غزالي عند نزوله ضيفا على منتدى الشروق تصوير: بشير زمري الفيس زور الإنتخابات التشريعية الملغاة لسيطرته على البلديات لست ابن النظام لأن النظام لا أصدقاء له أعلن رئيس الحكومة الأسبق سيد أحمد غزالي، في منتدى الشروق أنه لم يكن يوما من رموز النظام، متمسكا بممارسة المعارضة دون ترخيص لتشكيلته السياسية، معتبرا انسياقه وراء الإصلاحات وقوانينها التي يجهل مضمونها شهادة "زور"، فيما أبدى استعدادا للمحاسبة على خيار توقيف المسار الانتخابي واغتيال رئيس المجلس الأعلى للدولة الراحل محمد بوضياف، الذي كشف أن ابن هذا الأخير طالبه بكشف الأطراف التي اغتالت والده. * غزالي الذي دخن11 سيجارة، وهو يحاور الشروق، قال إن النظام لا يثق بأحد حتى أويحيي ليس مدللا، وإنما مجرد عون ليس إلا، وإن أعتبر الإصلاحات "كذبة" فقد أكد أن الفساد في سوناطراك مؤامرة لمسح إنجازات بومدين، ووضعيتها اليوم لا تعدو سوى انقضاض للغربان على فريسة انتهت نتيجة طريقة التسيير بعد رحيل بومدين مباشرة. * * قال إن ابنه ناصر طالبه بكشف الحقيقة * استقلت من منصبي بسبب إغتيال بوضياف ومستعد للمحاسبة في مقتله * أبدى رئيس الحكومة الأسبق سيد أحمد غزالي، استعداده للمثول أمام المحكمة للمحاسبة في اغتيال الرئيس محمد بوضياف، بعد أن استقال من منصب رئاسة الحكومة وعضوية اللجنة المركزية للأفلان، مشيرا إلى أن فرضية المؤامرة في قضية إغتيال بوضياف تسقط أمام استحالة وجود دليل فعلي على ذلك، معتبرا مقتل رئيس المجلس الأعلى للدولة وعلى خطورته شبيه إلى حد ما بمقتل الرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي. * وقال ضيف منتدى الشروق أن كل من يزعم أنه لعب دورا في إقناع بوضياف بالدخول الى الجزائر، كذاب، مهما كان وزنه، مؤكدا أن الرجل ليس من أوزان وأحجام الرجال التي ترضى بلعب أدوار عرائس "الڤراڤوز"، لأنه سبق وأن اعتذر عن منصب أول رئيس للجزائر غداة الاستقلال اقتناعا منه أن المنصب سيكون مجرد واجهة فقط، وقبلها الرئيس أحمد بن بلة، وإن اعترف أنه كان من بين ال5 مسؤولين الذين جلس إليهم بوضياف عندما لبى النداء بعد ثلاثة أيام من دعوته، وكان ذلك يوم اثنين بعد أن دعي لتولي شؤون البلاد يوم جمعة، قال أن بوضياف رفض الإستماع إلى عرضي بخصوص الوضع في الجزائر، إذاك، ونقل عنه أنه رد عليه باللغة الفرنسية "لا داعي لإطلاعي بذلك، لأن مجرد وجودي هنا هو التزام مني"، مضيفا فهمت من كلامه يومها أنه حسم قراره رغم أن زيارته كانت للاستكشاف فقط. * غزالي أضاف "أنا كرئيس حكومة يومها لم أفكر في بوضياف حلا أبدا، لكن عندما طرحت الفكرة باركتها"، وبتلقائية قال "جبنا بوضياف وقتلناه"، موضحا "على الأقل هذا هو الكلام الذي سمعته وأنا في موكب نقل جثمان بوضياف إلى مقبرة العالية بعد اغتياله"، واعترف صراحة أن الرجل كان مبعث قلق لقوى المصالح، رافضا أن يكشف هوية هذه القوى. * واعتبر محدثنا أن استقالته من