نغفل عن الطفل وبعد أن نفتقده، نبحث عنه لنجده في المطبخ يترنح، يحاول البكاء فلا يستطيع، يصرخ فلا يطيق، يختنق وتزداد دموعه ورجفته، وعينانا ترقبه حائرة، لننتبه فجأة إلى تلك القارورة الملقاة، يتدفق منها سائل ذو رائحة نفاثة، فتبدأ المأساة..! 546 حادثا منزليا خلال 3 سنوات بالعاصمة للأسف هذه الحوادث تتكرر مرارا داخل الكثير من البيوت الجزائرية، فقد أثبت إحصائيات قام بها مجموعة من الأطباء على مستوى مستشفيات العاصمة أجريت على حالات الإسعاف الأولية وهذا خلال سنتي 2009-2008 و2010، أثبتت أن من بين 546 حالة حادث منزلي نجد 272 حالة تسمم بمواد الكيميائية المخصصة للتنظيف، أي أنها تحتل الصدارة بنسبة 62 بالمائة، كما أن أغلبية هذه الحوادث ضحاياها أطفال تتراوح أعمارهم بين السنة والأربع سنوات، وبذروة بلغت 34 بالمائة ما بين سنتين وأربع سنوات. مواد التنظيف ومستحضرات التجميل خطر على الأطفال تستعمل الكثير من المواد الكيميائية في أغراض منزلية، فمنها ما يستعمل في التنظيف ومنها ما يوجه خصيصا لأجل الطلاء والتلميع مثل"الجافيل"، "النظاف"ونحوهما، ومنها ما يشترى بهدف القضاء على الحشرات والفئران أو لأغراض صحية مثل المواد المطهرة ومستحضرات التجميل وما شابه، ومن أهم الأعراض التي يمكن أن يتعرض لها الطفل عقب وصوله إلى تلك المواد نتيجة استنشاق بعض المواد، إصابته بالتهابات وسرعة التنفس بصورة سطحية يليه ضيق في التنفس وفقدان للوعي وعطس حاد وإحساس ب"الحريق" أو وخزاً في الأنف والحلق أو السعال أو تغير نبرة الصوت أو سيلان الأنف، وعند ملامسة الجلد يمكن أن تسبب المادة تهيجا للجلد وحروقاً جلدية من الدرجة الثانية والثالثة مع تآكله، أما عند ملامسة العينين فيمكن أن يسبب التماس المباشر لبعض السوائل وحتى الأبخرة ألماً يصاحبها دمع بالعينين وحروقاً وتقرحا عميقا للقرنية وآفات خفية غير قابلة للشفاء قد تؤدي إلى العمى، في حين أن الابتلاع قد يسبب حروقاً حول الفم وتآكل الأغشية المخاطية للفم والحلق والمرء وصعوبة أو عدم المقدرة على البلع أو الكلام، أو مذاقاً حامضياً شديداً وغثياناً وتقيؤاً وإسهالاً دمويا وصدمة وانقطاعاً في البول وتضيقات مريئية ومعدية، كما أن تضرر المعدة والأمعاء من شأنه أن يؤدي إلى إصابته بالتهاب قد يكلفه حياته. وحول الخسائر والتبعات التي قد تسببها مثل هذه الإصابات على الطفل ومحيطه، فنقول إنها عديدة، ونذكر منها بالإضافة إلى الآلام والحروق التي يعاني منها الطفل، توتر نفسيته وتعامله مع محيطه مدى حياته بسبب عقدة العاهة أو نقص جراء الإصابة، كما يسبب ذلك الحادث أيضا صدمة نفسية كبيرة للمحيط خاصة الأسرة الصغيرة فيبدأ تبادل التهم واللوم حول المسؤول الأول عن الإهمال بدون أن ننسى آثارها على المجتمع، خصوصا ماديا بتحميل الدولة والمجتمع أعباء مالية كبيرة لعلاج مثل هذه الحالات على المدى البعيد. نصائح وإرشادات لابد منها لتجنب الأسوأ كان كل هذا مجرد تلخيص لأهم أضرار إهمال المواد بمكان به أطفال لكنه يدعونا لدق نقوس الخطر للتنويه بضرورة إتباع طرق وقاية بصرامة أهمها، وضع جميع المستحضرات المنزلية بعيداً عن متناول يد الطفل، فمن الأخطاء الشائعة التي تقع فيها الأم هي وضع مواد التنظيف في زجاجات أو أواني منزلية على مقربة منهم، وهو ما يسهل على الأطفال الوصول إليها، معرضين بذلك حياتهم للخطر في حالة تناول محتويات تلك المواد، لذا يجب على الأم مراعاة عدم الوقوع في ذلك الخطأ الشنيع، إذ أنه من الضروري جداً أيضا أن تتوافر المنظفات الخطرة في عبوات خاصة صعبة الفتح، بحيث يكون غطاؤها شبيهاً بأغطية بعض أنواع عبوات الأدوية التي تفتح بالضغط والدوران والضغط، وتقنية فتح العبوة بهذه الطريقة تكون صعبة على الأطفال، مع عدم الوقوع في خطأ تخزين المواد السامة في نفس المكان الذي تحفظ فيه مواد الطعام، وإضافة إلى هذا فعلى كل أسرة التعامل مع الحوادث بهدوء، دون أن تفوت الإلمام ببعض طرق الإسعاف الأولية مثلا في حالة ابتلاع سائل خطر يجب تفادي إعطائه سائل آخر كالحليب مثلما هو شائع والإسراع إلى أخذه مباشرة لأقرب مقر مصلحة استعجالات. توعية أفراد الأسرة بمخاطر هذه المواد خطوة لابد منها كما أن تزايد مخاطر الإصابة بالحوادث المنزلية حاليا بات يفرض على الأسر الجزائرية توعية جميع أفرادها بخطورة المواد الكيميائية الموجودة بالمنزل، وذلك بتكثيف الحملات التوعوية، خاصة فيما يتعلق بأهمية عدم دخول المناطق المرشوشة بالمبيدات وبعض مواد التنظيف إلا بعد فترة، وما تجدر الإشارة هنا هو أن الإرشادات الوقائية الموجودة على بعض عبوات مواد التنظيف غير كافية، ما يعني أنه يجب أن يتضمن كل ملصق لائحة مختصرة على؛ المخاطر الصحية المحتملة، التأثيرات السمية، الطرق الوقائية التي توضح سبل التعامل مع مثل هذه المواد، الإسعافات الأولية عند التعرض أو الإصابة بضرر ما عقب تناول مثل تلك المواد الخطرة، إرشادات تحذيرية تنبيهية حولها.