننا الحديث عن اقتصاد حقيقي وإنما عن اقتصاد ريعي هش، ينذر باستنزاف ثروات البلاد، يضيف المتحدث . ومن بين الحلول التي يقترحها الخبير الاقتصادي لمعالجة ظاهرة الفقر في الجزائر، العمل من أجل خلق توازن بين الشمال والجنوب، على اعتبار أن الشمال يسيطر على الثروة في البلاد، بالرغم من أن مصدر هذه الثروة يأتي في حقيقة الأمر من الجنوب.