تسلم 100 قاضي الممارسين لمهامهم على مستوى المحاكم والمجالس القضائية عبر التراب الوطني، ممن لم يؤدوا واجب الخدمة الوطنية، استدعاءات الالتحاق بصفوف الخدمة الوطنية، بالرغم من قلة التغطية والنقص الذي يعانيه قطاع العدالة في سلك القضاة وسط صمت النقابة الوطنية للقضاة ووقوف الوزارة الوصية مكتوفة الأيدي دون أن تحرك ساكنا لتسوية وضعية هؤلاء القضاة، بالرغم من أن القضية طرحت على رئيس نقابة القضاة جمال العيدوني، كما تمت مراسلة وزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز بشأن القضية التي ستؤدي إلى افتقاد سلك العدالة لأزيد من 100 قاض على الأقل من الدفعة ال 12، 13 و14 المتخرجة حديثا. سميرة بلعمري وتعود جذور الإشكال في القضية إلى القرار الذي اتخذته وزارة العدل من موقعها الوصي المباشر على تنظيم المسابقات ذات العلاقة بالقطاع سنة 2002 والتي أقدمت فيه على تعديل شروط مسابقة الالتحاق بالمدرسة العليا للقضاء بالتطرق إلى شرطين من بين شروط المسابقة، أولهما تخفيض سن دخول المسابقة الى سن 23 سنة بعدما كانت عند حدود ال 30 سنة وكذا إسقاط شرط حيازة شهادة أداء واجب الخدمة الوطنية، على اعتبار أن هذا الشرط جعل النسبة الأكبر من القضاة من الإناث، هذا الإسقاط لهذه العقبة جعل غالبية الملتحقين بالمدرسة العليا للقضاء من دفعة ال 12، 13 و14 من غير الحاصلين على شهادة أداء الخدمة الوطنية وعلى اعتبار موقعهم كإطارات دولة معينين بمرسوم اعتقدوا استفادتهم من الإعفاء غير أنهم تفاجأوا بوصول الاستدعاءات والتي حملت في غالبيتها تاريخ الالتحاق بالجهة المحددة. الغريب في القضية هو التزام وزارة العدل الصمت المطبق وعدم التدخل لتسوية هذه الوضعية العالقة، خاصة وأن عملية التقصي التي قامت بها "الشروق اليومي" أظهرت أن مدير الموظفين بالوزارة الوصية على غير دراية بالقضية ويجهلها تماما. "الشروق اليومي" اتصلت بعدد من القضاة الذين تلقوا استدعاءات الالتحاق بأداء واجب الخدمة، فعبروا عن قلقهم من المصير المجهول وطالبوا بتدخل رئيس الجمهورية شخصيا لتسوية وضعيتهم، كون أن القضية تتعدى صلاحيات وزير العدل حافظ الأختام، لتمتد الى صلاحيات وزارة الدفاع الوطني وهو العامل الذي يجعل تدخل القاضي الأول في البلاد ضرورة، على حد تعبيرهم. القضاة الذين التقتهم "الشروق اليومي" استندوا في امتعاضهم لتلقيهم استدعاءات أداء واجب الخدمة الوطنية، إلى تصريحات وزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز الذي عبر فيها في العديد من المناسبات عن حاجة قطاع العدالة وهي تنتهج نهج الإصلاح لتغطية أكبر ورفع تعداد القضاة مع تحسين نوعية التكوين والتأطير، علما أن معالجة القضايا على مستوى المجالس القضائية والمحاكم يستهلك الكثير من الوقت، مما يترتب عنه عدم البت في القضايا التي غالبا ما تنعكس سلبا في فض النزاعات. الجدير بالذكر أن تنظيم مسابقة بحجم مسابقة الالتحاق بالمدرسة الوطنية للقضاء يستهلك غلافا ماليا كبيرا يضاهيه الغلاف المالي الذي ترصده وزارة العدل لفترة التكوين المحددة بثلاث سنوات، على اعتبار أن القاضي المتربص يتقاضى منحة شهرية تتعدى في مقدارها 10 آلاف دينار، كما أن وزير العدل كان قد لجأ لرفع عدد الانتقاء في المسابقة من 150 قاض في كل دفعة إلى 300 قاض في كل دفعة، فما الحاجة إلى رفع هذا العدد إذا كانت غالبيتهم ستوجه لأداء الخدمة الوطنية والعجز في التغطية يبقى مستمرا.