لا تزال ثورة الغضب من مسلسل"في حضرة الغياب" الذي يصور حياة الراحل محمود درويش، تشتعل بين أوساط المثقفين العرب، الناقمين بشدة على العمل والمطالبين بضرورة وقفه بعد ان وصفوه بالمهزلة.
* وترجم هؤلاء المثقفون غضبهم بالتوقيع على بيان للمطالبة بوقف عرض المسلسل الذي وصفوه ب"المهزلة"، كما تظاهروا أمام مقر التلفزيون الفلسطيني في رام الله لوقفه. * الى ذلك ، تتوالى الكتابات المعارضة للعمل الذي قام بإنتاجه وبطولته الممثل السوري، فراس إبراهيم، ومن إخراج نجدت أنزور. * حيث ذهب بعضها إلى حد وصف الممثل الرئيسي في المسلسل، والذي يقوم بدور محمود درويش فيه، فراس إبراهيم، -حسب ما نقلاته عنهم سي أن أن - بأنه من "النوعية التي لا تتورع عن الركوع أمام الربح الرخيص"، كما ذكرت الكاتبة الفلسطينية ليانة بدر، بل والسخرية من ضعف الممثل في نطق الحروف وقواعد اللغة العربية، كما فعل الكاتب سميح شبيب، والناقد فخري صالح. * وقالت ليانة في مقالة بعنوان "درس في الفن الرديء" في صحيفة الأيام الفلسطينية: "من قال إن الفن الرديء لا يمكن له أن يكون مدرسة نتعلم منها أصول الأشياء، ونزيد خبرتنا عبرها بالمدى الذي يمكن أن تصل إليه نهاياته! طبعاً، أنا لا أدعو إلى تبني الرداءة منهجاً، ولكني أظن أنه يمكن لها القيام بدورٍ تربويٍّ، أحياناً، حين تدفع الصدف أو الأقدار بأعمال تافهة كي تكون أمامنا وفي متناول أبصارنا." * وأضافت: "وهذه طبعاً ليست دعوة لمتابعة مسلسل فراس إبراهيم عن محمود درويش، بل إنها محاولة لاكتشاف مصدر الانزعاج الذي يشعر به جزء كبير من المشاهدين والجمهور من استمرار عرضه، رغم أن القنوات التلفزية تبث الغث والسمين طيلة الوقت." * وتابعت: "وهم لا يكفون عن اختراع قصص وصور نمطية وسطحية تشوه شخصية محمود، وتجعله كائناً هزيلاً يمكن لمن كان مثل فراس إبراهيم ادعاء تقمصه بكل ما لديه من نقص مبرح في الثقافة، ومن ضعف في نطق الحروف العربية، وسخف مضحك في تناول القصص، خصوصاً العاطفية منها، وقبل هذا ثقل دم لا لبس فيه بالتأكيد، وتطاول على قامات لا يمكن له الوصول إليها لتطويعها في سبيل المزيد من الربح والانتشار. * وفي الصحيفة نفسها كتب سميح شبيب مقال بعنوان "الغياب 'في حضرة الغياب'" يقول: حاولت جاهداً متابعة مسلسل "في حضرة الغياب"، لفراس إبراهيم، لكنني فشلت حقاً!. ما ورد في الحلقات الثلاث الأولى، من أداءٍ وأحداث وحوار ولغة، رفع السكّر في الدّم، وضغط الدّم وهو أخطر ما أعاني منه من أمراض دائمة، وما يشكله ذلك من مخاطر على قلبٍ معتل. * وأضاف: "العمل لا يمتاز بالسطحية والافتعال وعدم الدقة فحسب، بل إنه جاء عملاً متعجلاً، يتعرض لشخصية فنية عميقة بالأبعاد كافة، وهي شخصية تستحقّ حقاً، دراسةً متأنّيةً وحواراً مدروساً ودقيقاً، وأداءً سليماً، خاصةً فيما يتعلّق باللغة وقواعدها، وطرائق النطق بها. لا أقول إن المسلسل جاء مخيّباً للآمال فحسب، بل إنه جاء في إطار التشويه والإساءة إلى شخصية محمود درويش ودوره وتاريخه الثقافي والسياسي على حدٍّ سواء!" * وتابع يقول: "الإساءة هنا، تطال رمزنا الثقافي محمود درويش، كما تطال عائلته وأبناء شعبه، كما تطال كل ناطق بالعربية. وتقدم شخصيةً هي شخصية بعيدة عن روح شخصه محمود درويش وروحه وشعره وفلسفته." * أما الناقد فخري صالح، -حسب نفس المصدر- فقد هاجم فراس إبراهيم والمؤلف حسن يوسف والمخرج أنزور، واصفا العمل ب"البضاعة الفاسدة" في مقاله بجريدة الدستور الأردنية والذي جاء بعنوان "محمود درويش الغائب في مسلسل 'في حضرة الغياب.'" * وقال صالح: "لا تبشر الحلقات الأولى من مسلسل 'في حضرة الغياب'، الذي يتناول سيرة الشاعر الكبير محمود درويش، بالخير. إنه منذ البدايات يمثل صدمة كبيرة لا لمحبي محمود درويش وأصدقائه فقط، بل لمتذوقي الشعر كذلك الذين استمعوا إلى شعر مخلخل الإيقاع محتشد بالأخطاء اللغوية على لسان الممثل السوري فراس إبراهيم." * وأضاف: "فالممثل الذي أخذ على عاتقه إنتاج مسلسل عن سيرة محمود درويش، وأصر على تمثيل دوره في المسلسل، لم يكلف نفسه عناء قراءة الأشعار قراءة سليمة، ولم يسع هو، أو المؤلف حسن م. يوسف أو المخرج نجدت إسماعيل أنزور، إلى الاستعانة بشاعر أو قارئ حصيف للشعر لتصحيح الأخطاء المرعبة التي يرتكبها الممثل في كل لقطة يقرأ فيها شعر شاعر بحجم محمود درويش." * وتابع يقول: "لقد ارتكب الممثل مجزرة بحق درويش، باسم الرغبة في تجسيد حياة شاعر ملأ الدنيا وشغل الناس وبلغ بالقصيدة واحدة من ذراها المفصلية في تاريخ الشعر العربي على مر العصور." * وختم قائلاً: "ليس درويش حاضرا غائبا كما يشير العنوان المأخوذ من كتاب الشاعر البديع المسمى 'في حضرة الغياب' بل هو غائب تماما بصورة فاجعة. فلتتوقف المحطات الفضائية عن بث هذه البضاعة الفاسدة."