رئيس نقابة القضاة جمال العيدوني في هذه المواجهة أكد جمال عيدوني رئيس النقابة الوطنية للقضاة، أن أدنى راتب يتقاضاه القضاة هو7 ملايين سنتيم و2000 دينار وأعلى راتب هو 16 مليون سنتيم و7000 دينار. * كما أوضح في رده على المحامين الذين يتهمون القضاة بتجاوز حدودهم وتوبيخ المحامين أثناء الجلسات قائلا "المحكمة ليست مكانا للدردشة والفوضى ويجب على الجميع احترامها ومنهم المحامون"، وبخصوص اتهام بعض القضاة بتقاضي الرشوة قال عيدوني إن الرشوة غير منتشرة بكثرة في أوساط القضاة بقدر ما هي منتشرة في قطاعات أخرى. * بالمقابل، يؤكد نقيب المحامين، رئيس الاتحاد الوطني لمنظمة المحامين، مناد بشير، ارتكاب بعض القضاة لما أسماه "تجاوزات في حق المتقاضين"، لكنه يعتبرها ظاهرة تتجه نحو الانحسار، ونفى النقيب تعرض المتقاضين للابتزاز من طرف المحامين مقابل الدفاع عنهم، وعرج على العلاقة بين الدفاع والقضاة ووصفها بالطبيعية. * * النقيب بشير مناد، رئيس الإتحاد الوطني لمنظمة المحامين * للأسف هناك قضاة ينساقون لمجرد مكالمة هاتفية * * في ظل سلم أتعاب مفتوح، توجه اتهامات للمحامين بابتزاز المتقاضين نظير الدفاع عنهم، ماذا تقولون بخصوص هذه القضية؟ * النقيب بشير مناد: الأتعاب منظمة بموجب نص القانون الناظم لمهنة المحاماة، غير أن المشرع الجزائري لم يحدد مبلغ أتعاب المحامين، في حين شدد على أن العلاقة بين المتقاضي والمحامي "تعاقدية"، بمعنى أن الأتعاب يتم الاتفاق عليها بين المحامي والمتقاضي بالتراضي، فالمواطن يمكنه أن يقبل بالمبلغ الذي يطلبه المحامي، كما يمكنه أيضا أن يرفض، ولذلك لا بد من التأكيد على أنه ليس هناك ابتزاز، لأن المواطن أمام خيارات كثيرة جدا، بحيث تضم الجزائر في الوقت الراهن ما لا يقل عن 24 ألف محام، وعليه يمكن القول إن هناك عرضا كبيرا مقارنة بطلب محدود، وعندما تكون قاعدة السوق غير متكافئة ومائلة لصالح كثرة العرض فهذا معناه أن الزبون هو من يفرض شروطه على المحامي وليس العكس. * * تتهمون القضاة بإصدار أحكام مبالغ فيها واللجوء إلى أحكام الحبس المؤقت بشكل تعسفي، لماذا؟ * النقيب مناد: القضاة أحرار في اتخاذ الأحكام والقرارات التي يرونها مناسبة للقضايا المطروحة عليهم طبقا لأحكام النصوص القانونية الضابطة لطبيعة أي ملف. وبالمقابل أمام المحامي طرق الرد القانونية أيضا. فمن يرى أن القاضي قد جانب الصواب أو أخطأ التقدير في أمر ما، فما عليه سوى إتباع الطرق القانونية عن طريق الاستئناف لدى المجالس القضائية، أو الطعن لدى المحكمة العليا أو مجلس الدولة. * نحن لا نناقش الأحكام والقرارات القضائية من حيث حق القاضي في السلطة التقديرية التي يخولها القانون إياه، وإنما نناقشها من الناحية الإجرائية، ونترك القاضي لضميره المهني، لكن إذا لاحظنا حدوث تجاوزات قانونية على هذا المستوى، فهناك طرق أخرى يبقى أمام المحامين القيام بها، وفي مقدمتها تقديم تقارير لكل من الجهات المسؤولة مباشرة عن القاضي، وكذا لوزير القطاع. * * يشتكي المحامون من حين لآخر من تعرض حقوقهم للهضم من طرف القضاة أثناء الجلسات، هل تم تجاوز هذه المشكلة بين الطرفين الرئيسيين في قطب العدالة؟ * النقيب مناد: في المدة الأخيرة لم نسجل حدوث انتهاكات لحقوق الدفاع على مستوى المحاكم والمجالس القضائية، وحتى على مستوى المحكمة العليا ومجلس الدولة. وإن تم تسجيل شيء من هذا القبيل، فمنظمة المحامين سوف لن تقف مكتوفة الأيدي، وسترفع القضية إلى الجهات المسؤولة. هناك تدابير ينص عليها القانون في مثل هذه الحالات، سنعمل على تقييد الأدلة واستعمالها ضد الهيئة التي انتهكت حقوق الدفاع. * * من يتحمل برأيكم مسؤولية تعطيل تنفيذ الأحكام القضائية؟ * النقيب مناد: قبل الحديث عن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية، ينبغي التمييز بين طبيعتها. فكما هو معلوم هناك أحكام وقرارات جزائية، وهذا النوع تتكفل بتنفيذه النيابة العامة، في حين أن الأحكام والقرارات العقارية والمدنية والتجارية وتلك المتعلقة بالأحوال الشخصية، فمسؤولية تنفيذها يقع على عاتق المحضرين القضائيين، وتنفيذ الأنواع الأخيرة من الأحكام والقرارات، عادة ما يصطدم بإشكالات الغموض في الحكم أو القرار أو في صعوبة التنفيذ. * فمثلا إذا تطلب تنفيذ حكم أو قرار ما استعمال القوة العمومية فهذا الأمر يتطلب إجراءات جديدة، منها موافقة الوالي الذي يبقى له الحق في النظر في الأمر، فقد يأمر بمواصلة التنفيذ أو يقرر العكس، بناء على ما يراه مناسبا للشأن العام. وأعتقد أن النسبة القليلة من الأحكام والقرارات القضائية التي لم تنفذ قد تم توقيفها على هذا المستوى. * * هل تؤمنون فعلا بوجود عدالة ليل وأحكام الهاتف؟ * النقيب مناد: الله وحده القادر على محاسبة القاضي.. لا الوزير ولا غيره. ومن هذا المنطق أقول أنه يتعين على القاضي أن يتمتع بشخصية قوية تجعله فوق الضغوط والإغراءات التي يمكن أن تسلط عليه عند أداء مهامه. * وهنا أتوقف لأقول بأنه ويا للأسف هناك قضاة ضعاف شخصيات ينساقون لمجرد مكالمة هاتفية من وزير قطاعه أو أية جهة نافذة. هذا واقع مؤسف، لكنني أؤكد بالمقابل أن هناك قضاة لا يأبهون لمثل هذه العقبات ولا يخضعون للضغوط مهما كان مصدرها. * * من هو بشير مناد؟ * الأستاذ بشير مناد، هو رئيس الاتحاد الوطني لمنظمة المحامين، ونقيب منظمة المحامين لناحية المدية للعهدة الرابعة على التوالي. انخرط في العمل النقابي لمهنة المحاماة منذ سنة 1988، قضى ما يقارب ربع قرن بمهنة المحاماة. * * جمال عيدوني رئيس النقابة الوطنية للقضاة * "عدالة الليل" خرافة، الرشوة لا تعني القضاة فقط والمحاكم ليست صالات للدردشة * * استفاد القضاة من زيادات معتبرة في أجورهم، هل أجر القاضي حاليا كفيل بإبعاده عن شبهة قبول الرشوة وتفادي الضغوط وتجسيد الإستقلالية؟ * + كلمة رشوة لها معاني كبيرة، رئيس الجمهورية في كلمته الأخيرة قال نحن في مرحلة محاربة الفساد، لا يجب أن نربط بين الزيادة في الأجور والرشوة، لأن القاضي الذي تعوّد على تقاضي الرشوة لا يستطيع التخلي عن سلوكه ولا يستطيع أن يصبر عليها مهما كان راتبه الشهري مرتفعا، لكن نحن ننظر للأمر على أنه من الضروري أن يكون القاضي مرتاحا ماديا حتى يؤدي واجبه على أكمل وجه، الزيادة التي تقاضيناها في أكتوبر الماضي بموجب قرار من رئيس الجمهورية وهو مشكور عليها كانت معتبرة، وأصبحنا نتقارب مع القضاة في بعض الدول المجاورة لنا، وبالتالي نقول إن هذه الزيادة جاءت في وقتها، الآن أصبح القاضي المبتدئ يتقاضى 7 ملايين سنتيم و2000 دينار، وأعلى أجر هو 16 مليون سنتيم و7000 دينار يتقاضاه القضاة الذين لديهم خبرة طويلة عكس ما تداولته بعض الصحف التي قالت بأن أعلى راتب يتقاضاه القضاة هو 25 مليون سنتيم، وكان أجر القاضي المبتدئ قبل هذه الزيادة يقدر ب 45 دينارا، أما سقف أجور القضاة أي أعلى راتب في أوساط القضاة فكان يقدر ب 8 ملايين سنتيم، ونحن نعتبر أن أجور القضاة تضاعفت عدة مرات منذ سنة 2002 إلى يومنا هذا، حيث استفدنا من زيادة في 2002 ، قبل أن نستفيد من الزيادة الأخيرة التي أقرها رئيس الجمهورية في 2008، وأعتبر أن هذه الزيادة في أجور القضاة جاءت في وقتها المناسب، ولكن هذا لا يعني أن هذه الزيادة ستقضي على الرشوة، لأن الرشوة موجودة في جميع القطاعات بدون استثناء وليس في مجال القضاء فقط، ويجب محاربتها، ونحن نعتبر أن ظاهرة الرشوة غير منتشرة بكثرة في أوساط القضاة بقدر ما هي منتشرة في قطاعات أخرى. * * الدفاع يتهمكم بالمبالغة في اللجوء إلى إيداع المتهمين رهن الحبس المؤقت، ليتبين فيما بعد أنهم أبرياء، وأنهم أودعوا السجن تعسفا ؟ * عدد الأشخاص الذين يوضعون رهن الحبس المؤقت ثم يخرجون براءة، قليل جدا، ويقدر ب 11 بالمائة من مجموع المحبوسين الموجودين في السجون، ولابد أن نعلم بأن إيداع المتهمين رهن الحبس المؤقت هو قرار تقديري، والقرار التقديري يختلف بين وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق، قاضي الجلسة، فربما قاضي التحقيق يجد من الأدلة ما يثبت أن المتهم فاعل للجريمة، فيضعه رهن الحبس المؤقت، ولكن قاضي الجلسة قد يرى العكس ويحكم ببراءته، ثم أن الحبس المؤقت هو إجراء تحفظي ضروري جدا، صحيح أنه يسبب ضررا معنويا للأشخاص الذين تثبت براءتهم فيما بعد، لكن لا مفر منه، لأنه ضروري لضمان سيرورة التحقيق وضمان سريته، وهو إجراء معمول به في جميع الدول وليس في الجزائر فقط، وهناك نص قانوني يعطي للقضاة كل الحق في اللجوء إلى الحبس المؤقت عندما يرون ذلك ضروريا، وهذه الصلاحيات أعطاها لهم القانون، ومن المستحيل أن نصل إلى 0 بالمائة من المحبوسين مؤقتا، وإذا قارنا عدد القضايا المفتوحة في العدالة سنجد أن عدد المحبوسين مؤقتا ضئيل، وإذا كان بعض المحامين يتحدثون عن ملفات موكليهم في العدالة، فهذا أمر آخر، ولا يجب أن يخلطوا الأمور، ويعمموا الأمر كله على القضايا الموجودة في العدالة، ولا يجب أن نخلط بين الدفاع عن حقوق الإنسان والدفاع عن المتهمين في المحاكم، وبودي أن أوضح أن التعويض لا يكون على الحبس المؤقت بل يكون على الخطإ القضائي ولهذا لا يستفيد المحبوسون الذين تثبت براءتهم فيما بعد من التعويض. * * - بعض المحامين يتهمون بعض القضاة بإهانتهم وانتهاك حقوق الدفاع خلال الجلسات العلنية؟ * + المحكمة مكان للعدالة والعمل وليس مكانا لتبادل أطراف الحديث، والدردشة، أو الفوضى. والقاضي مطالب بفرض سلطته كرئيس للجلسة، بدون تجاوز الحدود وإلا تخرج الجلسة عن إطارها القانوني المتمثل في دراسة الملفات والفصل فيها، هناك قوانين تسيير الجلسة ويجب على الجميع احترامها بما في ذلك المحامين، وحقوق الدفاع مضمونة في القانون والدستور، ولكن القانون ينص على أن سلطة تسيير الجلسة أثناء المحاكمة من صلاحيات القاضي، ولا يجب التحدث مع الزملاء أثناء الجلسة ولا التجريح ولا يسمح بالخروج عن موضوع الملف المطروح في الجلسة، نحن رجال قانون. * * -ما هو ردكم على من يتحدثون على ما يسمى ب "عدالة الليل"؟ * + بعض الناس يجهلون عمل القاضي، ولا يعلمون أن العديد من القضاة يستمرون في الجلسة إلى غاية منتصف الليل وقد يستمرون إلى الثانية أو الرابعة صباحا، وذلك لأن القاضي لا يتوقف حتى يكمل الملفات الموجودة بين يديه، القاضي ليس صحفيا أو طبيبا أو كاتبا، بل هو في نفس الوقت باحث وقاضي، ولهذا فإن العديد من القضاة يأخذون معهم الملفات إلى المنزل لدراستها، لأن القاضي يجب أن يكون مرتاحا ذهنيا عند دراسته للقضية، وان يتواجد في ظروف مريحة. * * - من يتحمّل مسؤولية تعطيل تنفيذ الأحكام القضائية؟ * لا يمكنني تحديد المسؤولية فهناك هيئات رقابة مخولة بمراقبة تنفيذ الأحكام. * * من هو جمال عيدوني؟ * جمال عيدوني هو الرئيس الحالي للنقابة الوطنية للقضاة، خلفا للأمين العام السابق محمد راس العين الذي سحبت منه الثقة بسبب اتهامه بإقحام النقابة الوطنية للقضاة في مشاكل سياسية بسبب تصريحات قال فيها إن "الحكم القضائي القاضي بعدم شرعية مؤتمر الأفلان غير شرعي لأنه حكم صدر ليلا"، وقد شغل عيدوني منصب أمين عام بالنيابة للنقابة بعد سحب الثقة من راس العين، وذلك طيلة الفترة الممتدة من 2004 إلى 2006 حيث انعقدت الجمعية العامة، وانتخب عيدوني رئيسا للنقابة، علما أنه التحق بسلك القضاء سنة 1992 . *