طالبت جبهة البوليساريو الاتحاد الأوروبي بإلغاء جميع اتفاقيات الصيد المبرمة مع المغرب وجميع الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعها مع المملكة المغربية، والتي تمس الأراضي والمياه الإقليمية للصحراء الغربيةالمحتلة، كما طالبت الاتحاد بتجميد الاتفاقية التي تمنح الرباط صفة الوضع المتقدم في العلاقة مع الاتحاد الأوروبي. وذكرت الجبهة في بيان صادر مساء السبت عقب اجتماع طارئ لأمانتها الوطنية برئاسة الرئيس محمد عبد العزيز بأن وجود عشرات الآلاف من النازحين الصحراويين في مخيمات العراء شرق مدينة العيونالمحتلة، احتجاجا على أوضاعهم السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، بأنهم أبعد ما يكونون عن التمتع بخيراتهم الطبيعية، التي تتعرض للنهب المكثف من طرف سلطات الاحتلال المغربي. وتمثل الامتيازات الاقتصادية التي منحها المغرب للأوروبيين في المناطق الصحراوية إحدى الأوراق التي تستعملها الرباط من أجل كسب دعم الاتحاد الأوروبي لمشروع الحكم الذاتي، ويتعلق الأمر بصفة خاصة بالتنقيب عن النفط الذي يعتبر الثروة الأكثر أهمية بالنسبة للأوروبيين الذين يبحثون عن مصادر مستقلة للطاقة تسمح لهم بالتحرر من التبعية للولايات المتحدةالأمريكية التي تسيطر على منطقة الخليج العربي . والتي بها أكثر من ثلثي الاحتياطي العالمي المؤكد من النفط، وتراقب عن كثب المناطق الأخرى ومن ضمنها إفريقيا. وتسعى المملكة المغربية إلى جعل الاتفاقيات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي أحد أشكال الاعتراف الغربي بالأمر الواقع الذي فرضته في الإقليم محل النزاع من خلال احتلالها لأراض واسعة منه، كما أن هذه الاتفاقيات تتحول في حالات كثيرة إلى رشوة تقدمها الرباط من أجل التأثير على مواقف الحكومات الأوروبية من قضية الصحراء الغربية، وهناك رسالة واضحة دأب المغرب على توجيهها إلى الأوروبيين ومفادها أنه سيبقى الحارس الأول للمصالح الغربية في المنطقة ، وأنه الطرف الوحيد الذي يمكن أن يضمن هذه المصالح في حين أن بروز دولة مستقلة في الصحراء الغربية قد لا تكون في مصلحة أوروبا. ورغم أن بعض الشركات الأوروبية، وخاصة الإسبانية والفرنسية تستفيد من هذا الوضع، إلا أن هناك ضغوطا يمارسها المجتمع المدني وحتى وحتى أوأة وحتى أعضاء في البرلمان في بعض الدول الأوروبية من أجل الامتناع عن الاستثمار في الأراضي الصحراوية ، باعتبارها محل نزاع وأن الاحتلال المغربي لها غير شرعي، وكمثال على هذا كانت الحكومة الألمانية قد اعتبرت في مطلع السنة الجارية عمليات الاستكشاف واستغلال الثروات الطبيعية في الصحراء الغربية عملا غير قانوني، وجددت التأكيد على أنها تعتبر مسألة الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار، وقد جاء موقف الحكومة الألمانية ردا على أسئلة وجهها أعضاء في البرلمان الألماني حول نظرة الحكومة لاستغلال ثروات الصحراء الغربية، والموقف من قضية المناضلة الصحراوية "أمينتو حيدر"، وقد طالب النواب الألمان حكومة بلادهم باتخاذ موقف واضح من قضية الصحراء الغربية يكون منسجما مع الشرعية الدولية، وقد كان رد فعل الحكومة هو التأكيد على أن برلين تضع القضية الصحراوية ضمن خانة تصفية الاستعمار، وأنها تعارض استغلال المغرب لثروات الصحراء الغربية، وتعارض مشاركة الأوروبيين في هذا الاستغلال أو تزكيته، ويتقاطع هذا الموقف مع موقف كان قد عبر عنه النائب السابق للأمين العام للأمم المتحدة هانس كورل الذي أكد أن استكشاف واستغلال الثروات الطبيعية في الصحراء الغربية هو عمل مناف لقواعد القانون الدولي كما تشير إليه التشريعات الخاصة باستغلال الثروات الطبيعية في المناطق غير المستقلة. ألمانيا التي تمثل ثقلا كبيرا في الاتحاد الأوروبي، تؤثر بشكل كبير في توجيه القرار الأوروبي، وكان هذا الأمر قد برز من خلال قدرتها على إعادة صياغة عدة مشاريع سياسية بعد أن عارضت المبادئ التي قامت عليها، ومشروع الاتحاد من أجل المتوسط الذي كانت فرنسا قد طرحته خضع للتعديل بسبب الضغط الألماني، حيث عبرت برلين عن رفضها قيام أعضاء في الاتحاد الأوروبي بانتهاج سياسة خارجية موازية لسياسة الاتحاد، وقد طالبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بتعديل المشروع حتى يصبح مشروعا أوروبيا مشتركا مع دول جنوب المتوسط ، وليس مشروعا متوسطيا يقصي بقية الدول الأوروبية، وقد خضعت باريس للضغط وحولت الاتحاد المتوسطي إلى اتحاد من أجل المتوسط يشمل دولا أوروبية غير مطلة على البحر المتوسط. التنبيه الذي أطلقه الرئيس محمد عبد العزيز أول أمس يأتي ليعيد إلى الواجهة قضية استغلال الثروات الصحراوية من قبل الاحتلال المغربي ومن قبل الاتحاد الأوروبي الذي يغض الطرف عن نشاطات شركاته ، رغم أنه من الناحية السياسية لا يعترف بسلطة المغرب على الإقليم، وهو ما يعني أن تصاعد الاحتجاج والنضال الصحراوي من شأنه أن يدفع الحكومات الأوروبية إلى مراجعة موقفها من الاتفاقيات الاقتصادية التي تشمل استغلال الثروات في الصحراء الغربية، كما حدث مع ألمانيا التي استجابت إلى الضغط الذي تصاعد بفعل الحركة الاحتجاجية التي قامت بها الناشطة "أمينتو حيدر".