حلّ فصل الصّيف وحلّت معه "خصائصهُ"، فقد ازدانت المحلات بآخر صيحات الموضة للملابس وأدوات الزينة، وتهافت الشباب على اقتناص الأجمل منها والمُثير، فالصيف موسمٌ للاصطياف والتمتع، ومعرضٌ مفتوح للثياب الفاتنة والأجساد الجميلة! فأينما تُولي بصرك في هذا الفصل تقابلك مشاهد لعارضات وعارضي الأزياء من الجنسين، فالمَلابس زينة تستحبها الفطرة دون حرج .ولكن هل يمكن أن يكون اللباس يوما مقياسا للقيم والتحضر؟ ولماذا لا يُراعي هؤلاء الذين يُقبلون على لباس فاضح قيم الدّين في المجتمع؟ نادية سليماني مع بداية كل موسم صيفي تتنافس الشابّات لاقتناء حاجيات يريْنها ضروريّة في هذا الفصل، من أدوات للزينة تُناسب ألوانها الفاتحة لطافة الفصل؛ فاقتصرت الموضة هذه السنة على اللّونين الأزرق والوردي، ومُستلزمات الشاطئ من ملابس للسّباحة وكريمات حماية البشرة والجسم من أشعّة الشمس الحارقة، لتبقى الملابس الصّيفية تلقى الاهتمام الأكبر لديهنّ، دون استثناء الرّجال طبعا، لدرجة أصبحت فيها ملابس الرّجال متنوّعةً ومُختلفة الألوان كالملابس النسويّة تماما! فتيات يجلبن المضايقات بسبب لباسهن رغم وجود بعض الملابس الصّيفية الخفيفة والمُحتشمة والزاهية الألوان في آن واحد، تلجأ بعض الفتيات لشراء أخرى قمّة في الإثارة وكأن هذا الفصل مقرونٌ بالتعرّي! فظهرت السّراويل القصيرة المُلتصقة بالأجسام، والقمصان بدون أكمام وحتى بدون ظهر! والفساتين الشفافة التي تبدي أكثر مِمّا تُخْفي. والمتجوّل في شوارع العاصمة والمدن الكبرى لحظة اقتراب الشمس من المغيب، يرى فتيات وكأنّهن عارضاتُ أزياء في أبهى الحُلل المكشوفة، وبصحبة أهاليهنّ! وبالطبع فإنهن يتعرّضن لمضايقات كبيرة في الشارع، لا يُبدين منها أيّ تذمّر وكأنهنّ يَنشُدنها في خرجاتهنّ. "لامية" فتاة في مُقتبل العمر وجدناها في محل بديدوش مراد وهي مُنكبّة على اختيار قميص صيفي، إلا أنّه لم يلق إعجابها لأنّ أكمامه طويلةً بعض الشيء، وهي تريده بدون أكمام، تقول"جميع ملابسي الصّيفية غير مُحتشمة لأنها من متطلبات الفصل.. فأنا لا أستطيع ارتداء ملابس طويلة لأنها تجلب الحرارة للجسم!!". فتاة أخرى كانت تتسوّق مع والدتها في سوق بالأبيار، ولفت أنظارنا اختيار الوالدة لملابس الابنة وكانت ملابس قمّة في الإثارة دون أن تتحرّج! شاب اتبع الموضة فأصبح سخرية للجميع الشباب أيضا طالتهم لفحة الصيف، وقد تنوّعت سراويلهم القصيرة واختلفت ألوانها، وتزينت برسومات لورود، وظهرت قمصان ملتصقة بالأجسام تماما مثل قمصان النساء. هذا ما جعل بعض العائلات تتجنب اقتناء هذه الملابس لأبنائها، تقول "حفيظة".. "اشترى ابني محمد ذو 18سنة سروالا وقميصا أحمرين مملوءين برسوم للورود، فأنّبه والده وطالبه بتغييرها بأخرى أكثر بساطة، ولا تشبه ملابس النساء". فالمراهقون تفنّنوا في اتباع الموضة، ولعل أغربها على الإطلاق ظاهرة إطلاق السراويل، حيث تجد شبانا في هذا الفصل يطلقون سراويلهم ليظهر جزء من ملابسهم الداخلية والتي عادة ما تحمل كتابة باللغة الأجنبية!! فأحد المراهقين كان يظن نفسه في قمّة الأناقة سائرا في حي حسين داي مُطلقا سرواله، والذي سقط من على جسده في حين غفلة فأصبح سُخريّة للجميع. ملابس سباحة تضيء تحت أشعة الشمس!! أما عن ملابس السّباحة فحدّث ولا حرج، فالموضة هذه السنة كانت أكثر جرأة وإغراء؛ ففي جولة إلى بعض محلات العاصمة لاحظنا التنوع الغريب لملابس السباحة النسوية، فمنها ما أضيف إليه بعض الجواهر واللآلئ لتُحدث صوتا أثناء مشي صاحبتها، وأخرى مُزيّنة بقطع صغيرة من الزجاج لتضيء تحت أشعّة الشمس.. وزيارة خفيفة إلى مسابح العاصمة تكشف لك الوجه الآخر لفصل الصيف، وحتّى بعض الشواطئ المُكتظة بالعائلات اكتسحتها مثل هذه المظاهر. حشر المرأة في ملابس ضيقة عمل يهودي يرى الأستاذ عابر محمد إمام بمسجد بئر خادم، أن مروجي اللباس الأوروبي لا يُوفرون للمرأة كرامة ولا يرجون لها وقارا، وإنما يُهيّجون الغرائز ضدّها، وكما يقول الغزالي رحمه الله "إن تعرية المرأة حينا وحشرها في ملابس ضيقة حينا آخر عمل يشرف عليه تجار الرذيلة والفساد من اليهود وأذنابهم"، فمن حق المرأة أن تتجمل في حدود الحياء والعفة ولكن ليس لها الحق أن تتبرّج وتتعرّى لأن الفساد حينئذ يعم الجميع ويبدأ بها، لأنها عرضت نفسها لأصحاب القلوب المريضة، وبذلك تكون قد جنت على نفسها وعلى مجتمعها جناية عظيمة في الدنيا والآخرة. وبدل أن تخرج الفتاة عارية عارضة جسدها في ألوان شتّى، هلاّ عرضت على الناس ثقافتها وفضائلها بدل هذا الإسفاف والتبرّج!؟