رائد آخر من رواد البرمجة اللغوية العصبية في العالم العربي خطط لأن يكون مهندسا معماريا، لكن القدر أبى إلا أن يضع بصماته في علم زعزع العالم بأسره بتقنياته وبأسراره وأن يساهم في تكوين مدربين عرب من شأنهم ان ينهضوا بالفرد العربي وبالأمة العربية. وللتعرف على مسيرته المهنية وتجربته مع البرمجة العصبية، أجرينا هذا الحوار معه، إنّه المدرب الدولي المعمار، محمد بدرة. حاورته: إيمان بن محمد الشروق اليومي: لنبدأ حوارنا بالسؤال التقليدي المعتاد في هذه الحوارات، من هو محمد بدرة؟ المدرب محمد بدرة: هو عربي سوري مسلم، مهندس معمار ومدرب دولي مُجاز من الاتحاد العالمي لمدربي البرمجة اللغوية العصبية من أمريكا ومن الأكاديمية البريطانية لتنمية الموارد البشرية. كانت دراستي الجامعية في الهندسة المعمارية، حيث قمت بدراسات عليا في تخطيط المدن والهندسة المعمارية وتحصلت على ماجستير في إدارة الأعمال من الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، كما تحصلت على أكثر من 21 شهادة من أرفع الشهادات في القيادة والمبيعات والتدريب والسلوك الإنساني والإدارة، درّبت الآلاف عبر الوطن العربي في كل من السعودية والبحرين والإمارات العربية والأردن وسوريا والسودان. قلتم إن دراستكم الأولى كانت في الهندسة والمعمار، فما الذي دفع بكم إلى الاتجاه نحو البرمجة العصبية وتنمية الموارد البشرية؟ دخلت تخصص هندسة بناء على رغبتي لأنني أساسا أحب الرسم، لكني تفاجأت بأن واقع العمل في بلادي لا يتوفر على المجالات التي كنت أطمح إليها، فسافرت إلى دول الخليج مدة 45 يوما، لكنني تفاجأت أيضا بأن الفرصة غير متاحة لي كمهندس معماري خلاّق من شأنه أن يبدع بعض التصاميم التي من الممكن أن تحمل بصماته وترى النور يوما، فاتجهت إلى التجارة التي ورثتها عن أبي وعملت بها منذ نعومة أظفاري، ولكن شاء الله أن اُعيَّن سنة 1993 كمدير عام في إحدى الشركات العالمية، فدخلت ميدان الإدارة وتنبّهت إلى شيء وهو أن السِّيَر الذاتية لبعض الموظفين عندي كانت غنية بشهادات في الهندسة العصبية أو البرمجة العقلية، فبدأت أبحث في هذا المجال حتى توصلت إلى ضرورة دراسة المستويات الأولى من البرمجة العصبية على الأقل لأكتسب مهارات شخصية ولأستطيع التعامل مع فريق العمل. وعند رُجوعي إلى سوريا بعد أربعة أشهر، أحسست بضرورة نقل هذا العلم إلى أكبر عدد من أهل مدينتي وبلدي. كنتم قد زرتم الجزائر من قبل، ما هو تقييمكم لواقع التنمية البشرية في الجزائر؟ وما الجديد الذي جئتم به هذا المرة؟ لا أجد نفسي مُؤهّلا لتقييم واقع التنمية في الجزائر، ولكن يمكن أن أُعبّر عن رأيي بناء عل تجربتي مع الذين قمت بتدريبهم، وهنا أقول بصدق بأنهم متميزون؛ لديهم الرغبة في التعلم وهم ملتزمون بمواعيد الدورة وبتعليمات المدرب... أستطيع الجزم بأنهم أكثر جدّيّة على الأقل بالنسبة لإخواني السوريين. ومن ناحية أخرى، أعتقد بأن الجهود التي تبذلها المراكز الموجودة هنا كالراشد وصناع الحياة وغيرها، كبيرة في إرساء دعائم هذا العلم. الجديد كان في الدورة السابقة عندما قمنا بتنظيم دورة مدربين كانت معاييرها من أعلى المعايير على مستوى العالم العربي احترافية، أما هذه الدورة فهي جديدة في حدّ ذاتها لاعتمادها على تركيز المتدرب الذي يقوم بالتدريب بنفسه بنسبة 60٪، وهي طريقة جديدة على الجزائريين. رغم الانتشار الكبير لهذا العلم والنجاح الذي حظي به في العالم الغربي ككل والعالم العربي بشكل خاص، لايزال الكثيرون يشكون في فعاليته ويتهمون ناشريه ببائعي الكلام، كيف تردون عليهم؟ نعم نحن بائعو كلام أنا أتكلم عن نفسي على الأقلّ فأنا بائع كلام، لكن كلامي يُشترى بالذهب لمن يستطيع أن يُثمّنه. الأشخاص يهتمون الآن بمُختلف التفاهات ولا يوجد من يريد التعلم وما يُثمّن هذا الكلام إلا القليل القليل. نحن بائعو كلام، لكن بضاعتنا الذهبية لم تجد من يشتريها وينتفع منها. ما هي الأركان الأربعة للبرمجة اللغوية العصبية وكيف يصل بها الإنسان إلى التفوق؟ أول هذه الأركان تحديد الهدف وما نريد، فبدونه لا نصل إلى أية نتيجة. ثانيا لا بد من الانتباه ونقصد به جمع المعلومات اللازمة لتحقيق ما نريد وكيفية الوصول إليه. أما الركن الثالث فهو المرونة وهو أن نُثبّت الهدف وأن نُغيِّر في طرق الوصول إليه ونتخطّى العقبات إن وُجدت، ولقد أضافت بعض المدارس ركنا رابعا وهو ان نبدأ بالخطوة الأولى في تحقيق الهدف، فبدون التطبيق يبقى الأمر كلاما في كلام. نعلم أن البرمجة العصبية علم مستورد من الخارج، فهل يعمل المدربون العرب على تبليغه كما هو، أم أدخلوا عليه إضافات بالنّهل من منابع تراثنا الإسلامي والعربي؟ في البداية اتُهم الكثير من المدربين بأخذ المعلومات كما هي، وكنت من مناصري هذا الفكرة، لأنني مقتنع بأنه علينا أولا أن نتشرّبه لنستطيع بعد ذلك إضافة أشياء وحذف أشياء أخرى. ومنذ مدة قصيرة بدأ بعض المدربين المحترفين إضفاء تغييرات من التراث العربي والإسلامي، وخير دليل الكتب المنشورة الآن في مجال التنمية البشرية، فهي ليست نفسها التي نُشرت منذ ست سنوات، حيث أصبحت تتضمن العديد من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة والقصص العربية من باب الاستئناس والتأثير.