طفت إلى سطح الأحداث مجددا، قضية "الزبونة الوهمية" التي قلبت البنك الخارجي الجزائري بوهران رأسا على عقب، حيث استولت على 72 مليار سنتيم من إحدى الوكالات التابعة له واختفت تاركة وراءها عديد الإستفهامات، علما أن التحقيقات لا تزال متواصلة للوقوف على هوية هذه "المرأة الشبح". * فهل فعلا هذه الزبونة موجودة في الواقع؟ أم أن البيانات التي قيّدت في الوثيقة التي أخذت بموجبها القرض وهمية، استخدمها أشخاص آخرون للحصول على هذا المبلغ الكبير من المال؟ وإذا حدث هذا الأمر فعلا، فمن المسؤول عن هذه التجاوزات الخطيرة؟ أم أن القضية وما فيها مكيدة دبّرت في الليل من طرف بعض الأشخاص ضد مسؤولي البنك الخارجي بعاصمة غرب البلاد؟ * * مفجّر القضية متابع بجنحة القذف من طرف إطارات البنك * * القضية الشائكة التي تبادل على إثرها إطارات سامية بالبنك الخارجي الجزائري بوهران التهم في أروقة العدالة، فجّرها المفتش الجهوي السابق لهذه المؤسسة المصرفية، حيث رفع تقريرا إلى المديرية العامة للبنك بالعاصمة، ضمنها معلومات خطيرة تفيد بوجود زبونة للبنك مجهولة الهوية، تحصلت على ترخيص للحصول على قرض بقيمة 72 مليار سنتيم من وكالة "يوغوسلافيا"، وهي الإتهامات التي لم تتقبلها إطارات سامية بالبنك الخارجي بعاصمة غرب البلاد وجعلتها ترفع دعوة قضائية بتهمة القذف، ضد مفجر هذه القضية؛ كون أن هذه المعلومات التي وردت في التقرير الذي رفعه هذا الأخير غير مؤسّسة على دلائل منطقية، فضلا على أنها مرّغت سمعة هذه المؤسسة المصرفية في الوحل، "الشروق اليومي". من جهتها نبشت في هذا الملف الخطير، وتحصلت على بعض الوثائق المهمة، وفي مقدمتها وثيقة تحمل بيانات الزبونة الوهمية صاحبة القرض، كالاسم واللقب، تاريخ ومكان الازدياد، العنوان، وكذا تاريخ الحصول على القرض. * وجاء في وثيقة أخرى، وهي عبارة عن وكالة خاصة تتيح لصاحبة القرض تسيير شركة لأحد أقاربها، أن المدعوة: "ق.ف" المولودة بتاريخ: 8 أكتوبر 1955 بمدينة بوحنيفية بمعسكر، ومقيمة حاليا بوهران، بصفتها مسيرة للمؤسسة ذات الشخص الوحيد، R.O.A المؤسسة بموجب عقد محرر بتاريخ 11 مارس 2002، من طرف أحد الموثقين، لديها الحق في التوقيع بدل المدعو "ق.ع" -صاحب الشركة- في كل ما يتطلب حضوره والتصرف كما يفعل ذلك الموكل بنفسه، والأكثر من ذلك فإن العقد يسمح لها بإيداع أو سحب أي مبلغ من الحساب تحت رقم 76 / 2000 المفتوج لدى البنك الخارجي الجزائري -وكالة يوغوسلافيا-. مسؤولو البنك الخارجي بوهران، لم يبقوا مكتوفي الأيدي حيال هذه المعطيات الخطيرة، بل باشروا تحريات معمقة للتمكن من معرفة هوية الزبونة، وذلك تفاديا لتكرر سيناريو البنك الخارجي والصناعي أو ما عرف بقضية "البيسيا" التي تكبّد على إثرها البنك الخارجي خسارة مالية ب1300 مليار سنتيم، علما أن وكالة "يوغوسلافيا" كانت أكبر المتضررين، وزج بمديرها السابق في السجن، وأدين بعقوبة نهائية. * * الزبونة الطفلة تحصلت على 72 مليارا من البنك * * ولم تستبعد بعض الأوساط أن يكون وراء سحب المبلغ المالي الضخم من البنك الخارجي رجل أعمال، لم يشأ أن يفصح عن هويته، واستعان ببيانات الزبونة الوهمية، للتهرب من الوفاء بهذا الدين، في حين قلّلت مصادر أخرى من خطورة الوقائع، قائلة بأن القضية وما فيها لا تعدو مجرد أن تكون خطأ مهنيا قد ارتكب أثناء ملء بيانات الزبونة المذكورة، خاصة وأن وثيقة أخرى تحصلت "الشروق" على نسخة منها، تحمل معلومات غريبة، ففي خانة تاريخ الازدياد كتب بأن صاحبة القرض مولودة بتاريخ 11 مارس 2002، أي أن عمرها لما تحصلت على القرض -سنة 2005- كان 3 سنوات، وهو أمر يثير الإستغراب فعلا. * * الممثل القانوني للبنك: "الحديث عن زبونة وهمية سابق لأوانه" * * وأمام هذا التضارب في التصريحات الذي لم يتبيّن منها الخيط الأبيض من الأسود، تنقلت "الشروق" إلى مكتب الممثل القانوني، للبنك الخارجي بوهران؛ من أجل الحصول على بعض التوضيحات عن هذه القضية الشائكة، حيث قال بأن "الحديث عن زبونة وهمية في الوقت الحالي سابق لأوانه"، ما دامت "التحريات التي باشرتها مفتشية البنك والتي لا تزال متواصلة إلى حد الساعة، لم تتوصل إلى وجود زبونة من هذا القبيل"، و"القضية مسألة وقت فقط حسبه"، وقد تتوصل التحريات التي أحيطت ب"سرية تامة"، إلى وجود هذه الزبونة فعلا، كما شكك الممثل القانوني في المعطيات التي أسّس عليها المفتش الجهوي السابق -مفجر القضية- "ادعاءاته"، وقال بأنها غير واقعية، كون أن الخطأ "البسيط" الذي ارتُكب أثناء ملء بيانات الزبونة، وبالضبط في خانة الازدياد التي كتب عليها أن صاحبة القرض مولودة في تاريخ:11 مارس 2002 وعمرها كان 3 سنوات لما حصلت على 72 مليار سنتيم، فهو في حقيقة الأمر يتعلق بتاريخ تأسيس الشركة التي تحوز الزبونة على وكالة ترخّص لها تسييرها، هذا ولم يستبعد محدثنا، فرضية مكيدة دبّرت ضد إطارات سامية بالبنك الخارجي بوهران، مشهود لها بالمهنية والنزاهة.