لم تهضم الدبلوماسية المغربية مطالبة الوفد الجزائري، خلال الدورة ال16 لمجلس حقوق الإنسان الأممي، الممتدة من 28 فيفري إلى 25 مارس 2011، ة بالإفراج عن المعتقلين الصحراويين في السجون المغربية، وخرق الرباط لحقوق الإنسان، مع انتقاد استمرار الاحتلال وعدم تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره، وسارعت وكالة الأنباء المغربية إلى نقل الرد العنيف على الجزائر. وذهب مندوب المغرب لدى مجلس حقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء، إلى استعمال الخطاب المزدوج المعهود ضد الجارة الجزائر بمحاولة الطعن في مكاسب الجزائر المحققة في مجال حقوق الإنسان، وإظهار المغرب في وضعية أحسن، وقال إنه "ينبغي على الجزائر أن تبرهن عن لياقة وتواضع، وتستلهم من التقدم الديمقراطي الذي حققه جارها بدل مهاجمته". وأوضح ممثل المغرب أن "الجزائر ليست في الموقع الجيد لإعطاء دروس للمغرب في مجال حقوق الإنسان، مضيفا أن البلد الذي يعجز عن طي ماضيه الأليم واحترام الحقوق الإنسانية حتى لشعبه نفسه، يجب أن يبين عن لياقة وتواضع عبر الاستلهام من التقدم الديمقراطي لجاره قبل أن يتوجه إليه بالانتقاد"، متناسيا ما حققته الجزائر من خلال مختلف تدابير استعادة الأمن، آخرها المصالحة الوطنية، ويكفيها أنها طوت مأساة وطنية باهظة الثمن، وأقبلت تنظر إلى المستقبل بأمل وثقة، وهو ما أزعج نظام الرباط، التي كانت أحد المغذين للإرهاب واستمراره. ولم يخل رد المندوب العنيف من المغالطات المألوفة التي يجترها أعوان المخزن في كل مرة، معتبرا مساندة الجزائر لنضال الصحراويين من أجل الاستقلال خطيئة دولية، رغم أن القضية الصحراوية تبنتها الأممالمتحدة منذ 1963، وبعثتها تمارس مهامها بالمنطقة، كما أن الرباط تتفاوض مع البوليساريو وبإشراف أممي، والإتحاد الأفريقي وأكثر من 80 دولة من مختلف القارات يعترفون بالجمهورية العربية الصحراوية، بينما لا توجد دولة واحدة تعترف بمغربية الصحراء الغربية، بما فيها موريتانيا التي تقاسمت في وقت سابق مع المغرب الأراضي الصحراوية، حيث يكون الكاذب قد صدق كذبته. وجاء في مداخلته "أنه منذ سنوات التسعينات، عمل المغرب على إرساء اتحاد مغاربي ديمقراطي، تحترم فيه حقوق الإنسان ويعرف اندماجا اقتصاديا. وأنه علاوة على ذلك، يريد المغرب المضي قدما مع الجزائر وليس ضدها. ويبدو أن الجزائر، من خلال موقفها السلبي من قضية الصحراء المغربية، لا تواكب الطموح المغاربي الذي يحذو المغرب وباقي بلدان المغرب العربي الكبير، كما أنها لا تساير التحولات العميقة الجارية في المنطقة". وكانت مداخلة مندوب الجزائر قد طالبت بالإطلاق الفوري لسراح كل المعتقلين السياسيين الصحراويين، بما فيهم أولئك الذين اعتقلوا خلال وبعد أحداث "اكديم إيزيك"، وبتسليط الضوء على مصير أزيد من 650 مفقودا. ونبهت بعثة الجزائر، في مداخلة شفهية تحت عنوان " وضعيات حقوق الإنسان التي تستدعي انتباه مجلس حقوق الإنسان"، إلى خطورة وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، وبما تعرض له المواطنون الصحراويون خلال التفكيك العسكري المغربي العنيف لمخيم "اكديم إيزيك"، الذي كان يضم أزيد من 20 ألف محتج صحراوي، يطالبون بحقوقهم السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية. وقال ممثل الجزائر"إن الجزائر، كبلد جار ومراقب لمسار التسوية الأممي في الصحراء الغربية، منشغلة بوضعية حقوق الإنسان في هذا البلد، الذي لا يتمتع بالاستقلال. هذا الانشغال ناتج بالدرجة الأولى عن عدم تطبيق الحق الشرعي في تقرير المصير بهذه المنطقة، وهو الحق المكرس في العهدين المؤسسين لحقوق الإنسان". وأشار إلى أن العنف الممارس ضد الصحراويين، كان موضوع تنديد واسع، بما في ذلك طرف الإتحاد الإفريقي، والمفوضة السامية الأوروبية للعلاقات الخارجية ولسياسات الأمن، ومن طرف البرلمان الأوروبي وعدد من الدول عبر العالم وكذلك من طرف المنظمات غير الحكومية الدولية. وختمت المداخلة بالتأكيد أن الجزائر لتتابع باهتمام خاص التطورات الدائرة في المنطقة المغاربية وتتمنى أن التحديات التي تعيشها هذه المنطقة ستخلق ديناميكية تؤدي لتطورات نوعية في مجال حقوق الإنسان والتي قد تنسحب آثارها الإيجابية على الصحراء الغربية.