دافع يوم أمس، مدير الوكالة الولائية للتسيير العقاري بوهران عن نفسه، مما وصفها المؤامرة الخفية التي حاكها ضده بعض "الأشخاص المجهولين"، واختارت لها إحدى الجرائد المحلية عنوان "الفضيحة المفبركة" والسبب كله وراء هذه الضجة التي أقامت عاصمة غرب البلاد ولم تقعدها بعد، هي مراسلة تحمل إمضاء وتوقيع إدارة الوكالة ممثلة في السيد خليل. وتتضمن الإشارة إلى ضغوطات مارسها والي وهران ضده من أجل إفادته بقطع أرضية، كما طالب فيها من رئيس المجلس الشعبي الولائي الإدلاء بشهادته لفض النزاع الحاصل والمهدّد بالتفاقم. "الرسالة الفضيحة" التي أربكت المسؤولين وجعلتهم يعطلون جميع برامجهم من أجل الرد عليها، دفعت بالسيد خليل، مدير الوكالة العقارية، إلى كشف وجود سماسرة، بعضهم معروف للجميع وآخرون لازالوا في حكم المبني للمجهول، هدفهم هو الابتزاز والتهديد من أجل الحصول على امتيازات تتمثل غالبا في قطع أراض، رغم أن خليل، أشار في كلامه إلى أن أمر الحصول على أراض لا يتم إلا في شفافية وطبقا للقانون والتعليمات التي أصدرها الوالي باعتباره رئيس مجلس إدارة "الوكالة العقارية"، وهو الأمر الذي لم يطبّقه المديرون السابقون له، حيث قام هؤلاء بمنح "استفادات عشوائية وامتيازات غير شرعية للإنتهازيين". والحديث عن سماسرة العقار، ليس جديدا، لذلك يربطه البعض بحملة منظمة تستهدف جرّ بعض أسماء المسؤولين وعدد من الرؤوس الكبيرة بكل الوسائل نحو هذا "المستنقع" الذي كشفت العديد من الملفات تورط البعض فيه "حد الثمالة"، وتورط البعض الآخر من منطلق اكتفائهم بالبقاء شهودا لم يروا شيئا، وهو موقع جنبهم المساءلة وجعلهم يختارون بدقة توقيت ومكان تلفظ ما لديهم من فضائح وملفات ساخنة. ويبدو السيد خليل واضحا جدا في كلامه، برمي بعض الفضائح على السلف من المديرين والمسؤولين الذين تناوبوا على الوكالة العقارية وتركوها تتخبّط في مشاكل مالية بحثا عن مستحقاتها التي بلغت 400 مليار سنتيم، وتمّ استرجاع 140 مليار سنتيم فقط.. وهناك أيضا فضائح أخرى تتعلق بالاستيلاء على سكنات وفيلات في بوفاطيس، وواد تليلات، وكاب فالكون.. وغيرها من المناطق، ورغم اكتفاء الوكالة العقارية بالقول أن العدالة ستأخذ مجراها في مثل هذه الملفات، إلا أن الأمر يستدعي متابعة دقيقة لكل التساؤلات، كما يفرز استفسارا جديدا، فيما إذا كانت هذه الملفات قد أخذت حقها من الاهتمام، خصوصا أنها ليست بالمطلق "فضائح مفبركة"، مثلما وصف بعض الزملاء مضمون الرسالة (!). من جانب آخر، فسّر البعض هذه الضجة، وكذا الاجتماعات السرية والعلنية التي تمّ عقدها فور نشر الموضوع بكون الأمر مردّه إلى ذكر إسم الوالي الطاهر سكران في المقال، علما أن وهران اعتادت "تجريم" مسؤوليها عقب مغادرتهم المناصب والكراسي، وهي عادة قد تكون "سيئة" في بعض الأحيان، لكن ليس في "كل" الأحيان! ويقول مدير الوكالة العقارية، السيد خليل، في ردّه أن من كتب هذه الرسالة وبعثها باسمه متواطئ مع "أباطرة المال والعقار" والذين يضيف المتحدث "حرمتهم من أكل الخبز على حساب القانون"، لذلك اهتدوا إلى مثل هذا "السلوك الدنيء" والمتمثل في "تزوير الإمضاء والختم" لقول كل شيء "باطل" ضد الوالي والوزير شكيب خليل. قادة بن عمار هل أن الوثيقة المرسلة إلى قاعات التحرير ومنها "الشروق اليومي"، الوثيقة التهمة، هي وثيقة غير موثوق منها ودسيسة خسيسة؟! الخبرة والخبراء هم وحدهم من يستطيع فك العقدة؟! لكن الوثيقة إياها والموقعة باسم "N.Khellil" (وهي وثيقة مكتوبة بالفرنسية.. طبعا!!) تبدو مراسلة إدارية لا غبار عليها، لولا ذلك الأسلوب "غير الإداري" الذي حرّرت به، فما جاء به النص قد لا يقال كتابة.. بل يقال