رئاسة الحكومة وعضوية اللجنة المركزية للأفلان، تحمل للمسؤولية، ولو عند مستوى الاعتراف بالعجز في توفير الأمن والحماية لرئيس دولة، ذلك لأن ما تعرض له بوضياف ظلم للجزائر، وأكد قلت لابن بوضياف الذي طالبني بكشف ما أعرف عن اغتيال والده "أدليت بشهادتي بكل ما أعرف عند التحقيق الأمني معي"، وأجدد "أنا مستعد للمحاسبة"، غير أني أقول للجميع "لا وجود لدليل على مؤامرة دبرت لاغتيال بوضياف"، وأسقط حديثه على انعدام دليل المؤامرة على مقتل الرئيس الأمريكي جون كنيدي التي بقيت علامات الاستفهام والتعجب ملازمة لمقتله في دولة كأمريكا. * * الفيس المحل زور انتخابات تشريعيات 92 * حمل غزالي الفيس المحل مسؤولية تزوير تشريعيات 1992، مستندا في اتهاماته على تحكم الفيس في البلديات وإحكام قبضته عليها إذاك، حيث قال رغم التزامنا بشفافية الانتخابات التشريعية في 92 إلا أن غيرنا لم يلتزم، والفيس المحل زوّر نتائج الانتخابات التشريعية، وسعى للوصول إلى السلطة ولو عن طريق التزوير. * كما اعتبر العنف الذي أعقب إلغاء المسار الانتخابي ليس العنف الوحيد الذي سجله تاريخ الجزائر، مشيرا إلى أن عنف الفيس المحل كان رد فعل على عنف سابق للنظام الذي رفض التخلي عن السلطة لغيره. * * السلطة لم تستفد من أخطائها طيلة 20 سنة * "توقيف المسار الانتخابي ضربة في الهواء ومستعد للمحاكمة" * قال رئيس الحكومة الأسبق، سيد أحمد غزالي، إن توقيف المسار الانتخابي لتشريعيات العام 1992، لم يحقق الأهداف المرجوة منه، لكنه أعلن بالمقابل استعداده للمثول أمام المحاكمة، باعتباره أحد أعضاء المجلس الأعلى للأمن الذي اتخذ القرار. * وذكر غزالي في منتدى الشروق: "كان يعتقد الذين أوقفوا المسار الانتخابي، وأنا واحد منهم، أن القرار من شأنه أن يخدم الممارسة السياسية على مستوى عال، غير أنه يبدو أن النظام السياسي لم يستفد من أخطائه فتراكمت عليه الأزمات وعجز عن حلها". * وأوضح ضيف الشروق أن السلطة لا تزال ترفض الاستفادة من أخطائها قائلا: "ما لاحظته خلال العشرين سنة التي أعقبت وقف المسار الانتخابي، هو أن النظام السياسي لم يستخلص الدروس والعبر من الخلفيات التي كانت وراء تصويت الجزائريين على قوائم الجبهة الإسلامية للإنقاذ (المحلة)"، وهو ما كان وراء وصفه للقرار بأنه "ضربة في الهواء". * وأعلن وزير الخارجية الأسبق تحمله كافة المسؤولية في اتخاذ هذا القرار من موقعه كرئيس حكومة، وتابع: "لست نادما على مشاركتي في وقف المسار الانتخابي.. وأنا مستعد للمحاكمة إذا تقرر الذهاب إليها، لكن بشرط أن يطال الأمر الذين اتخذوا القرار بدون استثناء". * وقدّر المتحدث بأن أعضاء المجلس الأعلى للأمن مطلع التسعينيات، "لم يوقفوا الانتخابات لاعتبارات أو حسابات شخصية، وإنما كنا نعتقده القرار الأسلم للحيلولة دون سقوط البلاد في مغامرة غير محسوبة العواقب"، مشيرا إلى أن الكثير من المعطيات ساهمت في اتخاذ قرار