عد 18 سنة من أحداث 5 أكتوبر 1988، عرفت الجزائر تنظيم 13 استحقاقا انتخابيا، منه، تنظيم انتخابات محلية وتشريعية في العام 1991، وأخرى سنة 1997، وثالثة في 2002، وانتخابات محلية جزئية سنة 2005، كما شارك الجزائريون في ثلاثة انتخابات رئاسية، الأولى في نوفمبر 1995، فاز بها اليمين زروال، والثانية وكانت مسبقة في أفريل 1999، فاز بها عبد العزيز بوتفليقة، الذي تحصل على عهدة ثانية في انتخابات رئاسية، تم تنظيمها في أفريل 2004، فيما استدعيت الهيئة الناخبة إلى استفتاء شعبي حول تعديل الدستور في العام 1996، واستفتاء آخر عن قانون الوئام المدني في 1999، وكذلك استفتاء حول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، تم إجراؤه في سبتمبر 2006. جمال لعلامي 18 سنة عن اندلاع أول أحداث مأساوية من نوعها، لم يُشبع الجزائريين الخبز، بقدر ما أتخمتهم السياسة التي فرّخها ميلاد الديمقراطية والتعددية ووفاة عهد الحزب الواحد، وقد ولدت الأحداث قدوم ورحيل عدد لا يستهان به من الوزراء، تداولوا أو أعيد تعيينهم خلال التعديلات والتغييرات الحكومية الحاصلة بعد أكتوبر 88، وإلى غاية العام الجاري، حيث تشير أرقام الحركات الحكومية، قدوم وذهاب أكثر من 400 وزير، حملوا حقائب وزارية مختلفة ضمن 10 حكومات ترأستها وجوه مختلفة، منهم من سيّر شؤون الجهاز التنفيذي لأكثر من مرة في تعديلات تمّ بموجبها إجراء حركة في الحقائب والوزراء وأنهت مهام البعض الآخر. أول حكومة تعددية، جاءت مباشرة بعد أحداث أكتوبر، ترأسها المرحوم قاصدي مرباح، باسم تدشين عهد "التعددية والديمقراطية"، قبل أن يتم تعيين مولود حمروش على رأس "حكومة الإصلاحات"، التي سقطت على وقع تمرد وعصيان الفيس المحل في 1991، وقد تولى بلعيد عبد السلام الحكومة الثالثة، التي أعلن عنها بعد رحيل الرئيس الشاذلي بن جديد وعودة المجاهد محمد بوضياف للجزائر على رأس هيئة خماسية سميت المجلس الأعلى للدولة، وتواصلت الأحداث السياسية بتعيين رضا مالك رئيسا لحكومة "مكافحة الإرهاب" و"نقل الرعب إلى الطرف الآخر"، خلال ترأس علي كافي للمجلس، وانتهت مهمة الحكومة الجديدة، قبل تنظيم أول رئاسيات تعددية العام 1995، التي فاز بها الجنرال اليامين زروال، الذي عيّن أحمد أويحيى رئيسا لحكومة "العودة إلى المسار الانتخابي"، واستمرت مهمة المسمى برجل "المهمات القذرة" إلى غاية تعيين إسماعيل حمداني رئيسا لحكومة جديدة، أشرفت على تنظيم رئاسيات 1999، وبعد أسابيع من بحث الرئيس بوتفليقة عن حكومة "رجال الدولة"، كانت الفرصة لأحمد بن بيتور على رأس "حكومة تكنوقراطية"، انتهت، بتعيين علي بن فليس رئيسا "لحكومة العهد الجديد" والإصلاحات والسلم وتصحيح رواسب وأخطاء المرحلة السابقة، ليتم عشية رئاسيات 2004 إعادة أويحيى إلى رئاسة الحكومة، قبل تعيين عبد العزيز بلخادم رئيسا لطاقم حكومي قديم - جديد في ماي 2006. 18 سنة بعد أحداث 5 أكتوبر، قرأت سلسلة التغييرات والتعديلات الحكومية، الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار داخل الجهاز التنفيذي، وكان الإرهاب أهم حدث عشعش لأكثر من عشرية وخلف مئات الآلاف من الضحايا وأكثر من 20 مليار دولار، كخسائر تكبدتها الجزائر جراء أعمال النهب والتخريب والحرائق الإجرامية، وكانت أحداث "الربيع الأسود" بمنطقة القبائل، العام 2001، من بين أهم الانزلاقات التي جاءت بعد سنوات من "انتفاضة" أكتوبر، انتهت بدسترة الأمازيغية لغة وطنية، على وقع حركات احتجاجية مشابهة عبر عدد من ولايات الجمهورية، أثبتت استمرار مخاطر الهزات الارتدادية والانفجار الشعبي بعد 18 سنة من زلزال أكتوبر المدمر. مرحلة ما بعد أكتوبر 88، استدعت نتيجة التطورات الأمنية والسياسية والاقتصادية، اعتماد إطار قانوني منتصف التسعينيات، سمي بقانون الرحمة لاحتواء "المغرّر بهم" من الإرهابيين، وعرفت الجزائر بعد ذلك، تمرير قانون الوئام المدني في سياق مساعي تسوية الأزمة الدموية، حيث استسلم أزيد من 4 آلاف مسلح، وبعدها توسع المسعى بترسيم ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لطي الملف الأمني نهائيا، كما باشرت الدولة سلسلة من العمليات الكبرى، باسم الاصلاحات الوطنية الشاملة، في مجال الإصلاحات الاقتصادية وإصلاح هياكل الدولة والعدالة والمنظومة التربوية، ومباشرة مفاوضات مع منظمة التجارة الدولية والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي بعد عمليات تسريح العمال وغلق المؤسسات العمومية وخوصصتها، فماذا جنى "شعيب الخديم" بعد 18 من أحداث أكتوبر، التي شيعت جنازة الحزب الواحد وأمضت شهادة ميلاد التعددية والديمقراطية؟