شفهيا، اللهم إلا إذا كان المراد من المراسلة "حرق الأوراق وفضح لا رجعة فيه"!! وهذا ما لم يفترض أن يكون، كون "الموقع" المحتمل نفى على الفور أن يكون الإمضاء إمضاؤه والمراسلة مراسلته، كما ينفي المرسل إليه علمه بالرسالة أو استقباله لها في أي حال من الأحوال، مما يعني أن الصياغة هي صياغة شفوية غير إدارية قد لا تنسب لمسؤول إداري يخاطب مسؤولا إداريا منتخبا، ضد مسؤول إداري أول.. الوثيقة "غير الموثوقة" (التي تكون قد أوقعت عدّة ضحايا لها من بينها اليومية؟!) تم إرسالها يوم الخميس 16 على الساعة السادسة والربع إنطلاقا من فاكس يحمل رقم97 28 .42 / 041 (وهو ليس رقم فاكس الوكالة العقارية، بل رقم المنطقة المجاورة، مما يوحي أن الفاكس قد أرسل ما بعد العمل ومن مخدع هاتفي عمومي؟!) مما يعني أن في المسألة "إن وأخواتها".. وأن التزوير قد تطور جدا في بلادنا!! وأن "التصوير" قد نما جدا في تصورنا إلى درجة لا يمكن تصورها!! ع. ي ما الذي يدفع "البعض" إلى اتهام "البعض" بنهب العقار بوهران أو "الاستفادة" من مزايا يخولها "قانون المنصب" أو حتى "النصب"؟! ما الذي يدفع إلى الاعتقاد بأن "مشكل العقار" بوهران قد تحول إلى "قضية" كبرى تتلاقفها الأفواه والأسماع.. والجرائد؟!.. ما هو واقع حال مدينة وهران على ضوء "الرسالة المزعومة" التي وردت إلى قاعة تحرير بعض الجرائد ومنها "الشروق اليومي" والتي تكون مجرد تلفيق أساسها "التزوير" لوثيقة رسمية (على خلفية أن كل شيء صار يزور.. حتى "وثائق الدولة" كما ورد في الشروق اليومي لعدد يوم أمس؟!). لا أحد.. "ولا إثنين" يستطيع أن يؤكد أو أن ينفي أن الدخان لا يمكنه أن يكون بدون نار؟! والكل في وهران (بالخصوص.. وباقي الولايات على العموم..) عانت لسنوات من "نهب" للصحن الفلاحي المحيط بالمدينة قبل أن تمتد الأيادي "للصحون" الحضرية لتنهب أو لتختفي ملكيتها تحت أسماء ومدونات ومراجع متنوعة ومختلف أساليب وطرق ملتوية أقل ما يقال عنها "طرق غير قانونية لاستغلال القانون"! الرسالة الأخيرة "المزعومة" لمدير الوكالة العقارية بوهران المرسلة - حسب النص - إلى السيد رئيس المجلس الشعبي الولائي، تمثل "خرجة" أقل ما يقال عنها أنها "سابقة" وفريدة من نوعها، كونها تتهم المسؤول الأول للولاية "بالإبتزاز"؟! التهمة خطيرة وعلى مستوى عال من المسؤولية!! ولعل هذا ما دفع السيد خليل إلى إنكار هذه الرسالة جملة وتفصيلا.. بل وتنديدا بمحتواها الذي يكون "مفبركا" بمقاسات ومهارات مهنية عالية!! لسنا الآن بصدد الخوض في صحة الرسالة والمراسلة "المزعومة" من كذبها، لأن نفي المعني بالأمر للنص يعتبر كافيا إلى حين ثبوت العكس، غير أننا بحاجة إلى الوقوف قليلا عند سبب إثارة قضية العقار من جديد بوهران من خلال "تهمة مكتوبة" قد تكون مجانبة للحقيقة! "تأتي هذه التهمة" الجديدة لتعيد إلى الأذهان قضية "فضائح العقار" بوهران قبل نحو 6 سنوات أيام الوالي الأسبق بشير فريك وقوادري مصطفى والقضايا التي طرحت وقتها أمام العدالة والتي دخلت فيها - أو أدخلت فيها - أطراف من كل الأصناف بدت كأنها تصفية حسابات و "غسيل" محلي بين الشركاء في الإدارة والتسيير والفاعلين في الحقل السياسي و"الأعمال" والإعلام.. وحتى في السلك الأمني العسكري. الكل يتذكر ما نسب للسيناتور جمال الدين حبيبي وابنه زكريا الذي دخل السجن في قضية تبدو "مركبة" تركيبا حسب ما يقوله زكريا حول قطعة أرض قيمتها 10 ملايين سنتيم استفاد منها كما يقول بطريقة قانونية بوثيقة "موثق".. والكل يتذكر ما قيل عن تنازلات عن أملاك "عامة" وحتى عسكرية لصالح أبناء أعيان وشخصيات مدنية منها تعاونية الزهور التي يرأسها الأديب مولسهول والتي كان قادة هزيل قد أشار إليها في تقريره المفصل المنشور بالشروق اليومي. والكل يتذكر ما كتبته بعض الصحف وقتها (2001 - 2002) بشأن تورط شخصيات مهمة وأخرى "تحت الظل" في قضايا عقارية مماثلة (أراضي فلاحية.. وقطع أرضية وشقق..)