كهذا، على غرار الفراغ الذي طبع هرم الدولة، في إشارة إلى إقالة أو استقالة الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد. * . * الإصلاحات "كذبة" وتزكيتها شهادة زور لصالح النظام * وصف ضيف "الشروق" الاصلاحات السياسية التي أطلقها الرئيس بوتفليقة ب "الكذبة" التي صدقّها الكثير، وقدّر بأنها لعبة من ألاعيب السلطة لربح المزيد من الوقت، في مواجهة الاحتقان السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي تعصف بالبلاد. * وقال غزالي معلقا على الإجراءات التي اتخذتها السلطة لطمأنة المعارضة بشأن الانتخابات التشريعية المقبلة: "الاصلاحات مصطلح قديم جدا، ولست أدري إلى حد الآن ما هي هذه القوانين التي تكرس الإصلاحات. وعندما تلقي السلطة بهذا المصطلح إلى التداول السياسي والاعلامي، فهذا يعني أنها لا تزال صامدة في رفض الاعتراف بأنها تعاني من أزمة". * وأضاف: "لا يمكن القول بأن الوضع على ما يرام، ثم نقدم على مراجعة القوانين وتعديل الدستور. هل الدستور لم يمكن السلطة من معالجة القضايا العالقة التي تهم المواطن مثل السكن والبطالة وضعف الخدمات الصحية؟ هذا يفقد المصداقية". * كما قال إن "السلطة هي من يخرق القوانين"، ودعاها لاحترام القوانين السارية المفعول، مشيرا "لما تتحدث السلطة عن إنشاء قانون جديد للأحزاب، فهل هذا يعني أنها ستحترمه؟"، لافتا إلى أنه سوف لن يزكي الإصلاحات حتى لا يشهد شهادة زور لصالح السلطة وضد الشعب. * وعرج المتحدث على قضية حزبه، الجبهة الديمقراطية، قائلا: "لقد أعطاني قانون الأحزاب الاعتماد قبل 12 سنة.. لقد قدمت ملفا كاملا في 1999، والداخلية ذاتها قالت إنه أشمل ملف وضع منذ بداية التعددية، غير أن وزير الداخلية لما سئل من طرف أحد نواب المجلس الشعبي الوطني، عن أسباب التأخر في منح الاعتماد قال إنه لا زال قيد الدراسة، لكنه وبعد أزيد من سنة سئل مرة أخرى، فرد بالقول إنه لا زال قيد الدراسة، مبررا موقفه بأن مدة 60 يوما لا تكفي، فأين هذا من القانون"؟ * وتابع: "بعد سنة 2000 قررنا مباشرة العمل السياسي انطلاقا من المادة التي تقول بأنه إذا لم ترد وزارة الداخلية في مدة أقصاها ستين يوما، فنحن معتمدون طبقا للمادة 22 من قانون الأحزاب السابق، لكننا تفاجأنا بالحرمان من القيام بالتجمعات وحتى من إنشاء حساب بنكي باسم الحزب.. إن السلطة ظلت تخرق القانون بصفة مفضوحة طيلة 12 سنة، ثم تأتي اليوم بقانون أحزاب جديد. فهل يمكن تصديق جدية السلطة"، وهو ما دفع بالمتحدث إلى القول بأن الإصلاحات السياسية هي "مجرد كذبة، وهذا إطلاقا من الوقائع التي نعيشها". * * لو كنا في دولة تحترم نفسها لأقيل أويحيى لهجومه على تركيا * عبر رئيس الحكومة الأسبق عن استغرابه من تصريحات الوزير الأول أحمد أويحيى لرئيس الوزراء التركي طيب أردوغان، وقال: "لو كنا في دولة محترمة، لتمت تنحيته في الثانية التي أدلى فيها بتصريحه هذا". * وتابع غزالي: "انتقاد أردوغان لجرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر حقيقة يؤكدها العسكريون والمؤرخون الفرنسيون.. ألم يقل الجنرال بيجو بعد 12 سنة من احتلال الجزائر، لقد قتلنا ثلاثة ملايين جزائري، الفرنسيون أنفسهم يعترفون. هذه قضية لا يمكن إنكارها، وعليه فليس لرئيس الحكومة الحق في مهاجمة أردوغان لأن القضية الجزائرية أصبحت قضية عالمية". * * النظام لا يثق في أحد.. حتى أويحيى ليس مدللا وإنما مجرد عون * تنصل رئيس الحكومة للفترة الأكثر حساسية وحرجا في تاريخ الجزائر، من النظام السياسي، ورغم تقلده منصب مدير سوناطراك ووزير الخارجية ورئاسة الحكومة، وسفير الجزائر بباريس إلا أنه يقول أنه ليس ابن النظام المدلل، وفضل أن يصنف نفسه في خانة السلطة العمومية المكلفة بتوفير الخدمة للمواطن. * ويرفض محدثنا أن تكون هذه السلطة التي يزعم ضمن دائرة أعم هي دائرة النظام. * وعن وجوده ضمن كل هذه المناصب، إن لم يكن يحظى بالرضي، قال "النظام لا صديق له، ومهما كان الشخص الذي يبدو للمجتمع مدلل النظام، فهذا غير صحيح، وهناك فرق بين مدلل النظام وعون النظام وخادمه وضمن هذه الخانة صنف الوزير الأول أحمد أويحيى، وقال إن النظام لا يثق في أحد بمن في ذلك هذا الأخير أو غيره بدليل محدثنا أن أويحيى رئيس الحكومة أصبح بتعديل الدستور الأخير لا يعدو سوى وزير، شأنه شأن باقي الوزراء، وهو التعديل الذي جعل من رئيس الجمهورية رئيس الحكومة الفعلي، منتقدا التشكيلة السياسية التي تبارك أداء الرئيس وتنتقد حكومته، في إشارة واضحة منه الى تصريحات زعيمة حزب العمال لويزة حنونة. * * الفساد في سوناطراك مؤامرة لمسح إنجازات بومدين * قال المدير العام الأسبق لسوناطراك ومؤسسها، سيد أحمد غزالي إن فساد هذه المؤسسة الإستراتيجية وتهاوي أسهمها لم يكن وليد العشرية الأخيرة، وإنما ما عرفته مؤخرا كان تحصيل حاصل طال فريسة منتهية بعد أن عرف الفساد طريقه إليها بمجرد رحيل بومدين، مؤكدا وجود نية مبيتة بعد مجيء الرئيس الشاذلي بن جديد لهدم سوناطراك التي جاء ميلادها مناقضا لرغبة النظام، عدا الرئيس الراحل هواري بومدين ورئيس الحكومة الأسبق بلعيد عبد السلام . * واسترسل غزالي موضحا "لا مجال للمقارنة بين سوناطراك قبل الثمانينات وبعدها، لأن هذا الإنجاز الذي كان وليد 9 سنوات من العمل لتأميم المحروقات كان يقطع يد كل من يحاول سرقة سوناطراك، والمحاولات كانت عديدة، غير أنها لم تتمكن من ذلك". * وأضاف رغم شعار الاستمرارية والوفاء للرجل الذي رفعه المؤتمر الرابع، إلا أن خليفة بومدين ركز على تكسير سوناطراك بنية مبيتة لمسح إنجازات الرجل والتي تعد سوناطراك وتأميم المحروقات أهمها، قبل أن يستوقفه الفساد في سوناطراك اليوم ويختصر الأمر، في أن ما تشهده اليوم سوناطراك ما هو إلا تحصيل وانقضاض للغربان على فريسة منتهية أتت عليها فترة التسيير في الثمانينات. * * * تصوير: بشير زمري