، حتى أن الأمر بدا وكأنه "حرب مصالح" بين الفرقاء!! لا أحد يمكنه الآن أن يثبت حجم هذه التجاوزات - وجدت أم لم توجد - لأن العدالة المستقلة أو لجان تحقيق وطنية هي الوحيدة الكفيلة بإثبات الحقيقة أو نفيها أو توضيحها.. العودة اليوم إلى "ملف العقار" بوهران وبحدة، يؤكد أن مشكل العقار لايزال مطروحا.. بل إنه لم يحل ولم يحسم أمره في اتجاه معين. فإذا كان السيد خليل مدير الوكالة العقارية بوهران قد نفض يديه وتبرأ كلية من الرسالة المزعومة إلى السيد رئيس المجلس الشعبي الولائي، فإن إشارته إلى وجود "سماسرة العقار" في وهران والتي تكون وراء "فبركة" هذه الرسالة وصناعتها، تفيد أن "مافيا العقار" موجودة فعلا بوهران.. لكن.. على أي مستوى؟! .. هل هو على المستوى "الإداري" المصلحي.. - أي على مستوى المصالح الإدارية - الباحثة عن المصالح.. أو بتواطؤ معها؟! أم مافيا "المال والأعمال".. و"الشكارة" و"النفوذ" والتزوير.. أو حتى مافيا "المخدرات"؟! لا أحد يمكن له أن يجزم بأن "المافيا العقارية" بوهران هي مجردة من وسائل الدعم والإسناد الإداري، وعليه فإن عودة الاتهامات وعلى مستوى عال، من شأنه أن يعيد إلى الواجهة تلك المواجهة بين "الحلفاء" و"الفرقاء": حلفاء الأمس.. وفرقاء اليوم الذين قد تكون "المصلحة" قد جمعتهم.. لتفرق بينهم ذات المصالح. كتابة مراسلة "رسمية" بختم وتوقيع وتهم للوالي وللوزير شكيب خليل وإرسالها للجرائد، يبدو شكلا جديدا من "الحرب" الإعلامية على الأعمال! قد يكون المرسل والكاتب من الفئة إياها التي تحدث عنها السيد خليل مدير الوكالة العقارية والتي يسميها "بسماسرة العقار" الذين خسروا امتيازاتهم مع قرارات الوالي الحالي في كبح جماح الاستفادة من الاستثمارات.. وقد تكون المصلحة في توقيف مسار شخص معين يطمح لمنصب سيناتور أو يكون مرشحا له - حسب بعض الآراء - لكن مهما يكون.. فمشكل العقار قاتم وجاثم على الديار.. ولا يوجد دخان بلا نار. عمار يزلي. نفى رئيس المجلس الشعبي الولائي لولاية وهران، السيد جلول براهمة للشروق اليومي بصورة قطعية تسلمه للرسالة التي يكون المدير الولائي للوكالة العقارية قد بعث بها إلى رئيس المجلس الشعبي الولائي بشأن "مزاعم" الضغوطات الممارسة على هذا الأخير من قبل والي الولاية السيد سكران الطاهر قصد افتكاك ثلاث قطع أرضية، مثل ما حدث مع وزير الطاقة، شكيب خليل، الذي استفاد حسب نص "الرسالة المشبوهة" هو الآخر من ثلاث قطع أرضية "بكانستال"، حسب ما ورد في المراسلة التي كانت "الشروق اليومي"، قد تحصلت على نسخة منها، كما أنكر ذات المصدر أن يكون قد طلب منه أن يلعب دور الوسيط بين المدير الولائي للوكالة العقارية السيد خليل نوري ووالي وهران من أجل الحد من الضغوطات الممارسة عليه من قبل الوالي. وقد أكد "السيد جلول براهمة" على أن هنالك فوضى وتجاوزات عرفها "العقار" بولاية وهران نتيجة للممارسات غير القانونية من قبل مسؤولين سابقين في بعض الوكالات العقارية وهو الأمر الذي أكده المدير الولائي للوكالة العقارية لإحدى الجرائد الوطنية، في حين أن الشروق اليومي لم يتسن لها مقابلة أحد المعنيين مباشرة بالمراسلة وهو والي الولاية لمعرفة رأيه في القضية، حيث رفض مستشار الوالي على هامش زيارة وفد عن الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء لولاية وهران لتقييم ترشيد الحكم بها، أن يعطينا أي رد أو توضيح أو استقبال من طرف الوالي. م. حمادي